اخبار السودان

هارفارد: “هل سيبقى السودان؟!!

أصدرت مجلة ترانزيشن الثقافية العريقة، التابعة لمركز هاتشينز للأبحاث الأفريقية والأفريقية الأمريكية بجامعة هارفارد، عددًا استثنائيًا مكرسًا بالكامل للسودان بعنوان “هل سيبقى السودان؟”، تديره الأكاديمية والأنثروبولوجية السودانية رقية أبو شرف. ويعيد هذا العدد طرح سؤال وجودي بات يفرض نفسه على المشهد السوداني: هل يمكن لدولة أنهكتها الحرب أن تنجو؟

لوحة الغلاف.. تاريخ يتقاطع مع الذاكرة الجمعية

اختارت المجلة لوحة “موكب (زار)” للفنانة كمالا إبراهيم إسحاق غلافًا لهذا الإصدار، في رسالة بصرية تختزل جوهر الأزمة السودانية عبر الفن والذاكرة. اللوحة لا تزيّن الغلاف وحسب؛ بل تعيد التأكيد على أن الثقافة ركيزة أساسية لفهم اللحظة السودانية الراهنة.

أين يقف السودان في خريطة الاهتمام العالمي؟

يتساءل العدد بصراحة: لماذا يغيب السودان عن دائرة الاهتمام الدولي رغم فظائع الحرب؟ بينما تستهلك غزة وأوكرانيا عناوين الأخبار، تُرتكب جرائم موصوفة بـ”الإبادة الجماعية” في السودان دون غضب عالمي موازٍ. ويعكس هذا السؤال هاجسًا يتردد صداه في منصات التواصل الاجتماعي عبر حملة #AllEyesOnSudan.

روايات من قلب الأزمة.. لا مجال للتجريد الأكاديمي

تؤكد رقية أبو شرف في مقدمة العدد أن المقالات والقصص الواردة “تنبع من تجارب حيّة”، لا من تحليلات بعيدة عن الواقع. فهي شهادات لعائلات هاربة من نقاط التفتيش، وفنانين يوثقون التعذيب، وكتاب رأتهم الحرب وجهاً لوجه، ما يجعل الكتابة جزءًا من النجاة، لا مجرد تسجيل للتاريخ.

حرب ليست سودانية فقط.. بل نموذج عالمي جديد

يرى الكتاب أن الحرب في السودان ليست صراعًا محليًا منعزلًا، بل جزء من مشهد عالمي أوسع تتحكم فيه قوى تسلح المجاعة، وتمول الحروب بالوكالة، وتحوّل الموارد إلى أوراق ضغط. السودان، وفق قراءة العدد، ليس استثناءً بل مرآة لآليات السلطة في النظام الدولي.

محتوى ثري يجمع الأدب والتحليل والسياسة والفن

يضم العدد مشاركات لكتّاب بارزين من داخل وخارج السودان، من بينهم:
رقية أبو شرف، جمال محجوب، فاتن عباس، أحمد عبد العال، قاص الصادق، سوزي ميرغني، ديفيد ميخائيل
وشعرًا لـ محمد الفيتوري، صفية الحلو، ندى حسين، لميس بدر.
أما التحليلات السياسية والتاريخية فجاءت بقلم أليكس دي وال، نسرين الأمين، أحمد سيكاينجا، حسن موسى، حميد علي.

ويعرض الإصدار أعمالًا فنية لكبار التشكيليين السودانيين، بينهم:
كمالا إسحاق، إبراهيم الصلاحي، صلاح المر، ريم الجيلي، أمل بشير، أحمد شبرين، عثمان وجيلا وغيرهم.

تراكم تاريخي لستة عقود من تأثير ثقافي

تأسست مجلة ترانزيشن عام 1961 في أوغندا كمنصة فكرية لقضايا أفريقيا، وتحوّلت لاحقًا إلى منبر دولي تحت إشراف هنري لويس جيتس الابن منذ 1991. ويأتي العدد الخاص بالسودان امتدادًا لهذه الرسالة، ومحاولة لإعادة البلاد إلى مركز النقاش العالمي.

هذا العدد لا يطرح سؤال البقاء بوصفه عنوانًا صحفيًا، بل كصرخة وجودية:

إذا كان السودان ينجو مرة بعد أخرى، فهل ينجو هذه المرة؟
الإجابة — كما يلمح كتّاب ترانزيشن — لن تأتي من الخرائط السياسية وحدها، بل من قدرة السودانيين على الدفاع عن ذاكرة لا تريد أن تُمحى، ومن العالم إن قرر أخيرًا أن ينظر حقًا إلى السودان.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

الوليد محمد

الوليد محمد – صحفي يهتم بالشؤون المحلية والإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى