حكايات البحث عن الرزق الحلال لا تنتهي، فهنالك كثيرون قصدوا العاصمة المثلثة بحثاً عن الرزق، ولكل منهم حكاياته الخاصة واحلامه، وبين هؤلاء نساء قادمات من بعض الولايات سعياً وراء لقمة العيش، ومنهن (فاطمة حسين) التي تبلغ (٤٩) عاماً، اذ قدمت من ولاية النيل الأبيض واستقر بها المقام في العاصمة برفقة زوجها وأبنائها.
ستر البنات
فاطمة لا تختلف قصتها كثيراً عن حكاوي وقصص النساء اللاتي يعشن في المدينة من أجل العمل في السوق، ولكنها حملت موروثها الثقافي من العادات والتقاليد لتزوج ابنتها ذات السبعة عشر ربيعاً لأحد معارفهم عبر زواج تقليدي، اذ أنها كانت تحمل هم ستر بناتها وزفهن الى (بيوت السعد).
صبر واحتساب
كافحت هذه السيدة ونافحت من خلال بيعها الطعام، فكانت تقوم بحمل المسؤولية من تربية أطفال الى علاج زوجها المريض وابنها المعاق، فكانت تقابل شدة الظروف ومرارتها بالصبر والاحتساب، فلم تكل أو تمل وهي تعلم أن ذلك كله موضوع في دفتر حسناتها بإذن الله.
بشكل راتب
وظلت فاطمة لسنوات طويلة تستيقظ مع بزوغ كل فجر وتحمل أغراضها متجهة لقلب العاصمة وفي يدها طفلتها الأصغر التي لم يتجاوز عمرها ثلاث سنوات، وكانت تتحمل ما تلاقي من ويلات العمل وهي تظل لساعات تعد الطعام وتخدم الزبائن بشكل راتب.
أحلام محققة
وقد انطوت السنين سراعاً، ونجحت هذه السيدة الطموحة في تربية ابنائها حتى تخرجوا في الجامعات. واستطاعت بجهودها وفضل الله عليها أن تتحصل على المنزل الذي كانت تحلم به، وتتحرر من همومها ومشاق الحياة، لتتحول أسرتها الى أسرة متعلمة سعيدة بنجاحها، وهي تفاخر وتباهي بمهنتها البسيطة، وكيف أنها شقت الطريق بمفردها ونالت ما كانت تحلم به. وتقول في خواتيم حديثها لـ(براحات: (لم استح يوماً من مهنتي، فطالما كانت رزقاً حلالاً كنت أفخر بها أيما فخر، ويكفي أنني أستطعت أن أربي أبنائي أفضل تربية، والحمد لله في الأول والآخر).