اخبار السودان

أم صميمة الآن …

أعلنت مليشيا الدعم السريع سيطرتها على منطقة “أم صميمة”، الواقعة على بعد نحو 60 كيلومتراً غرب مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، وذلك بعد انسحابها منها في مايو الماضي. ووصفت الدعم السريع هذا التقدم بأنه “نصر نوعي واستراتيجي”، يندرج ضمن خططها العسكرية لتوسيع نطاق الانفتاح العملياتي في المنطقة.

 

وكانت القوات المسلحة السودانية قد أعلنت سيطرتها على “أم صميمة” في 11 مايو 2025، في موقع استراتيجي قريب من منطقة الخوي، التي لا تزال تحت سيطرة الدعم السريع.

 

تزامن إعلان السيطرة مع ظهور مقاطع فيديو على منصات تابعة للدعم السريع، توثق عمليات إعدام جماعي لعناصر من الجيش السوداني في المنطقة ذاتها. وقد أثار هذا المشهد موجة من الغضب والأسى، حيث وصف الصحفي عبد الماجد عبد الحميد ما جرى بأنه مؤشر على استمرار المؤامرة ضد السودان، وامتداد للدعم الممنهج المقدم للمليشيات المسلحة لتنفيذ أجندات تدميرية في البلاد.

 

وعبّر أحد المشاركين في المعارك عن حزنه قائلاً إن من سقطوا في “أم صميمة” هم أشرف من أولئك الذين يتنازعون على المناصب والسلطة، مؤكداً أن هذه التضحيات الجسام تستدعي وقفة تأمل جادة من قيادة الدولة والجيش، في ظل واقع معقد وظروف ميدانية حساسة في كردفان الكبرى ودارفور.

 

الهجوم على “أم صميمة” اعتبره كثيرون محاولة لخنق مدينة الأبيض، وأكدت المصادر أن هذا التصعيد يتطلب تعبئة شاملة واستنهاضاً للهمم، في معركة لم تضع أوزارها بعد، بل تزداد شراسة وتعقيداً، وتتطلب إعادة ترتيب الأولويات واستعادة زخم المقاومة الوطنية.

 

وفي تصعيد خطير آخر، هاجمت قوات الدعم السريع قرية “شق النوم” الواقعة شمال مدينة بارا بولاية شمال كردفان. وبحسب مصادر محلية، فإن الهجوم الأول كان بدافع النهب، حيث تصدى له الأهالي بأسلحتهم البسيطة، ما دفع القوة المهاجمة إلى التراجع. لكن بعد أقل من ساعة، عادت المليشيا بقوة أكبر قادمة من مدينة بارا، مزودة بعشرات المركبات العسكرية، لتقوم بإحراق القرية بالكامل، وقتل جميع من وجدوا في طريقهم من المدنيين، رجالاً ونساءً وأطفالاً وشيوخاً، دون رحمة.

 

الهجمات لم تتوقف عند حدود “شق النوم”، بل طالت القرى المجاورة، حيث توغلت المليشيا إلى “أبو قايده” و”حلة حمد”، ومارست هناك أعمال قتل وتنكيل وحرق للمنازل ونهب للممتلكات، في تكرار مرعب لسيناريوهات القتل والتشريد والإبادة التي شهدتها مناطق أخرى مثل ولاية الجزيرة.

 

وقد أوردت مصادر محلية أن عدد شهداء قرية “شق النوم” وحدها بلغ حتى الآن 311 قتيلاً، في حين لا يزال يجري حصر الجرحى والمصابين. كما حذرت من أن المليشيا تسعى لفرض حصار خانق على مدينة الأبيض، التي تُعد مركز الثقل في شمال كردفان وخط الدفاع الرئيسي عن العاصمة أمدرمان.

 

ما حدث في قرى شمال بارا و”أم صميمة” يعكس واقعاً مأساوياً ويمثل جريمة إبادة جماعية بكل المقاييس، وسط دعوات متزايدة لتدخل عاجل وحاسم من الجهات المعنية لحماية المدنيين. وناشد خبراء وسكان محليون أبناء كردفان بالاستجابة لدعوات الاستنفار، والانخراط تحت لواء القوات المسلحة كما فعل أبناء الجزيرة من قبل، دفاعاً عن الأرض والعرض، في معركة مصيرية من أجل بقاء الوطن.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

منى الطاهر

منى الطاهر – صحفية متخصصة في القضايا الاجتماعية والإنسانية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى