تقرير : صديق البصيلي
تحت شعار قوله تعالى: «وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَٰتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَٰنًا وَإِثْمًا مُّبِينًا»..(الأحزاب -٥٨) نظمت قبيلة «الغزايا» إحدى بطون المسيرية الزُرق بولاية غرب كردفان مؤتمراً تفاكرياً بمنطقة دواس بمحلية السنوط وذلك بغرض المحافظة على السلم الإجتماعي ومحاربة الظواهر السالبة ونبذ خطاب الكراهية بين المكونات الإجتماعية وذلك بحضور ممثل والي غرب كردفان حسين آدم فرح الدور ولجنة أمن المحلية ونظارة المسيرية الزرق وقيادات الإدارة الأهلية ووفد أعيان القبيلة من الخرطوم ووفد جامعة السلام إلى جانب حضور الأجهزة الإعلامية المختلفة، حيث شهدت الجلسة الإفتتاحية العديد من الكلمات وتكريم لبعض الشخصيات القيادية ورجال البر والإحسان من القبيلة، يذكر إن المؤتمر بدأ اعماله الجمعة وأستمر حتى السبت ٢٥يونيو بمشاركة كافة بطون القبيلة الثمانية..
الصبر والتحمل
تعتبر قبيلة «الغزايا» من أكبر القبائل في بطون المسيرية الزرق ولها تاريخ ناصع البياض يشهد لها الجميع بالسلم الإجتماعي والصدق والأمانة والنزاهة منذ الأزل وظلت القبيلة حافظة لعهود مكانتها الإجتماعية الراسخة بين الأهل التي ورثتها فطرياً من أسلافها على المدى البعيد علاوة ربط أواصر العلاقات الطيبة بينها والجيران وأشتهرت بالتحمل والصبر على الأذى دون تعدي على الآخرين إلى أن أصبحت مضرباً للمثل في الصبر ويقال عنها: (أرجى الله مع الغزايا) وهذا أنموذجاً للمحبة والسلام والإستقرار. بينما السمعة الطيبة لاتبارحها قط ولازالت أوراق ملفاتها ملونة بالجمال ووجدت الإحترام والتقدير من كافة بطون المسيرية الزرق والجيران، تلك القبيلة التي تتولى زمام أمر قيادة الإدارة الأهلية للمسيرية الزرق (النظارة الحالية) والتي ينتمي لها الناظر الحالي الأستاذ الصادق الحريكة عزالدين حميدة ناظر عموم قبائل المسيرية الزرق حفيد الحكيم والزعيم حميدة خميس الذي عاصر حكم الإنجليز في السودان آنذاك وتتميز هذه السلسلة بالحكمة والصبر وحل النزاعات وإطفاء الحرائق والبحث دوماً عن المساعي الحميدة، وعندما تنبئت بأن هناك خروقات أمنية طفيفة رشحت عن أطرافها وباتت تهدد كيانها فقد تدافعت من كل أرجاء مقراتها وتسابقت الهمم لتنجب هذه المبادرة لتصحيح المسار وإعادة هيبتها ومكانتها الرفيعة بين الإثنيات.
هشاشة أمنية
ولدى مخاطبته الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر تعهد الأستاذ حسين آدم فرح الدور ممثل والي غرب كردفان برعاية ودعم مخرجات هذا المؤتمر والمساهمة في تنفيذها تعتبر أولوية قصوى لحكومة الولاية مبيناً أن هذا المؤتمر جاء في وقت أنتشرت فيه ظاهرة التفلت نسبةً إلى الهشاشة الأمنية التي أظهرتها التغيرات السياسية بالدولة، متمنياً ان تُعمّم مخرجات المؤتمر على كافة القبائل في غرب كردفان وقال فرح الدور هذه القبيلة رائدة وقائدة للمسيرية الزرق ولها تاريخ مشهود وأضاف قائلاً: هناك قبائل من النوبة (الفرسان) يتبعون لقبيلة «الغزايا» وذلك نظراً لحسن سيرتها، وتقدم بالشكر لقبيلة الغزايا على قيام هذا المؤتمر والمبادرة الجميلة.
أشواق وطموحات
من جانبه قال الأستاذ الصادق الحريكة عزالدين ناظر عموم قبائل المسيرية الزرق: أن هذا المؤتمر يعبر عن أشواق وطموحات الأهل في الإستقرار، بعد التفلت الأمني الذي ضرب أركان هذه المناطق التي أصبحت ملتهبة وذلك لابد من توحيد الكلمة وجمع الصف ووضع خطة واضحة لتصحيح المسار ومحاربة الظواهر السالبة التي خرجت عن القيم الإنسانية، مؤكداً سعيهم الجاد للمحافظة على السلم الإجتماعي مع كافة الجيران الذين تربطهم معهم علاقات ومصالح مشتركة وصِلات الرحم. وكشف ناظر المسيرية الزرق الصادق الحريكة عن إقتراب موعد حل مشكلة الأرض بينهم ودار حمر التي جعلت الفرد مسرح للعمل الإجرامي والتفلت. هذا وناشد الصادق الحريكة كافة الأسر أن يراقبوا أبنائهم في جميع تحركاتهم وضبطهم حتى لا تسيء سمعة القبيلة وقال أن البذرة الصالحة تبدأ من الأسرة وأردف قائلاً: الحرامي والمتفلت والسرَّاق ما واقع من السماء له أهل وأسرة ويرجع ذلك الفعل الإجرامي إلى عدم التربية من الأسرة وأضاف: الضبط لا يأتي من الناظر ولا الوكيل ولا العمدة بل الأسرة هي التي تُحسن تربية أبنائها ضبطهم.
أصحاب مبادرات
في السياق ذاته قال وكيل نظارة المسيرية الزرق الأستاذ محمد حمدية البشر أن هذا المؤتمر نعول عليه كثيراً في ضبط الأمن وحفظ السلام وأعتبر حمدية هذا المؤتمر مصححاً لكثير من المسارات، ممتدحاً في هذا الصدّد جهود قبيلة الغزايا المتصالحة مع كافة الجيران لنتظيم المؤتمر العظيم متمنياً أن تشارك جميع قبائل المسيرية بالرأي وأشار حمدية إلى حوجة المسيرية لمثل هذه المؤتمرات التي تحقق السلمي الإجتماعي والقضاء على الظواهر السالبة التي لا تشبه المسيرية وقال أن الأهل الغزايا أصحاب مبادرات وقيادة فعلية (ودي المحرية فيهم) وتقدم بالشكر والتقدير لقبيلة الغزايا لما قامت به من عمل يستحق الإشادة.
ريادة وقيادة
من جهته قال المدير التنفيذي لمحلية السنوط آدم هنو أن إنتشار الظواهر السالبة مؤخراً قد أقعد المنطقة كثيراً ولابد من حسم هذه الظواهر بالقرارات الصائبة وأعتبر آدم هنو هذا المؤتمر خطوة إيجابية تسهم في حفظ الأمن وقال هنو أن مخرجات هذا المؤتمر سوف تعضٍ على بالنواجذ، دعا كافة المجتمعات أن يحذوا هثل هذا الحذوا حتى يتحقق الإستقرار وتقديم التنمية والخدمات، معرباً عن شكره وإمتنانه لقبيلة القيادة والريادة التي قامت بإعداد وتنظيم وتمويل المؤتمر بنفسها حتى خرج بهذه الصورة التي وجدت الإشادة من الجميع وتعهد بتوفير الخدمات لمنطقة دواس وتخطيط السوق.
أما الأستاذ برمة عبدالكريم تيوك عمدة قبيلة الغزايا قال أن هذا المؤتمر يهدف إلى حفظ الأمن ومحاربة الظواهر السالبة، مؤكداً رفضه التام لقطع الطرق والتفلت وكافة الأعمال الإجرامية التي تضر بالمجتمعات مشيراً إلى إهتمام القبيلة للسعي والتعايش السلمي بين المكونات المختلفة وتوقع برمة أن يخرج المؤتمر بنتائج تحقق الأهداف المطلوبة. شاكراً الأهل على رغبتهم الأكيدة في حفظ السمعة الطبية وضبط الأنفس.
نموذجاً للسلم الإجتماعي
بدوره طالب الأستاذ أحمد عبدالله حسب الكريم ممثل منطقة دواس الحكومة بأن تقوم بواجبها كاملاً في حفظ الأمن حتى تعيد التوزان في الإختلال من أعمال النهب والتعدي على حقوق الغير، مؤكداً عدم إتفاق قبيلة الغزايا مع المجرمين مهما كانت مكانتهم الإجتماعية، كما طالب الأستاذ أحمد بترفيع نقطة شرطة دواس إلى قسم بالإضافة إلى تخطيط السوق والقرى الكبيرة. هذا وأجمَّع أبناء الغزايا على عدم التستر لأي متفلت ووضع قرارات صارمة حتى يتحقق الأمن وتعيد للقبيلة سيرتها الأولى. ويرى مراقبون أن مثل هذه المبادرات والمؤتمرات تعتبر نموذجاً للسلام و جاءت في وقتها مع إنتشار الجرائم وتوقع الخبراء والمراقبون أن تسهم في حفظ الأمن.