منوعات

يوسف الموصلي: صوت السودان بين الصدق والرومانسية

بورتريه ـ عبدالمنعم هلال 

يوسف عثمان محمد بلال، الشهير بـ”يوسف الموصلي”، هو أحد أبرز الفنانين السودانيين الذين جمعوا بين الأصالة الموسيقية والموهبة الشاملة في التأليف واللحن والشعر. وُلِد بالخرطوم غرب، وتلقى تعليمه منذ المرحلة الابتدائية مرورًا بالمدارس الأهلية، الوسطي، الإنجيلية المصرية، وانتهاءً بالثانوية في مدرسة جمال عبد الناصر. شغفه بالموسيقى دفعه لدراسة التأليف والتوزيع بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح في السودان، وحصل على ماجستير من كونسرفتوار القاهرة، وماجستير آخر من جامعة أيوا الأمريكية في مجال تأليف الموسيقى الإلكترونية.

بدأ الموصلي مسيرته الفنية كفنان شعبي بارع في الإيقاع باستخدام آلة الرق، ولفت الأنظار من خلال حفلات حي الصحافة. كانت بداياته مع فرقة “قشلاق البوليس الغربي” التي تحولت لاحقًا إلى فرقة “بلابل الغربي”، ثم أصبحت “يوسف ود الصحافة” مع انتقاله للحي ذاته في السبعينيات، ليكون أول فنان سوداني يحمل اسم الصحافة. يوسف لم يقتصر على الغناء فقط، بل كتب ولحن أغانيه بنفسه، مؤسسًا بذلك أسلوبه الخاص الذي يمزج بين البساطة والصدق العاطفي.

أولى خطواته الفنية الفعلية كانت مع أغنية “بريدك يا حبيبي بريدك”، التي ارتجلها بنفسه في مرحلة مبكرة من حياته الفنية. الأغنية لم تكن مجرد تجربة موسيقية، بل كانت انعكاسًا صادقًا لمشاعر الشباب والوله العاطفي، لتصبح بعد ذلك أيقونة رومانسية ترددها أجيال السودانيين، حتى ظن المستمعون أحيانًا أنها أغنية شعبية متوارثة.

تتميز كلمات الأغنية ببساطة لغوية وصدق عاطفي: تكرار عبارة “بريدك.. بريدك” يعكس لهفة القلب، و”زي وهاج العين” يضفي جمالًا بصريًا للمعشوق، بينما تعبيرات مثل “ما برضى البجيب زعلك أنا” و”ولا برى البفرق اتنين” تظهر التمسك بالعلاقة وإصرار الحب على الصمود رغم كل الظروف. الأغنية تتدرج في شعورها الرومانسي لتصل إلى “أسلم ليك كل أمري” و”لعطفك ولونك الخمري”، معبرة عن حب شامل يغذي الروح ويجعل للحياة معنى.

يوسف الموصلي ليس مجرد مطرب، بل هو شاعر موسيقي أصيل استطاع أن ينسج من بساطة الكلمات وموسيقى الإيقاع السوداني لوحة رومانسية صادقة، جعلت من “بريدك يا حبيبي بريدك” أغنية خالدة في الوجدان الشعبي.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى