الخرطوم: أميرة الجعلي
يبدو أن غضبة المجتمع الدولي تجاه المكون العسكري بعد الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي تتصاعد يوماً بعد يوم، وارتفعت نبرة حدة المجتمع الدولي بعد تكوين مجلس السيادة الجديد برئاسة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، فيما يمضي العسكريون في مواصلة تحركاتهم في تصحيح مسار الثورة –بحسب وصفهم– لعملية التغيير التي حدثت في البلاد في الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي.
كما لوح المجتمع الدولي في تصريحات متعددة بفرض عقوبات شخصية على من وصفهم بقادة الانقلاب، وشددوا على ضرورة عودة الوضع في السودان إلى ما قبل ٢٥ أكتوبر وإطلاق سراح رئيس الوزراء عبدالله حمدوك ليواصل عمله رئيساً للوزراء، ولكن بحسب معلومات الصحيفة ان المكون العسكري متمسك بموقفه وانه لن يتراجع عن قراره وبدأ بالامس أولى جلسات مجلس السيادة الجديد ويمضي في تعيين رئيس وزراء جديد.
خط أحمر..
ورغم اللهجة الحادة التي يستخدمها المجتمع الدولي، يتمسك العسكريون أيضاً بموقفهم، كما ظلوا يرفضون تدخل الخارج وفرض وصاية عليهم ويعتبرون سيادة الدولة اخط احمر لا يمكن تجاوزه، مما يفرض سؤالاً محورياً هل ينتظر السودان عزلة دولية جديدة وعودة للمربع الأول في ظل تعنت المكون العسكري؟ وهل ستكون هناك مواجهة جديدة بين العسكريين والمجتمع الدولي؟ كما يتساءل المراقبون ما سر تمسك المجتمع الدولي بحمدوك رئيساً للوزراء دون غيره هل هناك مصالح مشتركة بين الطرفين؟ إلى اين سيمضي السودان.؟
اجتماع الاتحاد الأوروبي ماذا هناك؟
اليوم (الاثنين) يعقد وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي اجتماعاً حاسماً حول السودان، وربما يفرض الاجتماع عقوبات صارمة تجاه أشخاص وشركات خاصة بالجيش السوداني، لكن هناك سؤال محوري هل سيمتنع المبعوثون الدوليون والمسؤولون الدوليون في زيارتهم للسودان من مقابلة المكون العسكري وعلى رأسهم الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان كما كان في السابق يفعلون مع الرئيس السابق عمر البشير ايام عزلته من قبل المجتمع الدولي ام كيف سيكون الحال؟
قلق “الترويكا“..
وكانت دول الترويكا (النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) والاتحاد الأوروبي وسويسرا، قد أعربت عن القلق البالغ لما يُزعم بشأن إعلان مجلس سيادي في السودان، والذي يمثل انتهاكاً للوثيقة الدستورية لعام 2019
واعتبرت الإجراء أحادي الطرف الذي يتخذه الجيش يقوض التزامه باحترام الإطار الانتقالي المتفق عليه، والذي يقضي بترشيح أعضاء المجلس السيادي من جانب قوى إعلان الحرية والتغيير، ويسبب تعقيد الجهود الرامية إلى إعادة عملية الانتقال الديمقراطي في السودان إلى مسارها، كما أكدت أن ذلك مخالف لتطلعات الشعب السوداني، ولمتطلبات تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في السودان.
مكاسب سياسية لن تذهب سدى..
وطالبت تلك الدول المكون العسكري بتجنب أي خطوات تصعيدية أخرى، وجددت دعوتها إلى عودة رئيس الوزراء حمدوك والحكومة الانتقالية المدنية، كما طالبت بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين منذ 25 أكتوبر، وإلغاء حالة الطوارئ لإتاحة المجال لإجراء حوار حقيقي وبنّاء، وذكرّت دول الترويكا القيادات العسكرية في السودان بأنها كانت قد أيدت إنهاء الحكم الاستبدادي في سنة 2019، وهددت بأن الدعم الدولي مرهون بنجاح عملية الانتقال السياسي بموجب ما نصت عليه الوثيقة الدستورية، وطالبت أيضاً بالعودة فوراً وبشكل تام إلى هذا المسار لضمان أن المكاسب السياسية والاقتصادية التي تحققت بشق الأنفس في السنتين الماضيتين لن تذهب سدى.
انتكاسة..
المفوض السامي لحقوق الانسان اعتبر تعيين مجلس السيادة انتكاسة لجهود التوصل إلى اتفاق سياسي، وأكد المفوض ، على ان هناك حاجة ماسة إلى حوار هادف وشامل وتشاركي لضمان عودة سريعة إلى الحكم المدني في السودان.
فرض عقوبات..
المحلل السياسي والدبلوماسي الرشيد ابو شامة في حديثه لـ (الانتباهة) لا يرى ان هناك فرصة لضغوط دولية اكثر من التي حدثت منذ بداية الاجراءات التي اتخذها البرهان منذ 25 اكتوبر ، واشار في ذات الوقت الى ان اهم الضغوط ايقاف المساعدات التي قدمت للسودان ، وتوقع فرض عقوبات شخصية على قادة التغيير .
واستبعد الرشيد ان يكون للضغوط الامريكية والغربية تأثير اكثر ، واوضح ان المكون العسكري متمسك بموقفه ولا يرغب في الاستماع لاي وجهة نظر مخالفة لهم.
إجراء مؤقت..
فيما اعتبر مسؤول سياسي –فضل حجب اسمه– أن الولايات المتحدة الان ادارتها ضعيفة ، ولفت الى ان هذا وضح في تعاملها مع اثيوبيا وغيرها من القضايا، واشار الى ان الضغط الاسرائيلي على الادارة الامريكية عامل اساسي في تخفيف نفوذ امريكا، اضافة الى التنافس مع روسيا والصين على المنطقة .
واوضح محدثي ان الوضع في المنطقة فيه اضطرابات ابرزها الوضع في اثيوبيا اصبح على حافة الانهيار وكذلك جنوب السودان وتشاد وليبيا وزاد الوضع لا يحتمل، واشار الى انه لكل هذه الاسباب لا تستطيع امريكا التفريط في جيش السودان وان تحدث هزة بين كافة الجهات التي تحمل السلاح وان يدخل السودان في حالة فوضى ويصبح الاقليم ملتهباً.
وقال السياسي ان كل ذلك يمثل مهددات لامريكا لكن هذا لا يمنع ان يعلو صوتهم ويمارسون التهديد ، مؤكداً ان هذه الاجراءات مؤقتة وانه عندما تترتب الامور سيعودون، واوضح ان الجانب الامريكي والاوروبي تم ابلاغهم بان الجيش يمكن ان يتحرك لان هناك ضغطاً داخلياً واذا انفجر ستحدث حرب اهلية.
مطامع استراتيجية..
وفيما يخص تمسك المجتمع الدولي بحمدوك رئيساً للوزراء قال ابو شامة ان المجتمع الدولي يتمسك به ليس لشخصه وانما لسياسته التي تبناها من اعادة العلاقات مع الصناديق الدولية والدول الكبرى وتخفيض ديون السودان.
واضاف محدثي ربما للغرب وامريكا مطامع استراتيجية في السودان وهذه المطامع لا تتم الا بوجود حمدوك ، بجانب التنافس على البحر الاحمر وان امريكا لا تريد روسيا فيه وزاد هذا يمكن ان يتم بنفوذ امريكي على السودان.
حقيقة حكم العسكر مرفوض جملاً وتفصيلاًً