أصدر بنك السودان المركزي ضوابط تنظيمية جديدة شدد فيها الرقابة على عمليات الاستيراد، مُلزِماً المستوردين بتقديم الشهادة الجمركية وشهادة الوارد خلال مدة لا تتجاوز شهراً واحداً من تاريخ استخراج استمارة الاستيراد الإلكترونية (IM)، في خطوة قال إنها تهدف إلى ضبط الإجراءات وتعزيز الانضباط في قطاع الاستيراد.
وبحسب القرار، تُلزم المصارف التجارية بإخطار إدارة النقد الأجنبي في بنك السودان بأسماء العملاء غير الملتزمين بالمهلة المحددة، على أن تتم مخاطبتهم فوراً عبر إنذارات رسمية. وفي حال انقضاء شهر إضافي دون توفيق الأوضاع، سيتم حظر المستورد من مزاولة نشاط الاستيراد إلى حين استيفاء المطلوبات.
كما وجّه بنك السودان المركزي بمراجعة استمارات الاستيراد المدرجة في نظام الصادر والوارد الإلكتروني، اعتباراً من 1 يونيو 2024، لحصر الحالات المصنفة تحت بند «متاحة للجمارك»، على أن تُستكمل المراجعة خلال خمسة أيام عمل.
وشدد القرار على رفع قوائم العملاء غير الملتزمين في ملفات بصيغة EXCEL إلى البنك المركزي تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية.
انتقادات اقتصادية وتحذيرات من آثار سلبية
في المقابل، أثار القرار موجة انتقادات حادة في الأوساط الاقتصادية. واعتبر الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي عزمي عبدالرزاق أن الخطوة، رغم مظهرها التنظيمي، تمثل امتداداً لقرارات “غير مدروسة” قد تُفاقم اختناق الاقتصاد السوداني.
وأوضح عبدالرزاق أن مهلة الثلاثين يوماً لا تراعي التعقيدات الواقعية لحركة الشحن، مثل تأخر السفن، ازدحام الموانئ، أعطال الرافعات، أو ظروف النقل البحري الخارجة عن إرادة المستوردين، محذراً من أن القرار قد يعاقب الفاعلين الاقتصاديين بسبب ظروف قهرية.
وأشار إلى أن أي خلل تقني في أنظمة الجمارك أو المصارف قد يؤدي إلى حظر كامل للمستورد، واصفاً ذلك بأنه إجراء “غير متناسب مع حجم المخاطر”، وقد ينعكس مباشرة على السلع الاستراتيجية ومدخلات الإنتاج.
وحذر خبراء من أن هذه الضوابط قد تؤدي إلى توقف خطوط إنتاج في بعض المصانع، وزيادة نقص السلع الأساسية، خاصة الأدوية، فضلاً عن تنشيط السوق الموازي للنقد الأجنبي بدلاً من الحد منه.
ويفتح القرار الباب أمام جدل واسع حول قدرة البنك المركزي على تحقيق التوازن بين الرقابة المالية واستمرار النشاط التجاري، في اقتصاد يعاني أساساً من هشاشة في سلاسل الإمداد والتمويل.




