متابعات-الراي السوداني-في ظل التطورات الميدانية التي حدثت بعد العملية البرية متعددة المحاور التي نفذتها القوات المسلحة السودانية فجر يوم الأربعاء الموافق 26 سبتمبر وما صاحبها من تغيرات طارئة على الراهن السوداني سياسيا وعسكريا ودبلوماسيا ومعنويا ، فقد اكتسبت القوات المسلحة عبر هذه العملية عدد من المكاسب يمكن أن نجملها في الآتي :
١. ميدانيا تمكنت القوات المسلحة من ربط قواتها في شمال أمدرمان “قاعدة كرري ” بقواتها في شمال بحري بمعسكر “الكدرو “ووسط بحري “الدروشاب” و شرق النيل معسكر “حطاب ” وبذلك تم خلق إنفتاح تعبوي جديد ، وربط خطوط لوجستية ممتدة في كل الإتجاهات الإستراتيجية تمكن من تنفيذ عمليات عسكرية في عدد من المحاور والجبهات المختلفة بتنسيق محكم بالقوات والنيران .
٢. ميدانيا ايضا توجت العملية بالنجاح في إحكام حصار ( كماشة ) على قوات المليشيا المتواجدة في محيط مناطق شمبات وأحياء بحري القديمة ( حلة حمد ، الصبابي ، المزاد ، الشعبية ) وقطع شوارع الإنقاذ والمعونة شمالا بقوات قاعدتي الكدرو و كرري وجنوبا بقوات سلاح الاشارة وشرقا بقطع طريق شرق النيل بحري بقوات معسكر حطاب ( وذلك بإمكانية نصب الكمائن و تحييد الشوارع الرئيسية البعيدة بالنيران والمدفعية ) .
٣. أهم المكتسبات الميدانية هو تأمين رقعة جغرافية واسعة في منطقة بحري من خلالها تم إخراج مناطق وسط وشمال أمدرمان من مدى نيران مدفعية المليشيا المتوسطة والخفيفة من عيار الهاون ١٢٠ و٨٢ وبذلك تحسم قضية التدوين العشوائي الذي كانت تقوم به المليشيا من منصاتها بالحلفايا والدروشاب وشارع المعونة والازيرقاب وشارع مور .
٤ . حصار قوات المليشيا بمصفى الجيلي وتضييق الخناق عليها بصورة ضاغطة لأول مرة منذ اندلاع الحرب فقد تزامنت السيطرة على شارع الكدرو ـ الجيلي تقدما للقوات المسلحة بمحور المصفى بقوات الفرقة الثالثة شندي لتسيطر على مساحات جغرافية جديدة مهمة لتحقيق عمليات عسكرية ناجحة من حيث مضمون الغرض المراد تحقيقه ( طرد المليشيا واجبارها على التسليم باقل تكلفة ) .
٥. سرقة المعرفة ( ابتكار تكتيكات جديدة تشابه الأسلوب المتبع للمليشيا بحيث يفقدها ذلك خاصية التحليل الميداني الذي يعقبه التخطيط ) فبهذه الخاصية أربكت القوات المسلحة القيادة الميدانية للمليشيا مما وفر لها توقيتا مناسبا زمنا كافيا للإنقضاض على القوات التائهة والفاقدة للقيادة الناجحة .
٦ . صحيح أن خاصية الفزع التي تتميز بها المليشيا لم تكن معطلة كليا لوجود بعض الجسور لكن سياسة التنفيس كانت هي المرتكز الرئيسي الذي راهنت عليه قيادة الجيش فاستهداف الفزع بالطيران المسير والمدفعية يوفر خاصية التنفيس عن المحاور المتعددة ويقلل من المقاومات وهي استراتيجية اثبتت نجاحها بنقص المقاومة للمليشيا في بحري بسبب تحركات الفزع في محاور مختلفة ( بحيث يصل الفزع مستهدفا وناقصا ليكون المكسب مضاعفا ) .
٧ . تجريب تنفيذ سياسات ناجحة وهي العمى الإستخباري والخداع الإستراتيجي و التضليل بالتنسيق القيادي والإعلامي عبر تطمين المليشيا عن عجز الجيش من العبور أول مرة وعدم جدية القيادة في تحقيق الانتصار و نشر معلومات مضللة عن القيادة والاتجاه للتفاوض والعجز عن الحسم ليعقب ذلك تعتيم تام وسخط وسط أنصار الجيش لتتفاجأ المليشيا بيوم القيامة .
٨. سياسيا كسبت القوات المسلحة المعركة أخلاقيا وقيميا ، حيث استطاعت أن تجعل العالم كله يشاهد جموع الشعب السوداني في كل المدن والولايات والدول تحتفل ابتهاجا واحتفاءا بانتصاراتها و تأييدها المطلق لها ولقيادتها وتعبيرها عن ثقتهم في ولاء قائدها العام لدم المؤسسة العسكرية والذي يمثل رمزية الجيش والدولة ،
وتأكيد المؤكد أن الشعب لا يتبنى أي وجهة نظر تفاوضية بمعزل عن الجيش وقيادته وبذلك فطبيعة عصر السياسة الحديثة المبنية على المصالح والإقتصاد السياسي والعلاقات العامة فإن علاقات الدول الخارجية تبنى على اساس رأي الشعوب و الأمر الواقع وفقدان الثقل الجماهيري للتمرد وحاضنته السياسية والتأييد الكبير الذي يجده الجيش وقياداته تجعل الدول تبني علاقاتها بشكل متوازن مع من يمثل الشعب ويفوضه ، ولا تقع الدول في فخ ( الجماهيرية الإفتراضية أو الزائفة ) ومن يمثل وجهة نظر لا تتعدى شعارات نظرية مثل الهامش والمركز والتنظيمات الجهادية من غير ان تمتلك جمهورا على الأرض يعبر عن هذا الخط سوى بعض الجنود المرتزقة عابري الحدود .
٩. دبلوماسيا بحصافة الدبلوماسية السودانية استطاعت الدولة السودانية أن تقطع مسافات جيدة وخطوات كبيرة في تغييرمفهوم العالم عن طبيعة الحرب التي تجري في السودان باعتبارها حرب وكالة تخوضها المليشيا وكالة عن محور اقليمي دولي ضد ثقافة و عادات وتقاليد وهوية ومكتسبات الشعب السوداني ودولته ، واستطاعت أيضا أن تعطل عددا من القرارات التي كانت على وشك الطرح للمناقشة من شأنها أن تساوي بين المليشيا والدولة وتقدم غطاءا انسانيا يمحو انتهاكات المليشيا ،
والأهم من ذلك كله انها استطاعت أن تقتنص اعترافات ممتازة من المبعوث الأميركي توم بريلو بشرعية وجود الجيش الواحد والانتهاكات التي تمارسها المليشيا ضد المواطنين العزل ، وبرعت أيضا في احراج الدول التي ترعى التمرد واخراج الإمارات من خانة المراقبين لخانة المتورطين في اطالة أمد النزاع واثبات ذلك بالبيانات الصحفية مقرونة بالشواهد والأدلة .
مركز الشهيد عثمان مكاوي الإعلامي-محمد البشرى عبدالمنعم