السودان اليوم:
من يريد أن يمارس السياسة في السودان، فليقل لنا خيارات غير هذه الخيارات:
إماجعجعة، وسرد قناعات لا تحمل تجربة تنافح عنها إلا بما ينفي تلك القناعات.
وإما حمل سلاح في وجه أعداء فكرته، وممارسة العنف اتجاههم بكل ما يحمل من طاقة، وليس له في ذلك دليل واحد سوى إرضاء نفسه، وكبريائه.
أو يبحث في مناخ يتيح له عرض قناعاته، ويمكنه من طرحها رغم وجود ما يستفزه في هذا المناخ.
حالة الجعجعة يمثلها من ينادون بحكم إسلامي، وليس لهم أية آلية يعتمدون عليها اللهم تعلق بقناعة وكفى.
إن وجدوا طاغية يتمتم بالحكم الإسلامي يسيرون خلفه، وإن وجدوا سلاحا يهد ويحطم من يعارضهم استلذوا به وقبلوه.
المهم عندهم أن بحافظوا على هذه الجعجعة.
أما من يحمل السلاح ويدافع به عن قناعاته، فقد اختصر الطريق، ووجه رسالة واضحة لمن يخالفه بأن البقاء للأقوى، وما درى المسكين بأن دفاعه عن فكرته بسلاحه، فإنما يوجه فوهة بندقيته نحو معتقده لا نحو معتقد عدوه، فالأفكار التي تنشر بالسلاح سرعان ما تموت ويختفي أثرها.
أما من يلجأ إلى الخيار الثالث باعتباره الفرصة ليست فقط المثلى، وإنما الوحيدة في بسط ونشر وتثبيت معتقده.
وصفوه بمن يسير معه في الطريق، فلا ينظرون إلى أن الطريق يمكن أن يستخدمه الجميع رغم اختلاف من يسير عليه.
فالثورة طريق لمن يريد أن ينشر أفكاره وقناعاته.
العلماني يريد أن ينشر أفكاره، والمتمرد يريد أن يسيطر على الجيش ويزيله.
ما المانع من أن نستخدمها نحن من أجل نشر وتثبيت ما نعتقد؟
لكن كيف يستقيم لنا ذلك؟ ونحن تربينا على يد الطغاة، ونشأنا وترعرعنا على سياستهم؟
هل يعقل أن نأتي فجأة وننادي بحرية تمنح الحياة لما نعتقد؟
يقول الله تعالى في محكم التنزيل(قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين)سورة المائدة آية (٢٦).
لماذا حدد الله المدة في الآية الكريمة بأربعين سنة، ولم يقل ثلاثين أو عشرين؟
قيل في ذلك:
لأن عمر الجيل أربعون سنة، فهؤلاء القوم الفاسقون جيل كامل، فحدد الله عزل وجل توهانهم في الأرض لمدة أربعين سنة حتى يظهر جيل آخر بعدهم موحدا ومؤمنا بالله عز وجل.
والله أعلم.
The post ممارسة السياسة والخيارات المتاحة.. بقلم محجوب مدني appeared first on السودان اليوم.