السودان اليوم:
*يدين بولاء مطلق للحركة الإسلامية ويرفض المساس بزراعها السياسي المحلول حزب المؤتمر الوطني، ولكن هذا لم يمنع الموظف بولاية الخرطوم، صديق عثمان، من التعبير عما يجوش بدواخله من فرح ورضاء عقب زيادة الاجور، فقد استوقفني بالطريق العام بحي المايقوما بالحاج أمس وقال لي وقد ارتسمت علي محياه ابتسامة بدأت لي صادقة ونابعه من الدواخل:”يازول علي الطلاق ناسنا حاكمين ثلاثين سنه ما فرحونا كده، انا شخصيا تاني ماعندي كلام تب لا في حمدوك ولا ود البدوي”.
*وقريبا من ذات اللغة المفعمة بالسعادة داعبت شقيقتي الصغري التي تعمل بوزارة المالية الاتحادية صباح اليوم حينما ذهبت إليها في منزلها رفقة أبنائي حينما منحت كل واحد منهما مائة جنيه، فقلت لها:” بدل عشرة جنيه بقيتي تدي كل واحد مائة جنيه”، فضحكت وجاء ردها سريعا:”بعد ده خلاص بقينا مرطبين وكمان نخلي جزء من المرتب في البنك”.
*اما صديقي الشاب محمد المصطفي الذي يعمل معلما بولاية الجزيرة فقد كان قاب قوسين أو أدني من تقديم استقالته العام الماضي لضعف العائد المادي، الا انه قرر ارجاء تنفيذ قراره هذا الي نهاية العام الدراسي الحالي وقد حزم أمره تماما، وعقب زيادة الاجور استفسرته عن الاستقالة فقال ضاحكا:”لو قدمت استقالتي قبل زيادة المرتبات كنت بموت مغصه، وبعد ده استاذ حتي المعاش بإذنه تعالي”.
*اما محمد صاحب البقالة التي لاتبعد كثيرا عن منزلي بالحاج يوسف ورغم عدم اهتمامه كثيرا بالسياسة الا انه أشاد بالحكومة الانتقالية وقال لي ضاحكا:”والله تصدق أو لاتصدق عندي ثلاثه زبائن كانوا معذبني جدا في سداد ماعليهم من ديون، اليوم حضر ثلاثتهم وسددوا ماعليهم، عشان كده بقول شكرا حمدوك”.
*وكثيرة هي النماذج التي توضح كيف أحدثت زيادة الاجور متغير نفسيا كبيرا قبل أن يكون ماديا، فسعادة منسوبي الخدمة المدنية نبعت من واقع احساسهم بوجود من يشعر بمعاناتهم وانينهم بعد أن كتب عليهم النظام السابق وفقا لسياسة متعمدة أن يحصلوا علي أجور زهيده حتي يفسدوا ويمدوا أيديهم للمال العام ليزداد ارتباطهم بالانقاذ حماية لمصالحهم.
*وفي تقديري أن هذه الزيادة المستحقه تعتبر مدخلا مثاليا لارتفاع وتيرة الإنتاج وتجويد الأداء و هذا يصب في المصلحة العليا للدولة التي تسعي حكومتها الانتقالية الي تفجير موارد هذه البلاد وبكل تأكيد فان الخدمة المدنية تعتبر عماد النهضة المنشودة.
*وبزيادة الأجور فإن الحكومة ضربت عدد من العصافير بحجر واحد ومنها انتشال 30% من تعداد سكان السودان من تحت خط الفقر المدقع، بل وإعادت بذلك الي الطبقة الوسطي صيتها ورونقها لتعود مثلما كانت ذات تأثير سياسي واجتماعي واقتصادي يصب في مصلحة البلاد.
*ولأن ماحدث جعل السعادة تنسرب الي نفوس أكثر من مليون وخمسمائة الف مواطن بالخدمة المدنية والعسكرية فإن هذا يستوجب أن نشيد بالحكومة الانتقالية ووزير المالية علي وجه الخصوص الدكتور إبراهيم البدوي الذي ظلت السهام تنتاشه من كل الاتجاهات وهي تسعي لإجباره للابتعاد عن الوزارة ولايقاف خططه وبرامجه، الا انه انتصر في النهاية وهو يرسم البسمه في وجوه البسطاء بالخدمة المدنية، وفعله هذا خلق له مساحة واسعة من الثناء والتقدير في نفوس الكثيرون،ونذكره بأنه قطع الخطوة الاولي من مشوار إعادة الاقتصاد الي مساره الصحيح وهذا يعني أن طريقه مايزال طويلا وشائكا.
The post وفعلها ود البدوي.. بقلم صديق رمضان appeared first on السودان اليوم.