في أخر حديثٍ له حول الوضع الراهن أجمل الإمام الصادق المهدي خيارات الخُروج من هذه الأزمة التي تُمر بالبلاد في ظل تباين وتباعد مواقف قوى الحرية والتغيير، وإخفاقات حكومة حمدوك ، في ثلاثةِ خياراتٍ لا بُد من حُدوثها أولها الفوضى ، وثانيها الانقلاب العسكري ، وثالثها القفز إلى انتخابات مبكرة ، وأمسك عن الرابع.
هُناك خيار رابع لم يُفصِّح عنه يُعتبر عند المهدي أهمّ بكثير من الخيارات التي ذكرها ، وكُل من ظلّ يُتابع لقاءات وتصريحات السيد الصادق يعلم تماماً ما هو الخيار ، وفي أول شهور الثورة وقبل التوقيع على الوثيقة الدستورية صرّح الإمام بأنّنا يجب أن نُجلسه على عرشه المفقود باعتباره أخر رئيس وزراء سوداني شرعي قطعت عليه الإنقاذ الطريق بانقلابها عليه قبل تكملة سنوات حُكمه ، وأن نجتهد في تسليمه الرئاسة في طبقٍ من ذهب لتكملة تلك السنوات المفقودة ، ونعتذر له اعتذاراً شديداً عن ما فعلته الإنقاذ به وبحزبه ، ونعتذر كذلك عن تقصيرنا في العودة به سريعاً إلى رئاسة الوزارة ليُشبعنا في (الكلام) ويُشنِّف مسامعنا بالمُفردات الغريبة علينا والأمثال العجيبة ، وما زالت (بوخة المرقة) طازجة في أذهان الثوار الصغار منهم والكبار.
المهدي الذي سخر من الثورة عند اندلاعها وحبس أتباعه في بدايتها من المُشاركة فيها ، ظهر بعد نجاحها ظهوراً مُكثفاً في قنوات ومنابر ما بعد الثورة يُحدّث الناس عن نفسه وحزبه ، ويُحاول مراراً وتكراراً إيصال رسالة واحدة أن لا أمل في ادارة عجلة الثورة والعُبور بها إن لم يتقدمنا الإمام ، وظل يتنقّل بين مُكوناتها يوماً مع الحُرية والتغيير وآخر مع العسكر ثم يذهب تارة أخرى ليُغازل حميدتي ، وبلا مُقدمات ينسحب من كُل المُشاركات ويسحب أعضاء حزبه مُغاضباً لعدم إشراكه في سياساتها ، وكأنّه أشعل شرارتها الأولى وواجه هو وحزبه عُنف وقسوة السُلطات في الطُرقات.
ما من ثورةٍ حدثت في التاريخ إلّا وأعقبتها بعض الاضطرابات والفوضى المقدور عليها وما أكثر من تجاوزوها وارتقوا سُلم المُستقبل ووصلوا ، وبأي حالٍ هُم ليسو بأفضل منّا يا إمام ، قطعاً سنصل ونعبُر وننتصِر على اخفاقاتنا وعلى فشلنا في إدارة شأننا إن جمعنا شتاتنا واستنهضنا الهمم ، ولك يا إمام في فشل تجربتنا بعد رحيل المُستعمر نصيب كبير ، أما الإنقلاب العسكري فهذا ما لم ولن يكون ، والإنقاذ ما كان لها أن تكون لولا هشاشة حكومتك وانشغالك بغير ما يهُم المواطن ورفاهيته ، أما القفز للانتخابات المُبكرة فلا تستعجل عليها وأظنّك لا تجهل بأنّ من هزموا الإنقاذ شباب صغار لا علاقة لهم بحزبك ولا بغيره من الأحزاب.
كسلا تنتحِب يا إمام وجُرحها ينزف ولم نرى لحزبك رأية دعم أو مُبادرة تُرفرِف فيها .
فعلام العجلة على الانتخابات..؟
صحيفة الجريدة