عمر عبد الله عمر
اديس ابابا – اثيوبيا
الروح
هل سالت نفسك متأملا ماهي الروح وصفاتها ومداركها؟
“الروح هي ذاتك، التي تستمد جاذبيتها بالتدبر في ملكوت من خلقها، وعندما نتدبر نعرف من نحن ولماذا نحن هنا”
أود هنا أن اخذك معي في رحلة سياحية روحية المعني نغوص من خلالها داخل عوالم الروح التي تتملك جسدنا؛ و من المهم جداً من اجل التفكر والتدبر بأن تسال نفسك، ماهي تلك الروح التي بين جنبي؟ من اين أتت؟ هل لها شكل؟ هل لها وصف؟ هل لها صفات؟ والامر هنا فقط لكي يتملكك التعجب عن ماهيتها وصفاتها وكما هو معلوم لديك بأن الله تعالي وحده الذي يعلم امرها كما جاء في كتابه الكريم وهو مخاطباً رسولنا الكريم في سورة الاسراء الآية “85”(ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)، ورغم إيضاح الآية للمعني الا أن امرها قد وجد اهتماماً منذ الحيوات التي سبقت حياتنا المعاصرة بالآلاف السنين، ولكن لم يستطع علماء الوراثة والنفس والفلاسفة وعلماء الدين حتي تاريخنا لتمكن من فهم ماهية الروح من حيث الصفة والشكل والمعنى وتحديد مكانها بالجسد، ولكن من المؤكد لدي أن بداية طريقك للبحث عن صفاتها حتماً سيوصلك للذي خلقها (الله تعالي) سوى كنت قريباُ أو بعيداً منه وذلك بسبب اكتسابك لمعرفة جديده قد تكون غائبة عنك ومعرفة اثرها على عقلك؛ لتتعجب في ذات الوقت عنك كانسان!!! وهي كيف خلقت؟ وتعي حكمة خلقه لك؟ وهذا مهم لك لتدرك قدرت الله عليك وترتقي روحياً وتتطهر نفسياً ولتعيد اتصالك بالله ان كنت ليس معه وتزداد اتصالناً ان كنت معه ولكي تنفصل عن شهوات الدنيا ليعطيك لها كما كنت تحب وهذا هو المراد من مقالنا هذا.
والشاهد في الامر بأن المسلمين والمسيحين والفلاسفة قد بذلوا مجهود للوصول لأمر الروح والكل ادلا فيها واتفق على انها كيان خارق للطبيعية والاعتقاد بأنها الأساس للإدراك والوعي والشعور عند الانسان وتعرف بأثرها وليس بحقيقة ذاتها وهي ذات طبيعية غير ملموسة وعلمها الأساسي عند الله تعالي كما ذكرت سابقاُ وهي تلك الروح التي تسري على سائر جسدك حتى لو فقدت جزءاً منه تجدها كما هي وهذا هو الاعجاز في حد ذاته!!!، والذي يثير الاعجاب اكثر هو مشاهدتنا لأنسان يعيش من غير ارجل واخر بنصف جسده العلوي ولم تنقص روحهم شيء ولم نتفكر في ذلك، عجيب امرها عزيزي القارئ ، لذلك تأملها واسرح بخيال عقلك فيها.
والاعجب من ذلك ارتباطها بقلبك وكل جوارحك ارتبطاً روحانياً يجعلك في درجة من النقاء الفكري والذهني اذا ارتقيت بها والارتقاء هنا مقصود به النقاء والنقاء مكانه القلب وهو الشيء الوحيد الذي لا يتوارث من انسان لأخر ولا يكتسب بالتعلم بل يتأتى اليك بالتقرب الى الله عز وجل ومنه تصل الى حكمة التدبر وفيه تجد نفسك مرتقي الروح وارتقائها يهبك الطمأنينة وهى التي ترسل اليك نفحات الايمان ولحظتها تحس بقبولك لحياتك كما هي ومن ثم ترزق براحة نفسيه بداخلك غير معهودة وتعلو بداخلك موجات من السلام الداخلي تجعلك من أصحاب السماح السمح والعطاء الغير محدود لمن هم حولك قدر المستطاع.
