فايز السليك يكتب:
طه سليمان.. جدل المضمون وجرأة الطرح
ما يميّزه هو الجرأة والقدرة على الابتكار، والخروج عن المألوف.
فما الفن إذا لم يكن تمرّدًا على النمط والسائد؟
في هذه المساحات يبرز طه سليمان، لا كمغنٍ فقط، بل كإنسان يسعى للابتكار، يجتهد، ويحاول.
نتذكر قبل نحو ربع قرن عندما أثار الجدل بأغنية سنتر الخرطوم؛ رآها البعض أغنية مبتذلة، فيما فرح بها كثيرون، وصار كلٌّ منهم يرددها وفق حالته المزاجية:
“سنتر الخرطوم السهر بالكوم.. سنتر الخرطوم الوسخ بالكوم.”
ثم ظهر الشاب الوسيم بتقليعات في الأزياء، لكنها – للأمانة – لم تكن حصرية على طه، بل سبقه إليها الحوت محمود عبد العزيز، وحبيبو نادر خضر، رحمهما الله.
إلا أن الشاب طه لم يتوقف عند المظهر، بل ساقته خطاه نحو الأغنية المصوَّرة (الفيديو كليب)، أو الدراما، أو ما يمكن وصفه بالغناء التمثيلي.
وهذا ما تفتقر إليه الأغنية السودانية، إذ اتسمت بالجمود؛ فالأغنية التلفزيونية لا تزال أسيرة الفنان الجامد، الثابت، وأسلوب الأوركسترا، أو برامج التلفزيون التي تقتصر على “الونسة” والقعدات.
طه كسر هذه الرتابة، واقتحم بجرأة عالم الصورة والحركة، والرؤية البصرية المبهرة.
اختفى طه لمدة عامين عن الساحة الفنية، لكنه كان بين أهله طوال أيام الحرب، يقدّم الخدمات للمحتاجين، وهذا دور عظيم.
ومع ذلك، لم نسمع له هتافًا لغرض “الشو الوطني” أو الانسياق مع القطيع الذي تقوده بعض المغنيات.
وظهر طه في حفل القاهرة يوم الجمعة الماضي، وكان مبتكرًا ومتميزًا في حضوره وتفاعله مع جمهوره.
وأذكر أنه قبل الحفل، ظهر بكليب غازل فيه الحواتة، وشباب الثورة (الشفاتة).
طه سليمان ظاهرة فنية تستحق التأمل.
ربما يختلف الناس حول مضمون بعض ما يقدّمه، لكن ما يعجبني فيه هو جرأته وابتكاره.
وأتمنى أن يتّخذ من القاهرة منصة انطلاق نحو فضاءات المحيط العربي، لا سيما وأنه، بذات الجرأة، لا يتحرّج في انتقالاته الموسيقية بين السلمين الخماسي والسباعي، كما بدا واضحًا في حفل مدينة الرحاب.