السودان اليوم:
أعلنت الأمم المتحدة وصول فريق التخطيط للبعثة الأممية الخاصة بمساعدة السودان في العملية الانتقالية “يونيتامس”، إلى الخرطوم، لإعداد الخيارات على المستوى الفني، لمرحلة نشر وحدة (يونيتاميس) على الأرض، عقب تسمية ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، التي من المقرر أن تبدأ مهامها اعتبارا من يناير الثاني 2021، ويستمر تفويضها لمدة عام قابل للتجديد، على ألا يتجاوز تفويضها نهاية المرحلة الانتقالية في السودان.
تمهيد الأرض
فريق البعثة الفنية من الأمم المتحدة وصل للخرطوم لبحث الأوضاع على الأرض، تمهيدا لنشر البعثة الفنية والأمنية في السودان، بدأ سلسلة اجتماعته مع اللجنة الوطنية الخاصة بهذا الملف، والتي تضم عددا من الوزارات السودانية أبرزها الخارجية والعدل والدفاع، ومن المتوقع أن يزور دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق والشرق.
رئيس اللجنة التنفيذية للتنسيق مع بعثة الامم المتحدة ” يونيتامس” السفير عمر الشيخ قال في تصريحات صحفية إن الوفد يضم خبراء في مجالات التحول السياسي والانتقال الديمقراطي وحقوق الانسان والمساعدات الفنية لاعداد الدستور والتحضير للانتخابات وكذلك دعم عملية السلام الجارية الآن وعملية بناء السلام، وأخيرا حشد الموارد الإنمائية والاقتصادية وتقديم الدعم الفني والتقني، وحث الدول المانحة والمؤسسات الدولية على المساعدة”.
واضاف الشيخ : “ستستمر الاجتماعات مع كل الوزارات المختصة بهذا الشأن، وستتم زيارات إلى الاقاليم السودانية المختلفة لأن البعثة مقرر أن تكون لها مكاتب في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وشرق السودان، وبعد عودتهم سنقيم اجتماعات مشتركة للنظر في ما خرجوا به من زيارات الولايات والوزارات المختصة وبعدها سيتم تقديمه للسكرتير العام للأمم المتحدة ليتم تقديمه لمجلس الأمن في شكل تصور كامل للبعثة التي ستأتي وقوامها ومناطق انتشارها”.
اهداف وتحديات
سيكون هدف البعثة هو دعم السودان في استكمال المرحلة الانتقالية بنجاح. وستوفر استجابة فعالة لاحتياجات الدعم التي حددها رئيس الوزراء حمدوك في رسالتيه إلى الأمين العام. وتشمل دعم تحقيق المعايير السياسية الواردة في الإعلان الدستوري؛ ودعم تنفيذ اتفاقيات السلام في المناطق المتأثرة بالصراع ؛ ودعم بناء السلام بقيادة وطنية وتعزيز مؤسسات حقوق الإنسان وسيادة القانون، وتسهيل الدعم الدولي للإصلاحات الاقتصادية التي تضع السودان على طريق التنمية المستدامة.
الخبير الالماني المستقل في عمليات حفظ وبناء السلام بيتر شومان يلفت في حديثه الى (السوداني) الى أن مطلوبات السودان في الفترة الانتقالية لا ترتبط كلها بولاية البعثة الاممية خاصة فيما يلي البرامج التنموية التي لا ترتبط بأمد زمني محدد والتي سيكون من الافضل الاعتماد فيها على برامج ووكالات الامم المتحدة في السودان.
ويضيف شومان:” بالنظر لقائمة القضايا واجراء تحليل سريع نجد غالبيتها قضايا تنموية، وهو ما يشير الى أن القضايا الاقتصادية هي التحدي الرئيس أمام السودان بحسب تحليل حمدوك وفريقه”.
مفوض الامن والسلم في الاتحاد الافريقي اسماعيل شرقي يرى في حديثه الى (السوداني) أن البعثة الأممية أتت في الاساس لإكمال جهود السودانيين وإنجاح الفترة الانتقالية عبر المساعدة والدعم والنصح في تعزيز البرامج الاقتصادية والاجتماعية وتطبيق ما اتفق عليه في الإعلان الدستوري لذلك لا يمكن أن تكون تهديدا خطرا، ويشير شرقي الى أن التحدي الاساسي يتعلق بالطريقة التي سيدير بها السودانيون عملها بتوجيهها لما يحتاجون إليه وتقليص فرص التدخل، وهذا يتطلب من جميع السودانيين أن يكون لديهم تفهم متكامل للتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتهديدات المحيط الخارجي وفرص حدوث انفلات أمني يمتد إلى أراضيهم.
