اخبار السودانمقالات

أهل الجزيرة بأي ذنب قُتلوا؟

متابعات - الراي السوداني

رحمة عبدالمنعم يكتب :

أهل الجزيرة بأي ذنب قُتلوا؟

في أعماق قلب السودان، حيث تُزهر الأرض وتنبض الحياة، كانت ولاية الجزيرة تُعرف بأنها سلة غذاء السودان ورمز للسلام والعيش المشترك. ولكن اليوم، تحولت إلى مسرحٍ مأساويٍ للدمار والقتل والانتهاكات الإنسانية التي تُرتكب بحق أهلها دون ذنبٍ جنوه.

الحرب وصلت شظاياها إلى الجزيرة منذ ما يقارب العام ، ومعها جاءت لعنة الحرب التي لا تفرق بين طفلٍ وشيخٍ، ولا بين رجلٍ وامرأة. القرى التي كانت تعج بالحياة تحولت إلى مدن أشباح، والمزارع الخضراء أصبحت ميادين للنزوح والهروب.

أهل الجزيرة، الذين كانوا يعملون بصمت في الأرض ويزرعون لقمة العيش لأبناء وطنهم، باتوا ضحايا حرب لا ناقة لهم فيه ولا جمل. ميليشيات الجنجويد تمارس انتهاكات فظيعة، من قتلٍ وتشريدٍ واغتصابٍ ونهبٍ، بينما يقف الجيش السوداني موقف المتفرج، في صمتٍ يُدمي القلب ويثير التساؤلات عن دوره ومسؤوليته في حماية المواطنين.

من المؤسف أن العالم بأسره يقف متفرجًا على هذه المأساة الإنسانية. وسائل الإعلام العالمية تكتفي بالتغطيات السطحية، والمنظمات الدولية تعجز عن التدخل الفعّال. أهل الجزيرة لا يحتاجون فقط إلى الدعم الإنساني، بل إلى صوتٍ عالميٍ يدين هذه الجرائم ويطالب بوقفها.

إن الصمت الدولي أمام ما يحدث هو خذلان للإنسانية بأكملها. ففي الوقت الذي تُدمر فيه حياة الناس ويُقتل الأبرياء، يواصل العالم تقديم المصالح السياسية والاقتصادية على حساب دماء الأبرياء.

إن ما يحدث في ولاية الجزيرة هو جزءٌ من مأساة السودان الكبرى، التي لن تنتهي إلا بإيجاد حلٍ جذريٍ للحرب، وعلى الجيش السوداني أن يتحمل مسؤوليته الوطنية في حماية المواطنين، بدلًا من الوقوف موقف المتفرج.

أهل الجزيرة لا يطلبون الكثير، فقط حقهم في الحياة الكريمة وفي الأمان على أرضهم. وما لم يتحرك السودان والمجتمع الدولي لوضع حدٍ لهذه الفظائع، فإن لعنة الحرب ستظل تطارد الجميع، ولن يسلم أحد من آثارها المدمرة.

إن التاريخ لن يرحم المتسببين في هذه الكارثة، سواء كانوا ميليشياتٍ تمارس القتل والتدمير، أو جيشًا تخاذل عن دوره، أو عالمًا صامتًا عن جرائم تُرتكب في وضح النهار. أهل الجزيرة يستحقون السلام، ويستحقون أن يُسمع صوتهم، ويستحقون أن تعود أرضهم كما كانت: واحةً للحياة والأمل.

 

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى