تقرير: هبة عبيد
ازدادت التحركات من عدة اطراف وتوجهات في مساعٍ لقيام ثورة مضادة للاجراءات التي اتخذها القائد الاعلى للقوات المسلحة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي، ولجأ (26) حزباً وكياناً سياسياً لتشكيل جبهة موحدة توافقت جميعها على استمرار التصعيد حتى عودة الحكم المدني وحكومة رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك،
كما اتفقت ايضاً على تكوين جبهة وطنية عريضة من خلال التواصل مع قوى الثورة الفاعلة والتمسك بالوثيقة الدستورية، ولكن في ظل استمرار المكون العسكري في اجراءاته هل تفلح الجبهة في استعادة السلطة المدنية الكاملة (دون نقصان) بحسب ما عرضته في بيانها؟
استعادة السلطة
وطبقاً للمتحدث الرسمي باسم المجلس المركزي الواثق البرير فإن الكيانات توافقت على استمرار التصعيد حتى عودة الحكم المدني، وحملت في الوقت نفسه الانقلابيين مسؤولية ضحايا تظاهرات مليونية نوفمبر الجاري، وتواثقت على تكوين جبهة وطنية عريضة من خلال التواصل مع قوى الثورة الفاعلة بهدف استعادة السلطة المدنية كاملةً، ويأتي في مقدمة ذلك اطلاق سراح رئيس الوزراء لمزاولة مهامه وفقاً للوثيقة الدستورية، واطلاق سراح لجان المقاومة والمعتقلين السياسيين، فضلاً عن التمسك بالوثيقة الدستورية واتفاقية السلام، واشار الى ان ابرز الموقعين على البيان هم حزب الامة القومي والاتحادي الموحد وجيش تحرير السودان المجلس الانتقالي وتجمع قوى التحرير والبعث الاشتراكي وحركة (حق) وحزب الوسط والمؤتمر السوداني والحزب الناصري وقدامى المحاربين وتجمع القوى المدنية وتيار العدالة الانتقالية والحزب الجمهوري، بجانب الحركة الشعبية شمال ونساء الحرية والتغيير واتحاد اصحاب العمل.
تحالف وقتي
لكن المحلل السياسي البروفيسور حسن الساعوري يرى ان اذا كانت اجراءات الجبهة لمواجهة اجراءات البرهان بالتظاهرات فإن التظاهرات يمكن ان تستمر دون توقف، والدليل على ذلك التظاهرات التى اندلعت منذ سبتمبر 2013م واستمرت ست سنوات حتى ديسمبر 2019م، وقال في حديثه لـ (الإنتباهة): (اذا كان هذا هو النهج الذي سوف تسير عليه الجبهة الجديدة فهو اسلوب خاسر، لأن موعد قيام الانتخابات اقترب كثيراً، ولكن اذا كان التصعيد مقصوداً به ان يكون وسيلة لتعبئة سياسية لجذب الشارع لهذا التحالف للفوز في الانتخابات على الطرف الآخر بامكانه النجاح، اما اذا كان تصعيداً لاسقاط البرهان فهذا امر مكتوب له الفشل، لأن هذه الاحزاب والكيانات ليست لها قواعد وليس لديها تنظيم كامل او مؤيدون شعبيون في كل السودان ما عدا حزب الامة القومي)،
واشار الى عدم قبولهم تولي حزب الامة قيادة هذا التحالف اذا كان هدفهم الانتخابات، ولكن بامكانهم ان يستمروا في التصعيد لاسقاط البرهان، الا ان التظاهرات لن تسقط البرهان الا في حالة استدعاء دعم اجنبي، لذلك الاجدر بهم ان يعملوا على تصعيد انتخابي وليس اسقاط العسكر.
وشكك الساعوري في استمرار هذا التحالف لجهة ان معظم عضويته يسارية ولن توافق على قيادة حزب الامة لها باعتباره حزب يمين.
وبالمقابل سوف يرفض الامة ذات الامر وسيطالب بنصيب الاسد، مما يعني انه تحالف وقتي لاسقاط البرهان، موضحاً ان الشارع لن يستطيع اسقاط البرهان لجهة ان قيادات القوات المسلحة لن تنحاز له كما فعلت في ثورة ديسمبر وانحازت للشارع واسقطت البشير.
وتوقع الساعوري نجاح التحالف ولكن في حال زوال البرهان لن يكون لديه مبرر، الا فى حالة عدم التزام البرهان بعهده بقيام الانتخابات، وحينها سيكون لديهم مبرر اضافي، وقلل الساعوري من امكانية تحول التصعيد من مدني الى عسكري باستخدام السلاح، لأنه من الصعوبة بمكان ان تتغلب حركة مسلحة على الجيش السوداني، لانها ستدخل في حالة كر وفر ولن ينجح الامر في الخرطوم.
تسوية
أما أستاذ العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية د. محمد خليل فيقول: (إن الغالبية تطالب بالرجوع الى ما قبل (25) اكتوبر، ولكن هل بالامكان الرجوع ام حدوث تسوية؟)،
ويؤكد ان التسوية هي الحل، لأن الاجراءات التى اتخذها القائد الاعلى للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان خطأ لجهة ان الوثيقة الدستورية حددت كيفية تكوين مجلس السيادة، ولكن العسكر تجاوز الوثيقة التي استمدت احكامها من الموقعين عليها، وهم الجسم المدني ممثلاً في الحرية والتغيير والمجلس العسكري، اذن فإن الوثيقة ليس لها وجود الآن،
وقال خليل لــ (الانتباهة): (ما يحدث الآن هو ان الجسم العسكري فض شراكة مع الجسم المدني، لذلك من الصعب الرجوع الى ما قبل (25) اكتوبر، ولكن يمكن الاستجابة للمطالب الخاصة باطلاق سراح السياسيين والتمسك باتفاقية السلام)، وأوضح خليل أن الحرية والتغيير منذ البداية لم تكن لها قيادات ملهمة، والآن كيانات الجبهة الوطنية الموحدة لا تمثل جميع الشعب السوداني، والشارع يختلف بوجود معارضين للبرهان وآخرين موافقين لكنهم قلة، واضاف قائلاً: (يجب الآن الانتقال الى مرحلة التسوية حتى اذا حدث خرق للوثيقة الدستورية، وعدم التعنت للوصول الى مصلحة البلاد، لأن أي تعنت من شأنه أن يؤدى الى حرب اهلية لأن الثورات يمكن أن تتغير).
الانتباهة