رشان اوشي
السودان بين سندان الحرب ومطرقة الأزمات المتراكمة، فالأزمة السودانية كبيرة ومتراكمة ومتفاقمة، وإذا لم يَفِق قادة البلاد من غيبوبتهم عن الواقع المأزوم، ستكون النتائج كارثية على السلطة و الدولة ، فاللعب بالنار لا يمكن أن يأتي بالاستقرار.
المخارج صعبة.. تبدأ بإعادة الدور إلى المؤسسات ، بعد انتزاعه من سطوة “الشلليات” ، في ظل معركة الكرامة التي جسدت انتفاضة ضد الأوضاع المعوجة ،الحالات الاستثنائية والظواهر السياسية السالبة ، باتت ملامح ذلك واقعاً ولم تعد سراباً.
بعد قرارات ٢٥/اكتوبر/٢٠٢١م، دخلت البلاد مرحلة أخرى من الفوضى التنفيذية والادارية، وهو ما حدث بالضبط داخل أروقة “المجلس الأعلى للبيئة” ، بعد استقالة امينه العام الذي عين في عهد حكومة “د.حمدوك” ، طلبت وزارة مجلس الوزراء من إدارة المجلس الأعلى للبيئة ترشيح شخصيات لشغل المنصب ، وبالفعل تم ترشيح كل من السادة: ( عميد كلية الغابات جامعة السودان – أستاذ بكلية الزراعة جامعة الخرطوم و د.منى محجوب عميد معهد الدراسات البيئية –جامعة الخرطوم) .
فجأة صدر قرار بتعيين “د.منى علي ” والتي لم تكن ضمن قائمة مرشحي المجلس التي تسلمها مجلس الوزراء ، إنما رشحها شقيقها الذي يعمل موظف بمجلس السيادة ، وقام بتعيينها عضو مجلس السيادة السابق “ابو القاسم برطم” ، وهو صديق شخصي لشقيقها .
استلمت شقيقة الموظف السيادي موقعها الجديد في العام ٢٠٢٢م ، واختزلته في الرحلات الخارجية للمشاركة في المؤتمرات العالمية المتعلقة بالبيئة، ترافقها كل مرة “شلة” بعينها دون بقية الموظفين .
كانت الرحلات الخارجية بمثابة فرصة لكل من يطمح في الحصول على لجؤ سياسي بالدولة المضيفة للمؤتمر ، في المرة الأخيرة اصطحبت الأمين العام في إحدى الرحلات الخارجية وبإسم الدولة سكرتيرها الخاصة وأسرتها ، والأخيرة طلبت اللجؤ السياسي في كندا، حيث تقيم الآن وتمارس مهامها كسكرتيرة لاجئة .
بعد اندلاع الحرب غادرت الأمين العام “د.منى” إلى مصر للإقامة بها ،وعندما انتقلت السلطة المركزية إلى “بورتسودان” ، وبالتالي استئنف المجلس الأعلى للبيئة نشاطه ، اصبحت تتجول بين القاهرة بورتسودان وانفقت مبالغ طائلة في تذاكر ونثريات السفر.
أوقفت عدد من إدارات المجلس الأعلى للبيئة عن العمل منها إدارة تقييم الأثر البيئي المسؤولة عن فحص اعمال التعدين .
بسبب خلافات مع الموظفين ، أوقفت عدد من المشاريع الهامة والممولة من الصندوق العالمي للتغيير المناخي ، واهمها مشروع “بناء المرونة” الممول بقيمة (٢٥) مليون دولار ، وحرمت السودان من هذه الدعومات .
قامت بفصل مدير المشروع والمحاسب ، وعينت أحد منسقيه بالولايات، في مخالفة لشروط الحصول على الوظيفة التي تضعها الجهة الممولة وهي “برنامج الأمم المتحدة الانمائي”، والذي من جانبه طالبها بتقارير ومستندات فشلت في توفيرها، مما أدى إلى حرمان البلاد من تمويل المشروع البالغ (٥) مليون دولار .
في مناسبة ما ، طالبت وزارة المالية بسداد المكون المحلي لأحد المشاريع الموقوفة والبالغ (١٠٪) من التكلفة ، بغرض سداد رواتب العاملين، عندما رفض وكيل وزارة المالية، قامت بشكوته إلى احد أعضاء مجلس السيادة عبر شقيقها .
قامت بإعفاء مدير إدارة السلامة الاحيائية من موقعه بدون سبب ، وعينت استاذ بجامعة الخرطوم ، ضغطت عبر علاقاتها السيادية في استثناءه من قرار إيقاف الانتداب الصادر عن مجلس الوزراء .
كل ذلك مذهل طبعاً. دقة في انتهاج الفساد والمحسوبية مثل الدقة التي ينخر بها الجواسيس والخونة عصب الدولة السودانية بينما القيادة عقلها متوقف عند محطة الحرب ،اذاً للسوداني أن يخاف وأن يقلق وأن يشعر بالقرف.
محبتي واحترامي