غير مصنف --

عبداللطيف البوني يكتب: تاني تجي ال…؟

(1 )
تقول الأقصوصة ان العنزة اعتادت أن تذهب الى مكب بقايا الطعام (كوشة) مبكرة سابقة الكلب كي تلتقط منها ما يقيم أودها إذ أنه بمجرد رؤية الكلب قادما إليها لنفس السبب تهرب تاركة له المجال. فالمنطق المتفق عليه يقول إن قوة الكلاب لا تقارن بقوة الماعز المتواضعة. وفي ذات يوم اتخذت العنزة قرارا بالخروج من الصندوق وذلك بعدم الاستسلام للكلب فلم تترك الكوشة عند رؤيته قادما فجاءها يمشي الهوينا واثقا من فرارها ولكنها ثبتت ولما اقترب منها أكثر أرخت رأسها ومدت قرنيها تجاهه فتوقف الكلب فتحركت العنزة نحوه فتراجع فهجمت عليه بقرنيها الممدوين فولى هاربا وجرت خلفه ولكنه كان أسرع فتوقف بعيدا عنها ونظر إليها متسائلا (ياجماعة الغنماية دي جنت ولا شنو ؟)

(2 )
مناسبة هذه الرمية هي زيارة السيد بومبيدو وزير الخارجية الأمريكية يوم الثلاثاء الماضي للسودان قادما من تل أبيب مباشرة وقائلا إنه بذلك يدشن هذا الخط الملاحي الجوي الجديد، وهذا يعني ان الهدف من زيارته للسودان وهو ضم السودان لقاطرة التطبيع العربي مع إسرائيل، فتاريخ العلاقة الأمريكية / السودانية الحديثة يجعله يثق من موقفه (مالي إيده ) فمنذ محاولة السودان الخروج من القائمة الأمريكية الخاصة بالدول الراعية للإرهاب ظلت امريكا تأمر والسودان ينفذ , اجلس يجلس قم يقوم شمال دور يدور شمال يمين دور يمين يدور اعتدال يعتدل مارش يمشي ولا يألوا على شيء وكلما اقترب من نهاية الميدان تبعد أمريكا خط التماس ليظل متحركا حركة أبدية كما سيزيف في الأسطورة اليونانية القديمة . انه الخضوع المجاني الذي لا يكلف ولا سنتا واحدا (ركوب الفزرة ) وذلك راجع لعدة أسباب ولعل أهمها ان أمريكا وضعت الحكومة والمعارضة في جيبها فتسلط كل واحدة على الأخرى مما أعفاها من الدفع من جيبها، ان السيطرة الأمريكية على القرار السوداني تشكل بادرة تستحق أن تدرس لطلاب العلاقات الدولية تحت اسم (السيطرة بتكلفة صفرية). (زيرو كوست دومنيشن).
(3 )
الوثيقة الدستورية الانتقالية التي تحكم البلاد أعطت قوى الحرية والتغيير (قحت) دور الحاضنة للحكومة وهذه الحاضنة تموج بالقوى اليسارية والوطنية فرأت هذه القوى عدم الإقدام على التطبيع مع إسرائيل على الأقل في الوقت الحاضر، وبعضها يرى ان عدم التطبيع نهائيا وبعضها يرى عدم التطبيع إلا اذا كان هناك مقابل مناسب.
فجاء بومبيدو واثق الخطى ليأمر بالتطبيع ولكن قيل له موضوعنا معك ليس التطبيع إنما هو وجود السودان في قائمتكم اللعينة . ان كنت أنت تهدف الى إبقاء رئيسك ترامب في البيت الأبيض لدورة ثانية فنحن ايضا لنا أهداف تبقينا على وش الدنيا .
فياسيد بومبيدو وأنت سيد العارفين لا توجد في الدنيا قوة مطلقة ولا ضعف مطلق ولكن المشكلة تحدث عندما يعمه القوي في طغيانه ولا يفكر في ان للضعيف مواقع قوة والمشكلة الأكبر عندما يستسلم الضعيف ويجهل مكامن قوته فيزيد فرعنة القوي، فعلينا في السودان ان ندرك أن لدينا قرونا وأضلافين وأظافر وحاجات تانية حامياني ولكن يبقى الأهم ان العدل حلو يا سيد بومبيدو.

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button