السودان اليوم:
(1 )
قلنا بالأمس إن الفشل الذي لازم تجاربنا الليبرالية ليس للفترات الانتقالية فيه ذنب إنما يرجع للتجربة الليبرالية ذات نفسيها فطريقة الانتخابات المباشرة اي ما اصطلح على تسميته بويستمنستر (صوت لكل شخص) هي سبب الكفوة لانها تأتي ببرلمان تكون عضويته مرهونة بالواقع المحلي لانها قائمة على الدوائر الجغرافية فقط وينقصها الأفق القومي الأمر الذي جعل الحكومات النابعة من هكذا برلمان يتيمة في مجتمع سياسي تسيطر عليه القوى الحديثة فهي التي تسير دولاب الدولة وتشكل النقابات وتسيطر على الشارع السياسي لذلك اقترحنا أن نلجأ هذه المرة الى الانتخابات غير المباشرة اي النسبية وذلك بجعل السودان كله دائرة واحدة ويصوت الناخبون للقوائم وهذه طريقة ديمقراطية كاملة الدسم وعملت بها الكثير من الدول في فترة التأسيس الديمقراطي لا بل بعضها اتخذتها صيغة دائمة (طبعا هي عملية معقدة شوية لكن أكان بقينا عليها شرحها ساهل فنحن الآن في مرحلة الترويج للفكرة)
(2 )
لاشك ان ديمقراطية وسيتمنستر ديمقراطية مثالية ولكنها تحتاج لمراحل تطور معينة فحتى في ستها بريطانيا تطورت في مائة وخمسين سنة حتى وصلت مرحلة صوت لكل شخص ونحن في السودان عندما أدركنا عوارها حاولنا ترقيعها بدوائر الخريجين والدوائر الفئوية (جعفر بخيت)لتسير جنبا الي جنب مع الدوائر الجغرافية لكن برضو ما نفعت، فالأوفق ان نجليها الآن لدورتين اوثلاثة . انتخابات القوائم سوف تضمن وجود كل القوى السياسية في البرلمان، فمثلا لو افترضنا قوة المقعد البرلماني خمسين الف صوت فأي قائمة تحصل على مائة وخمسين ألف صوت سيكون عندها ثلاثة أعضاء ويمكن ان تكون الـ(150) ألفاً هي العتبة بمعنى اية قائمة تحصل على أقل منها تروح في حق الله كما أن النسبية تسمح بظهور أحزاب جديدة بذات قوة المقعد والأهم انها سوف تتجاوز الروابط التقليدية من قبلية وعنصرية وجهوية ومناطقية ولكن هذا لا يمنع وجود أهل الثقل التقليدي في القوائم الحزبية الفائزة فيكونون أعضاء في البرلمان
(3 )
لأن القائمين على التجربة الثورية والانتقالية الحالية قاطعين العشم في إصلاح تأتي به الانتخابات التقليدية قاموا بتطويل الفترة الانتقالية وحددوها بثلاث سنوات قابلة للزيادة وحملوها فوق طاقاتها وجزمنا هنا بأنه مهما أخذت هذه الفترة الانتقالية من زمن ثم جرت الانتخابات ستكون القوة الحديثة خارجها فيبقى السؤال ما فائدة أي إصلاح طالما ان هناك حكومة معزولة من الكتلة الحيوية قادمة وبانتخابات ؟ الأصل في الفترات الانتقالية ان تكون قصيرة العمر قليلة المهام (كتر السفر وقلل الرحل) كما يقول المثل السوداني البليغ عليه ستكون الفترة الانتقالية الحالية أنجزت إنجازا غير مسبوق لو وضعت قانون انتخابات يأتي ببرلمان يحتوي على كل قوى البلاد الحديثة والتقليدية
(4 )
من المؤكد أن الانتخابات بالنظام النسبي بها عيوب، فهي تحرم الدوائر الجغرافية من النواب الذين يقدمون لها الخدمات المباشرة كالنفاسات على قول أحد النواب وهو يقصد الدايات ومن نواب أكلوا توركم وأدوا زولكم ومن نواب الواجب الاجتماعي المحبوبين ولكن لا شيء يمنع من وجود الرموز الاجتماعية في قوائم الأحزاب لذلك يمكن ان تكون الانتخابات النسبية لدورتين او ثلاثة لأننا الآن في مرحلة بناء وطني وهي الأهم ثم في مرحلة تالية يمكن ان تكون هناك مزاوجة بين نظامين من الانتخابات وبعد أن ينعدل الحال يمكن الرجوع لنظام ويستمنستر. أها رأيكم من عمل بروفة بانتخابات رئاسة الجمهورية لان حكاية انه السودان جمهورية برلمانية كلام مجاني ساكت.
The post بره الصندوق, جوه الجك (2).. بقلم د. عبد اللطيف البوني appeared first on السودان اليوم.