غير مصنف --

الخرطوم وتل أبيب .. هل تكتمل خطوات نحو التطبيع؟

لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع إسرائيل، هذه اللاءات الثلاثة التي اتفق عليها الزعماء العرب في مؤتمر القمة العربية 1967م ، ربما لم يعد يوافق المرحلة الحالية من عمر العلاقات الدولية، التي يعتبرها كثيرون أنها مبنية على المصالح المشتركة .

بعض الدول العربية وضعت ذلك الاتفاق جانباً وبنت علاقات متميزة مع إسرائيل، لكن هل السودان سيير على من سبقوه في التطبيع مع إسرائيل ؟ وهل لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعنتابي يصعب في هذا الاتجاه؟.

التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب أشعل الميديا. مؤيدون يعتبرون أن الخطوة مهمة ولا بد منها، طالما أنها ستكون علاقات (ندية) وليس (دونية) ، علاقات تحكمها المصالح المشتركة، إلا أن المعارضين يرفضونها تماما، وأغضبهم لقاء البرهان ونتنياهو ، وخرجوا في احتجاجات معلنين رفضهم خارج الأسافير.

تقارير إعلامية نقلت عن وزير الاستخبارات الإسرائيلي إيلي كوهين قوله إن توقيع اتفاق سلام بين السودان وإسرائيل اقترب ، واعتبر الخطوة تاريخية ولم يستبعد ان تتم قبل نهاية العام الجاري .
وقال كوهين في حديث لهيئة الإذاعة الإسرائيلية إنه يتوقع أن تتم هذه الخطوة التاريخية قريبا، وربما قبل نهاية العام الحالي .

قضية استراتيجية
ونقلت هيئة الاذاعة الاسرائيلية عن مصادرها بان الاتصالات بين تل أبيب والخرطوم مستمرة، موضحة أن بعثات من الطرفين تواصل الاستعدادات للتوصل إلى هذا الاتفاق .

رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة النيلين فتح الرحمن أحمد اكد لـ(السوداني) ، التطبيع وإقامة علاقات بين البلدين في تحركات سابقة قبل لقاء البرهان ونتنياهو ، مشيرا الى ان الاتجاه العربي منذ 1988م كان يعتبر قضية فلسطين قضية حدودية اكثر من أنها ودودية ، لكن بعد ذلك التاريخ بدأ التمييز بين الدولتين .

أحمد أكد أنه طول هذه المرحلة كان موقف السودان مبنياً على مقررات الجامعة العربية أي أنه لم يكن منفصلاً، مشيرا الى ان قضية التطبيع اصبحت استراتيجية وليست قضية تضامن عربي متكامل، وهذا الوضع جعل الدولة توافق او تقيم علاقات مع اسرائيل وفق حاجتها وموجهاتها الخارجية ، مؤكدا ان وضع السودان من القضية الفلسطينية وضع هامشي لانه من دول الدعم والاسناد، لكن بعض الروابط تجعله يعيد تقييم علاقته مع إسرائيل بحسابات ذاتية، مؤكدا ان التطبيع ليس من أولويات السودان ويجب عليه ان يركز في إقامة علاقات قوية مع دول الجوار لانه بحاجة لها أكثر من إسرائيل ، وقال إن الدول التي طبعت مع إسرائيل كان التطبيع علي المستوى القيادي الفوقي والدبلوماسي ولم يتنزل الى التطبيع الشعبي أو الاجتماعي .

وقال ان تغلبات السياسية الاسرائيلية الداخلية بين التيارات المتعارضة تجعل إقامة علاقات مع اسرائيل لا تُبنى غالبا على اسس استراتيجية بقدر ما انها محاولة من رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو لكسب سياسي ذاتي او حزبي .

لافتا الى انه بعد دخول الدول العربية في الربيع العربي والانكفاء على القضايا الداخلية بدات اسرائيل تركز على الاختراق الثنائي للدول، واستطاعت ان تخلق تأثيرا دبلوماسيا وبنت علاقات تجارية مع قطر، وسلطة عمان، ومع السودان عبر لقاء البرهان بنتنياهو، واخيراً الاتفاق مع الامارات .

لقاء (مجاملة)
فبراير الماضي التقى رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوغندا ، رغم ان الاتفاق كان ان يكون اللقاء في سرية تامة الا انه وبعد ساعات من لقائهما انتشر الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، وان الرجلين اتفقا على بدء حوار من اجل التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب .

لقاء الرجلين كان مفاجئا للحكومة الانتقالية بالخرطوم ، واعلن الناطق باسمها فيصل محمد صالح ان الحكومة عرفت اللقاء عبر وسائل الاعلام ، واضاف في بيان انه لم يتم التشاورمعهم او اخطارهم في مجلس الوزراء حول اللقاء .

مارس الماضي اعلنت صحيفة “يديعوت أحرنوت ” الإسرائيلية انه ولاول مرة سمح السودان بتنفيذ رحلات تجارية عبر مجاله الجوي الى إسرائيل، واشارت الى أن الحكومة السودانية سمحت لشركة “لاتام” الأمريكية الجنوبية، بعبور المجال الجوي للبلاد خلال تنفيذ رحلات من والى إسرائيل ، معتبره ان الامر من ثمرات لقاء البرهان ونتنياهو .

المحلل السياسي د.عبده مختار اكد في حديثه لـ(السوداني) ان التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب غير ممكن، معتبرا ان التطبيع مع اسرائيل من القرارات المصيرية ولا يمكن ان يتحكم فيها شخص واحد ، واضاف ان لقاء البرهان مع نتنياهو بعنتابي لا يعني التطبيع وربما جاء (مجاملة) ، قاطعا بأن الحكومة الانتقالية لا يحق لها ان تقرر في مثل هذه القضايا المصيرية فالامر متروك للحكومة المنتخبة .

تقرير : وجدان طلحة

الخرطوم: (صحيفة السوداني)

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button