غير مصنف --

قسما لن ننسى دماء الشهداء.. بقلم احمد يوسف التاي

السودان اليوم:
《1》
انقطعتُ عن الكتابة الراتبة ثمانية أياماً حسموماً مُرغماً بسبب “وعكة” خفيفة ،فازددتُ يقيناً أن التوقف عن كتابة المقال الراتب أشدّ وطأة من المرض، ذلك لأن الكتابة بالنسبة للمحترفين ليست مجرد مهنة وأداء واجب بل هي “الأوكسجين” النقي الذي يتنفسه الكاتب الصحافي، فالكاتب الذي يتوقف قسراً عن الكتابة أشبه بحال المريض الذي يعاني حالة من “الاختناق”، تتضاعف هذه “الحالة” كلما يسمع أو يشهد موقفاً أو حدثاً وهو عاجز عن التعبير عنه…
في تلك الأيام جرت أحداث ومواضيع كثيرة، وتراكمت وتزاحمت بخاطري الكثير منها، فتحولت إلى غصة بالحلق بعد إنسداد أفق للكتابة وهي لاتزال تموج وتضطرب في بحر الخواطر لتخرج دفعةً واحدةً في أول مقال بعد التوقف الإجباري…
《2》
مرت الذكرى الأولى لمجزرة فض الاعتصام ،وبينما كل الشواهد والدلات والأدلة وقرائن الأحوال الظاهرة والمستترة تنبئنا أن “الفاعل” ذا صلة بالنظام المخلوع وهو أمر لايحتاج إلى كل هذا “التطويل” لكشفه فهو ظاهر على نحو يراه كل من رأى أو سمع “الكباشي” يتحدث عشية فض الاعتصام بلسان عربي مبين، حتى إذا تلعثم اختصر كل الحكاية في عبارة:(وحدس ما حدس)، وهو أيضاً ظاهر على نحو يراه كل من رأى أعداء الثورة يصدرون التعليمات لمحو “الجداريات” التي خلدت شهداء الثورة المباركة.. ومع كل تلك الشواهد تحاول ذات الجهات المتآمرة على قتل المعتصمين السلميين طمس هذه الشواهد من الذاكرة الجمعية وذلك ب (الجرجرة) والتطويل والمماحكات، لكن قسماً لن ننسى دماءً سالت من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وإن تناسى أو تغافل من جرفتهم دماء الشهداء نحو كراسي السلطة من قوى الحرية والتغيير..
الحقيقة الوحيدة التي يمكن أن نبني عليها لتكون سلماً لكشف القتلة هي أن أيدي النظام المخلوع داخل القوات النظامية هي وحدها التي تلطخت بدماء الشهداء وهي التي تسللت إلى جميع الوحدات بتخطيط محكم من الموالين للنظام المخلوع وبعض هؤلاء يرتدون عباءة التغيير، ووجود هؤلاء القتلة داخل المؤسسات العسكرية والأمنية والشرطية هو ماجعل مهمة “أديب” عسيرة ولكنها ليست مستحيلة، لأن سبلاً أروتها الدماء لن تتقطع دون بلوغ أهدافها…
أما الكثيرون من عناصر قوى الحرية والتغيير فقد ابتلعوا الطعم ولاذوا بالصمت المخجل حرصاً على مقاعدهم الوثيرة التي ماكان لهم أن يجلسوا عليها لولا التضحيات الكبيرة التي قدمها الشهداء..
《3》
وبقدر ما تحركت في الناس مشاعر الحزن في ليلة ذكرى الحزن النبيل التي جسدتها مجزرة فض الاعتصام ، ابتهج الناس أيضاً واحتفلوا مع المعلمين وموظفي الحكومة في ليلة عرسهم بزيادة المرتبات، وهي خطوة مهما اختلف الناس حول آثارها ومنهجيتها الاقتصادية ستظل هي دين مستحق لفئة ظلت تتجرع كؤوس الظلم خاصة فئة المعلمين التي اعطت الكثير ولم تأخذ إلا فُتاتاً، وهي الشموع التي ظلت مضيئة كل العمر وأخرجت كل “زيتها” لتحترق حتى الرمق لتضي دروب السالكين في دروب العلم ولم تستبقِ شيئاً…
لكن بالضرورة لابد أن يقابل موظفي الحكومة هذه الزيادة المحترمة بالإخلاص والإتقان في العمل إذ لابد أن يضعوا حداً للترهل والتسيُّب و”النوم” بالمكاتب، وإهدار وقت العمل في الأعمال الخاصة وممارسة التجارة بالمكاتب، ولابد من وضع ضوابط ولوائح جديدة تمنع إهدار وقت الموظفين في المناسبات الاجتماعات والمجاملات أثناء ساعات العمل الرسمية ،وتعطيل دولاب العمل و(الجرجرة) لإجبار طالب الخدمة الحكومية على (الدفع) كما كان يحدث قبل الزيادة، فلابد أن يرد الموظفون التحية بأحسن منها، ولابد أن يقابلوا الإحسان بالإحسان إخلاصاً للوطن والدين، فقد دقت ساعة العمل المتقن والمخلص..فإذا كنا في السابق نغض الطرف عن الموظف الذي يقضي سحابة يومه في دلالة العربات والتسيب والغياب وأخذ الرشاوي بحثاً عما يسد به رمق أهل بيته فلاعذر بعد الآن ولامبرر للتسول الوظيفي وعدم الانضباط والترهل والتسيب، ولا أقول لا داعي بعد اليوم لأخذ الرشاوي وما هو في حكمها…
《4》
قرأتُ في بعض الوسائط ما نصه:
(الإمام الصادق المهدي في خطبة اليوم بمناسبة عيد الفطر المبارك يصف الدولة المدنية حكومة الثورة بالرده والخروج عن طاعة الله..)، وبالعودة إلى الخطبة لم أجد فيها مايشير إلى ذلك ،فأدركتُ أن الحملة المجنونة في مواجهة زعيم حزب الأمة مازالت مستعرة، ولو أن الصادق المهدي تخلى عن الطرق على وتر الانتخابات المبكرة لخبأ لهيب الحملة قليلاً ، فالانتخابات المبكرة هي سر الحملة لأنها ستكشف كثيرا من العوار وستبين الأوزان الحقيقية لأحزاب أصوتها أكبر من حجمها..اللهم هذا قسمي في ما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

The post قسما لن ننسى دماء الشهداء.. بقلم احمد يوسف التاي appeared first on السودان اليوم.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى