قضمت «فأرة» جزءاً من إصبع قدم المواطن عبد القيوم أحمد، وبدلا من أن يصرخ متألماً، ضحك حتى دمعت عيناه سخرية من الفأر الذي طمع في جسده الذي انتحل وبرزت عظام صدره، بسبب معاناته ورصفائه من الجوع وفقدان الغذاء بسبب الحرب.
وقال الرجل الخمسيني لـ«الشرق الأوسط»، إن الفئران اتخذت من منزله مسكنا، وتكاثرت بكثافة غير عادية قبل عودته وأسرته. وأضاف: «تكاثرت الفئران بعد الحرب نتيجة لانتشار جثث المتقاتلين من الطرفين في الشوارع، بل وداخل البيوت… صارت أحجام الفئران كبيرة، وعجز المواطنون عن توفير السموم اللازمة لمكافحتها، قبل زيادة احتمالات انتشار داء الطاعون».
وبمواجهة تكاثر الفئران، تقول السيدة سبأ عبد الحميد لـ«الشرق الأوسط» إن الناس اضطروا لاستخدام وسائل بدائية لمحاربة الفئران مثل المصايد، أو تسميمها بأقراص «إسبرين» تضاف للأطعمة، ولا تفلح هذه الأساليب البدائية في القضاء عليها، ولذلك تتكاثف بصورة مخيفة، وهي قضت على كثير من المواد الغذائية التي تجتهد الأسر في توفيرها لأفرادها.
وتناقلت تقارير صحافية صورا لجثث عسكريين متحللة وأشلاء بشرية نهشتها الكلاب والقوارض، أظهرت تكاثرا كبيرا للكلاب الضالة والقطط التي فر أصحابها وتركوها في الشوارع في الخرطوم ودارفور، وتجمعها حول هذه الجثث. وقال شاهد عيان: «هذه مناظر بشعة يصعب النظر إليها، فهناك جثث نهشتها الكلاب والقطط ولم يتبق منها سوى الرأس».
وحث نشطاء مدنيون أطراف القتال على فتح ممرات آمنة لتستطيع الجمعيات الطبية الطوعية والمنظمات والنشطاء دفن تلك الجثث المروعة.
وإلى جانب المخاوف من انتشار الطاعون، يتداول مواطنون معلومات عن انتشار «داء الكلب أو السعار» الذي تنقله القطط والكلاب.
وقال عابدين محمد، الذي يسكن في الخرطوم بحري، إنه وأسرته غادروا المنطقة إثر تداول معلومات عن انتشار الداء. وأضاف: «الوضع خطير والكلاب والقطط منتشرة في كل مكان».
ويخشى على نطاق واسع من ظهور الطاعون الذي تنقله الفئران، والسعار الذي تنقله الكلاب والقطط. وقال طبيب لـ«الشرق الأوسط»: «إذا استمر الوضع هكذا لشهرين إضافيين فسيكون من الصعب محاصرة انتشار مرض السعار، فالكلاب والقطط والفئران التي تتغذى على الجثث تكاثرت بصورة مخيفة وأصبحت متوحشة بعد أن اعتادت على أكل لحوم البشر، إضافة إلى المخاوف من احتمالات انتشار الطاعون الذي تنقله الفئران والقوارض»