وكل ذلك بفعل الروح صدقني بأنها تفعل ذلك!!! فقط عليك أن تجرب وتعيش اللحظة بكل تأمل وتفكر، واعلم كلما ارتقيت بها ينعكس تأثيرها على نفسك وعلقك وجسدك تدري لماذا؟ لأنك شغلتها وجوارحك بالله تعالي وكلما تفتحت مدارك الروح عندك، أوكد لك بأن قلبك سيصبح مستبصر وعقل ناضج ومتفتح الافكار، أي سيتغير منظورك لحياتك وتصبح من انسان شارد الزهن وثقيل الحمول الى انساناً اخر لا يشغله شي سواء معرفة الله، فبالتالي ستحصل على مرادك في الدنيا وتجد حياتك كما تشتهي نفسك وإذا وصلت الى هذا المرحلة اعلم بأنك وجدت الهدف الذي من اجله خلقت وأعلم بأن التفكير يكون عبر العقل والتفكر منفذه الروح.
ولقد اعجبني الحديث عن كيفية الارتقاء بالروحانيات بموقع موضوع على الأنترنيت والذي تفرد الكاتب وتجمل في الحديث عن الروح وهو يتفق ويتسق فيما ذكرته أعلاه وهو يقول: بأن الروحانيات تعد ضمن النواحي الروحية في الانسان وأنها هي الأساس التي ينبغي على كل انسان أن يعمل على الارتقاء بها وتنميتها من خلال عدد من الجوانب والسلوكيات الرائعة التي لا تعمل فقط على ارتقاء الروح بل تساعد ايضاً على الارتقاء بقدرات الدماغ وبادراك الانسان ووعيه لما يحيط به ، بحيث يصير أكثر حكمة وجمالاً وأعمق فكراً واليك أبرز الوسائل التي ترتقي بالروح:
واولها: الدين:
وهو يعتبر من اهم الوسائل التي وجدت أساسا للارتقاء بروح الانسان والبحث عن إجابات للأسئلة المختلفة التي تعترض عقل الانسان ، فكل أنسان متدين يبحث عن هذه الأسئلة من وجهة نظره اعتقاده الديني ، واذا ما اذد اقتناع بدينه الذي يعتنقه قوة الروح الإنسانية لديه، ويكون ذلك من خلال الاقتناع التام والتسليم المطلق بعقائد هذا الدين ،ومن ثم ممارسة الشعائر الدينية بشكل مستمر وبتعمق وتجرد من كافة بهارج الدنيا وملهياتها ، ولهذا تجد أن النساك والعباد هم أعظم الناس روحاً وهم يسيرون على خطي العظماء ذوي الأرواح العظيمة الذين وضعوا الاساسات الأولى لدين الذي يعتقدونه به.
ثانياً: الفن:
الفن بشكل عام والموسيقي بشكل خاص تساعد الروح على الارتقاء بشكل كبير واضح، لهذا فأنه يطلق على الموسيقي والفن اسم غذاء الروح، فهي بالنسبة للروح تماما كالجسد بالنسبة للغذاء، ولا يتوقع أي انسان أن ينال روحاً عظيمة دون الاعتناء بهذا الجانب، فالفن هو تجسيد الجمال الأول، والروح تعشق الجمال وتتقزز من الكره والظلامية.
ثالثاً: التأمل:
نجد بأن الأنبياء والعظماء الذين كانت لهم اسهاماتهم في تاريخ الانسان وكانوا كثيري التأمل والاختلاء وحدهم وهذا نشاط يجب على كل انسان أن يمارسه بشكل دوري وذلك بالاعتزال عن الاخرين والتفكر والتعمق في التفكر، ويستحق أن يذهب الانسان الى مكان رائع وجميل يظهر عظمة الله سبحانه وتعالي لم يتأثر بالأعمال الإنسانية المادية التي غطت جوانب هذه العظمة وهذا الالق ويخرج من تأثيرات الحياة واحداثها وضجيجها ويفكر في الحكم الكلية والعظيمة والخلق الكوني فيما حوله.
واخيراً أيها القارئ لا تهمل الروح فيك احرص على ارتقائها ونقها مما يشوبها ويعكر صفوها ، ولا تهملها وترهقها بارتداء ما لا يناسبها ويريحها ، قد ينسي البعض ارواحهم ويزداد لهث وهرولة للحصول على كل شيء من لا شيء وقد يسعي البعض الى سلك طرق عدة للبحث عن وجوه يظن أنها ستكسبه مزيداً من التميز ويتناسون أن ما يضفي قوة دائمة بأعماقهم هو قيمة الروح التي يحملونها بين جنابتهم والتي تحتاج الالتفات والاهتمام ، والهدوء والسكينة لترقي شخصياتهم وتكسبهم قيمة وقوة داخلية لا يمكن لأى انسان وقوة خارجية أن تسلبها منهم وتقلل من حضورهم وشخصياتهم.
جعلني الله واياك من انقيا الروح والنفس اليه،،،