عبد المحمود نورالدائم : لا للحرب.. ولكن!؟
الدعوة للتفاوض وإيقاف الحرب أمر جيد؛ فليس منا من لم يذق مرارة هذه الحرب،من خوف وجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، أيا كان موقعه الجغرافي؛لكن كيفية التفاوض ومع من وعلى ماذا!؟ هذه هي الصخرة التي تتحطم عليها أحلام الحالمين وأكاذيب الديمقراطيين.
فالمواطن البسيط المغيب بفعل الإعلام الموجه؛يظن أنه بمجرد الذهاب إلى جنيف ستخضع المليشيا لشروط الجيش وستسحب قواتها من المنازل والمرافق العامة،لكن الحقيقة إن شرط الخروج من منازل المواطنين هو الشرط الذي تعثرت بسببه مفاوضات جدة.
فالمليشيا غير جادة في تنفيذ شروط التفاوض وذلك لأن لها أجندة تملى عليها من الخارج تهدف لتنفيذها،وبالطبع إنهاء الحرب واستقرار السودان ليس من ضمن هذه الأجندة.
فمن غير المعقول أن الدول الممولة للمليشيا سترضى بإنهاء الحرب دون الحصول على مكاسبها في السودان،وقد خسرت مليارات الدولارات في هذه الحرب من شراء للأسلحة المتطورة والمسيرات وتأجير المرتزقة العرب والأفارقة بجانب تكاليف الجسور الجوية التي تحمل الدعم اللوجستي وتخلي الجرحى لمستشفيات دولية.
وهذا أمر ظهر بوضوح في الدعوة الأمريكية لمفاوضات جنيف،إذ شملت الدعوة بعض الدول الإقليمية تحت مسمى أن لها “مصالح في السودان” وهذه ليست مصالح بل إعتراف واضح بأن هذه الدول هي المسيرة والممولة للمليشيا وهي صاحبة القرار في إيقاف الحرب أو استمرارها.
لذا قبل الدعوة للتفاوض مع هؤلاء المجرمين يجب أولا أن نحدد بوضوح في ماذا سوف نتفاوض ومع من؟ مع المليشيا أم رعاتها؟
كما يجب الاطلاع على مصفوفة التفاوض التعجيزية للمليشيا والتي تعني بوضوح أن يتم تسليمهم البلاد بالكامل،ليجودوا علينا بعدها بما تفضلوا من حرية وعيش كريم،هذا إذا لم يستعبدونا أو يوطنوا غيرنا في منازلنا ممن جاءوا يشتهون “المكيف والموية الساقطة”.
ختاما،إن المعركة التي تدور الآن معركة وجودية شئنا أم أبينا،معركة تستهدف إنسان السودان،في نفسه وأرضه وقوته وهويته، عبر تشريده وتجويعه وإخضاعه لشروط المحاور الشريرة التي تريد أرضا زراعية واسعة وذهبا وموانئ.
وعلينا أن نعلم أن ذات الشوكة التي نريد غيرها،أكرم لنا وأفضل من الخضوع والإنكسار فما لا نناله بعزة النفس لن نناله بالخضوع والمسكنة.
والسلام.