غير مصنف --

محمد لطيف يكتب: سد النهضة .. ولا يزال فينا من يكابر!

(كان من الحضور الدكتور إبراهيم الأمين الطبيب ذو النشاط السياسي
المعلوم والاهتمامات الاقتصادية الباهرة .. قلت للحضور إن لدكتور الأمين هذا سلسلة مؤلفات بعنوان السودان الأخضر .. طرح من خلالها سؤالا جوهريا .. إذا كانت مصر تمتلك السد العالي كمشروع
قومي حشدت حوله المصريين .. وإذا كانت اثيوبيا الآن تحشد الإثيوبيين حول سد النهضة .. فماذا لدى السودان .. ؟ وأضفت إن كنا ندعم قيام سد النهضة .. فعلينا أن نخرج على الرأي العام بمشروعنا القومي .. الذي نسعى لحشد السودانيين حوله .. فماذا لدينا هنا ..؟)
هذا ما ختمنا به تحليل الأمس ونحن نستعرض وقائع لقاء محدود ضمنا
في ردهات وزارة الري السودانية مطلع الأسبوع .. وكنت قد قلت لكم ايضا .. إن تلك الجلسة قدمت إجابات على سؤال الدكتور إبراهيم الأمين وعدت بعرضها اليوم .. ولكن .. وقبل عرض الرؤية السودانية دعونا نقف أولا .. عند رؤىً أخرى .. ربما تعزز ما ذهبت إليه
مخرجات ذلك اللقاء .. فقبل نحو سبع سنوات او أكثر .. كان العالم المصري المعروف فاروق الباز في زيارة للسودان بدعوة من جامعة المستقبل .. والباز الذي لن يشكك أحد في علميته .. ولن يشك أحد في وطنيته .. قال ..(إن سد النهضة لن يؤثر على مصر والسودان، وكل حديث يدور بأن هناك آثاراً سالبة للدولتين عبارة عن كلام سياسي، لأن الدراسات العلمية أثبتت غير ذلك ) .. ثم أضاف الباز العالم
المعروف مصري الجنسية كلاماً كان ينبغي أن يوزنه السودانيون بميزان الذهب .. فماذا قال ..؟ قال (إن سد النهضة بالنسبة للسودان بمثابة السد العالي بالنسبة لمصر )..! لاحظ أنه لم يقل بالنسبة لإثيوبيا .. بل قال بالنسبة للسودان ..! ولا يزال فينا من يكابر ..!
وقبل أن ندلف الى وقائع جلستنا دعونا نقتطف مرة أخرى شهادة خارجية .. فبعد سنوات من إفادة الدكتور فاروق الباز جاء تقرير مطول نشرته الجزيرة نت حول سد النهضة .. لم يجد معدوه غير الفقرة التالية كفقرة مفتاحية لذلك التقرير ..(اليوم في إثيوبيا، يقترب أكبر سد ومحطة لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا من الاكتمال. يمتلك سد النهضة الأثيوبية الكبرى على نهر النيل القدرة على تحويل اقتصاد إثيوبيا جذريا وإحداث ثورة في القطاع الزراعي في السودان ،جار إثيوبيا إلى الشمال الغربي ..).. ورغم ذلك ما زال بيننا من يكابر أيضا ..!
نعود الآن الى جلسة السبت التي نظمتها وزارة الري لعدد من الخبراء والمهتمين .. كانت الإجابة على السؤال الجوهري .. ما هو المشروع القومي الذي ينبغي أن يحتشد حوله السودانيون ..؟ كانت الإجابة في الواقع تفسيرا لإفادة فاروق الباز وترجمة لتقرير الجزيرة عن ثورة للقطاع الزراعي في السوداني .. فقد أفاد خبير الموارد المائية .. إن الناتج المباشر من سد النهضة للسودان .. والذي سيقوم بإعادة تنظيم تدفق وجريان النيل .. سيمكن السودان من زراعة مساحة تعادل مساحة الجزيرة بالتمام والكمال .. فإذا علمت عزيزي القارئ .. أن مساحة الجزيرة تفوق المليوني فدان .. وإذا كان معدل إنتاج الفدان من القمح حوالى 2 طن في الحد الأدنى .. فهذا يعنى إنتاجا إضافيا من القمح يبلغ أربعة ملايين طن .. تزيد ولا تنقص .. مع ملاحظة مهمة .. أن الحديث هنا فقط عن الكمية المهدرة من حصة السودان والتي تبلغ نحو سبعة ونصف مليار متر مكعب سنويا .. كانت تذهب شمالا .. لعجزنا عن استيعابها في مشاريعنا أو مواعيننا المائية .. ربما هذه الحقيقة هي التي تدفع البعض للظن .. وليس كل الظن إثم .. أن معركة مصر الحقيقية في سد النهضة .. مع السودان لا مع اثيوبيا ..رغم أن خبراء مختصين .. وفيهم مصريون .. يؤكدون أن سد النهضة ربما يؤثر على نمط حياة المصريين .. لا على حياتهم .. ورغم ذلك ما
زال بيننا من يكابر أيضا ..!
ولا تكتمل الإجابة إلا بالإشارة الى جاهزية مشاريع مثل .. الدندر والروصيرص والرهد 2 .. للاستثمار .. ثم حدث عن الإمداد الكهربائي المنتظم منخفض القيمة ..ولا تنسى سلامة الضفاف من الفيضانات مع آلاف الضحايا في كل عام .. ورغم ذلك ما زال بيننا من يكابر .. هل يجرؤ أحدهم على مطالبة المصريين بالتخلي عن السد العالي ..؟ فلم الجرأة هنا إذن ..؟!
إنها القاعدة الذهبية … ضعفك يدعم خصمك بأكثر مما تفعله قوته..!

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى