الراى السودانى
أرقام مخيفة عن تزايد حالات الإصابة بأمراض الزهايمر التي شهدتها البلاد مؤخراً بعد تفاقم الأزمات وزادت في الآونة الأخيرة نسبة الإصابة بالزهايمر خاصة وسط الشباب وكبار السن أسئلة تفرض نفسها ماهي الأسباب الرئيسة لهذا التزايد بالإصابات وسط المواطنين هل هي لأسباب اقتصادية ام اجتماعية أم الاثنين معاً تفاصيل مثيرة رصدناها خلال رحلة بحث وتقصي حول حقيقة هذه الأرقام وكانت المفاجأة وجود العشرات بالمستشفيات والعيادات ودار المسنين والمسنات التي تعتبر وجهة للعديد من الذين ضلت بهم الطرق وأصبحوا أمام تحدي هذا المرض
والزهايمر هو عبارة عن اضطراب تدريجي يؤدي إلى تلف وتدهور خلايا الدماغ ويمكن أن يؤدي إلى موتها في بعض الحالات وهي حالة تتضمن انخفاضًا مستمرًّا في مستويات التفكير والمهارات السلوكية والاجتماعية مما يؤثر بالسلب في قدرات وتفكير الشخص.
خطورة مؤكدة
الخطير في الأمر أن هذا المرض قد يقضي على قدرة المريض على التذكّر وفي المرحلة الأولى منه يظهر فقدانًا طفيفًا للذاكرة وحالات من الارتباك والتشوّش، ممّا يؤدي في نهاية المطاف إلى ضرر مستديم لا يمكن إصلاحه في قدرات المريض العقلية، كما يقضي على قدرته على التذكّر والتفكير المنطقي والتعلّم والتخيّل.
معاناة وفقد
وهذا المرض قد لا يوجد له سبب واضح ولكن لديه بعض العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بـه، (الإنتباهة) جلست الى عدد من المرضى والمرافقين وخرجت بالآتي:
الموظفة (س .د) التي تعمل بوزارة الشباب والرياضة تروي لـ(الإنتباهة) تفاصيل إصابة زوجها بالزهايمر حيث قالت فقدت زوجي لأكثر من ثلاثة أعوام خرج ولم يعد بعد أن بدأ في النسيان والتغير في السلوك وعدم الإدراك مما قادهم الى مراجعة الأطباء وشخصت حالته بأنها زهايمر ومنذ خروجه لم يعد حتى الآن وعبرت عن شعورها بالحزن الشديد ولوم الذات وتأنيب الضمير وقالت أوجه رسالة لكل الذين يرعون مرضى الزهايمر بإعطائهم الحق الكامل في الرعاية حتى لا يخرجوا كما حدث لزوجها.
وفي هذا الصدد كان للصحيفة زيارة الى أحد دور الرعاية الخاصة بكبار السن والتقينا بأحد المرضى الذي يبلغ من العمر 90 عاماً وعندما سألناه ما اسمه فاجأنا بضحكات ثم نظر الينا وهو يقول “والله انا إسمي ما عارفو” مما أدخل الحاضرين في حالة من الدهشة ولم يتمكن بالإدلاء لنا بأي معلومة أخرى ولم ينقطع حبل السكون حتى فاجأنا هو بسؤال آخر “عليك الله يا بنتي إسمي منو” وأدخلنا في نوبة بكاء متقطع.
وفي سياق متصل وبصورة صادمة فاجأنا احد الموظفين بأنه لم يعد قادراً على رعاية والده بعد ان تم تشخيصه بمرض الزهايمر معللاً ذلك بزيادة طلباته ويحتاج الى رعايا يومية الأمر الذي ادى الى مشاكل مع زوجته وأطفاله لعدم قدرته على التحكم في الإخراج مما قاده الى إيداع أبيه في دور رعاية كبار السن والقيام بزيارته من حين الى آخر حفاظاً على أسرته ووقته في العمل وختم حديثه “بدل يموت عندي أحسن يموت في بيت تاني ” وهذا هو الحل الوحيد.
مأساة أخرى
وتقول الطالبة أمل التي تبلغ من العمر 25 عاماً لـ(الإنتباهة) انها بدأت بالنسيان منذ عامين ولا تعلم ما السبب وأضافت عندما بدأت بعدم التذكر لجأت لأخذ حبوب مقويات للذاكرة وفي كثير من الأحيان يقوم إخواتي في المنزل باستغلالي حيث يقومون بكسر الأواني أو تخريب شيء بالمنزل وعندما تأتي والدتي يقولون لها أمل من فعلت ذلك وعندما تسألني اعترف بذلك وفي يوم ما قمت بوضع هاتفي فوق الدولاب وكان مغلقاً وكنت أبحث عنه في أرجاء المنزل ولم أتذكر مكانه حتى في اليوم الثاني وجدته أختي انا أعاني من ذلك كثيراً لا أعلم ما السبب ولكن أدعو الله أن يشفيني من ذلك.
عنف وإهمال
وللتعرف على وضع مرض الزهايمر بالبلاد التقينا باستشاري الطب النفسي والعصبي علي بلدو حيث ذكر لنا بأن مرضى الزهايمر في السودان هم بالآلاف ولكن لا يتم رعايتهم نتيجة لقلة مواعين الخدمات الطبية المتعلقة بهم وعدم وجود مراكز متخصصة إضافة الى إهمال المجتمع وعدم إعطاء الامر أهمية من الجهات الصحية باعتبار أنه نوع من أنواع الخرف الذي لا يمكن علاجه على حد ما يعتقدون بحسب ما ذكر بلدو ومضى قائلاً ان مرض الزهايمر هو نوع من الخرف الذي يصيب الأشخاص فوق سن الخامسة والستين ويكون نتيجة للعديد من العوامل منها تنخر خلايا الدماغ وتكوين طبقة بروتينية معينة تؤثر على مراكز الإدراك والتذكر وحل المشاكل والتفكير التجريدي والقدرات المعرفية المختلفة كما تؤدي الى ضمور في خلايا المخ مما يؤدي الى هذا المرض، وتابع يتم تقسيم الزهايمر الى ثلاث مراحل أولى وثانية وثالثة وتتميز كلها بالنسيان في الامور البسيطة ثم التغير في السلوك وعدم القدرة على حل المشكلات مما يقود الى التغير في المزاج والغضب والانفعال والتوتر وصعوبة اليوم بجانب وجود مشاكل في التغذية وضعف السمع والنظر مما يؤدي نسيان المريض لأفراد أسرته ويصبح كالطفل وقال إن مرضى الزهايمر في السودان “مظلومين ظلم الحسن والحسين” على حد تعبيره وأشار الى ان التشخيص يعتمد على التاريخ المرضي وعم الفحوصات المطلوبة للدم ووظائف الجسم والرنين المغنطيسي وإعطاء العلاجات المناسبة على تحسن الذاكرة والسلوك والمزاج ونوه بلدو الى ان مرضى الزهايمر يعانون من العنف المنزلي وإساءة كبار السن وعدم الاحتفاء بهم وتركهم في غرف مظلمة وإعطائهم أسوأ الأطعمة دون رعاية ومتابعة وتمني موتهم ويمكن ان يحدث لهم استغلال جسدي ولأمواتهم والتزوير في المستندات الرسمية ونقل الملكية دون علمهم واحياناً يتم قتلهم أو إخفاؤهم قسرياً بجانب عرضهم الى المحاكم فيما يعرف بقضايا الحجر للاستيلاء على أموالهم وتركهم في العراء وشدد بلدو على ضرورة المساعدة على إنشاء المراكز المتخصصة لرعاية مرضى الزهايمر وتقديم العون لهم والرعاية الإلكترونية وعدم تركهم لوحدهم في المنازل.
النساء أكثر عرضة
وفي هذا الإطار يقول الطبيب مجدي طه محمد أن أسباب مرض الزهايمر تعود الى تراكم البروتين الذي يسبب ضرراً في عملية الاتصال بين خلايا المخ وحصول تغيرات في ألياف بروتين تاو، والتي تتسبب في التوائها والتفافها والتقدم في السن والعوامل الوراثية والجنس، فالنساء عرضة للإصابة بالزهايمر أكثر من الرجال ووجود عيوب إدراكية وعوامل مرضية مثل الضغط والسكري والكوليسترول مشيراً الى أن الحلول تعود الى تجنَّب التدخين ومراقبة عوامل الخطر على الأوعية الدموية والتي تتضمن ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول وداء السكري بجانب تناول نظام غذائي متوازن مثل النظام الغذائي لدول البحر المتوسط الغني بالخضروات والفواكه والبروتين الخالي من الشحوم وخاصةً موارد البروتين التي تحتوي على الأحماض الدهنية أوميجا3.
لافتا الى ان طرق العلاج من مرض الزهايمر وفقاً لأطباء الأعصاب يصفون في بعض الأحيان أدوية للحد من الأعراض التي غالبا ما تصاحب مرض الزهايمر، بما في ذلك عدم القدرة على النوم، التخبط، القلق، الأرق والاكتئاب. لكن نوعين فقط من الأدوية ثبتت نجاعتهما في إبطاء التدهور العقلي الناجم عن مرض الزهايمر وهما من مثبطات إنزيم كولِينِسْتيراز (Cholinesterase): ميمانتين (Memantine) وناميندا(Namenda)
أسباب وعوامل خطورة
وفيما يتعلق بأسباب الزهايمر عند الشباب يقول الطبيب الحاج ودالقوم لـ(الإنتباهة) انه من المعروف أن مرض الزهايمر يصيب الأشخاص البالغين بعمر 65 عامًا فما فوق، ولكن في حال أصاب من هم أصغر من 65 تعرف هذه الحالة بالزهايمر عند الشباب مشيراً الى حوالي 5 % ممن تم تشخيصهم يبلغون من العمر ثلاثين أو أربعين عاماً لافتاً الى ان الزهايمر عند الشباب ينقسم الى قسمين اولاً مرض الزهايمر الشائع هو الشكل الأكثر شيوعًا والذي يُعرف باسم مرض الزهايمر المتقطع لا يحدث بسبب الجينات ولا يعرف سبب حدوثه لكنه يتطور بنفس الطريقة كما يحدث مع كبار السن، وثانياً مرض الزهايمر الوراثي هذا النوع نادر الحدوث، ويُعرف باسم الزهايمر العائلي وحدوثه مرتبط بثلاث جينات (APP) و(PSEN1) و(PSEN2) تختلف عن جين (APOE) الذي يمكن أن يزيد خطر الإصابة ومن المحتمل أن يكون أحد الوالدين أو الأجداد مصابين به ونوه الى أن أسباب الزهايمر عند الشباب دقيقة وراء الإصابة وليست مفهومة تمامًا، وقال بشكل أساسي ثمة بروتينات في الدماغ لا تؤدي وظيفتها على نحو طبيعي، وتؤثر في عمل خلايا العصبية في الدماغ وتطلق سلسلة من المواد السامة فتتعرض الخلايا العصبية للتلف وتفقد الاتصال ببعضها وتموت في الآخر.
وأضاف هناك مجموعة من عوامل الخطور للإصابة بالزهايمر عند الشباب وهي العمرالذي يعد من أكبر العوامل خطورة، إذ تزداد احتمالية الإصابة مع تقدم العمر والتاريخ العائلي والجيني يزداد خطر الإصابة في حالة وجود أشخاص من الدرجة الأولى مصابون بالزهايمر، لأن الجينات تلعب دورا في الإصابة والجنس لنساء أكثر عرضة للإصابة. أنماط النوم السيئة
صعوبة النوم أو صعوبة الاستمرار في النوم لها علاقة بتزايد خطر التعرض لداء الزهايمر والإفراط في تناول الكحول يسبب تغيرات في الدماغ تؤدي إلى الإصابة بداء الزهايمر وتلوث الهواء قد يسرع من تدهور الجهاز العصبي مما يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالزهايمر والإصابة الرضحية في الرأس.