
أفادت مصادر طبية وإنسانية موثوقة أن مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تواجه ما وصفته بـ”أسوأ أزمة إنسانية في تاريخ السودان الحديث”، حيث يعيش أكثر من نصف مليون شخص تحت حصار مشدد منذ ما يزيد عن 500 يوم، في ظل شح كارثي في الغذاء والدواء، ووسط تحذيرات متصاعدة من وقوع إبادة جماعية.
ووفق معلومات حصل عليها ” الراي السوداني ” فإن قوات الدعم السريع لا تزال تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المدينة، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الوفيات ونقص حاد في المواد الأساسية، في وقت تُستخدم فيه مخلفات عصر الفول والسمسم، المعروفة محليًا بـ”الأمباز”، كوجبة رئيسية لعشرات الآلاف من الأسر.
وأظهرت مقاطع مصورة تم تهريبها من داخل المدينة طوابير طويلة أمام نقاط توزيع المياه، وأطفالًا يعانون من أمراض سوء التغذية، وسط انهيار تام للقطاع الصحي.
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أقر في تغريدة عبر منصة “إكس” بأن الأوضاع في الفاشر ترتقي إلى ظروف مجاعة، داعيًا إلى فتح ممرات إنسانية فورية وآمنة دون قيود. لكن شبكة أطباء السودان وصفت هذا الاعتراف بـ”المتأخر والصادم”، محذّرة من أن المدينة على حافة كارثة لا يمكن احتواؤها.
وقالت المتحدثة باسم الشبكة، الدكتورة رزان المهدي، إن الوضع تجاوز مرحلة الخطر، معتبرة أن ما يحدث في الفاشر يمثل “إبادة جماعية مكتملة الأركان”، محمّلة قوات الدعم السريع المسؤولية الكاملة عمّا وصفته بـ”المأساة المُمنهجة”.
على الأرض، يشهد السوق المحلي انفلاتًا غير مسبوق في الأسعار، حيث بلغ سعر جوال الذرة أكثر من 3,000 دولار أمريكي، ما يعكس حجم الكارثة الاقتصادية والإنسانية في المدينة. وتقول منظمات إنسانية إن الفاشر باتت تعيش عزلة تامة عن العالم الخارجي، فيما ترتفع نداءات الإغاثة دون استجابة حقيقية من المجتمع الدولي.
وتؤكد تقارير دولية أن الأزمة في الفاشر ليست معزولة، بل تمثل صورة مصغّرة لمعاناة ملايين السودانيين في ظل الصراع المستمر منذ أكثر من عام. ومع استمرار الحصار وتصاعد الانهيار، يواجه المجتمع الدولي اختبارًا حاسمًا بين التنديد اللفظي والتحرّك الفعلي.