خبير التعاون الدولى واستراتيجيات التنمية الدولية أحمد حسين ينظر في حديثه الى (السوداني) الى طلب البعثة بانه خيار استراتيجى يعمل على انهاء بقاء السودان تحت الفصل السابع تدريجيا ويتيح للأمم المتحده تجاوز العمل الروتينى ومعاملة السودان كحالة استئنائيه وطارئة.
حسين يلفت لوجود تحديات امام البعثة الاممية ابرزها اشكالية التنسيق والمواءمة بين بعثة يوناميد والبعثة الجديدة لتحقيق الأهداف والاولويات الاستراتيجية للبعثتين في دارفور للترتيب لخروج امن ليوناميد والتمهيد للاستقرار والسلام في دارفور من قبل حكومة السودان وشركاء السلام ، وهذا يترتب عليه تحد كبير مستقبلا وهو قدرة الحكومة على حماية المدنيين بناء على الرسالة التي بعثت بها لمجلس الامن في 21 مايو 2020.
التحدي الثاني بحسب خبير التعاون الدولى واستراتيجات التنمية الدولية يرتبط بجاهزية المؤسسات الوطنية مؤسسيا ومهنيا وتوحيد الخطاب السياسي لقوى الحرية والتغيير تبرز كتحديات مهمة ما لم يكون هنالك ترتيبات جادة ومسبقة تتفادى الدروس من الماضي خاصة ما صاحب بعثة الأمم المتحده التي انشئت عقب اتفاقية السلام الشامل (2005) وما صاحبها من ربكة على كل المستويات.
اما التحدي الثالث فيرتبط بتشكيل فريق وطني عالي المستوى يتولى المتابعة امن الجانب السوداني لتنفيذ ومتابعة الخطة والتقييم نصف الفترة (الستة اشهر الأولى) وتحديد الأولويات بعناية وبانتظام ووضع قيد زمن لانتهاء اجل البعثة قبيل انتهاء الفترة الانتقالية بوقت كاف.
المحلل السياسي امير حسن يقول في حديثه الى (السوداني) إن السودان ورث تركة ثقيلة من النظام السابق التي تمثلت في حروب اهلية والفساد المستشري فضلا عن التدمير الممنهج لمؤسسات الدولة والمجتمع المدني، وجميع هذه الأمور تلحق أضرارا كبيرة بعملية الانتقال والتحول الديمقراطي.
على كل يمكن القول إن ثورة ديسمبر أوجدت ترتيبات انتقالية مزدوجة تتضمن عملية سلام جارية ستحدث ترتيبات انتقالية جديدة تخص السلام مثل توطين النازحين واللاجئين والمقدر عددهم بنحو 3 ملايين، بجانب برنامج الدمج والتسريح DDR، وهذه ترتيبات ذات طابع سياسي واقتصادي تستلزم وجود ضامن وشريك لتمويلها والاشراف عليها وتقديم الدعم الفني، بجانب ترتيبات اخرى متصلة بعملية تحول ديمقراطي، فضلا عن تحولات اخرى مصاحبة، وبين هذا وذاك تبدو التحديات اكبر من قدرة السودان لوحده على مواجهتها مما يستلزم مساندة المجتمع الدولي له وفقا لتفويض واضح يتم وضعه بعد نقاشات معمقة بين الحكومة والقوى المدنية والسياسية والجماعات الاهلية المختلفة من جهة وبين السودان والمجتمع الدولي من جهة اخرى.
رئاسة البعثة
وحول الشخص الذي من المقرر أن يقود البعثة، يبدو أن الجدل ما يزال مستمرا حول هوية الشخص المناسب لرئاسة البعثة خاصة أن التعيين عملية سياسية، يأتي في ظل تقاطعات دولية، الا أن النقطة المهمة التي تحرص عليها الخرطوم تقوم على ضرورة الا يؤثر عدم الإسراع بتعيين الممثل الخاص، بتعطيل عملية التحضير لانتشار البعثة.
وكانت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية كشفت عن أن مرشح الحكومة الانتقالية، الفرنسي جان كرستوفر بليارد، لرئاسة البعثة السياسية الأممية تحت البند السادس، يواجه رفضا من بعض الدول الأعضاء وسط توقعات بالتوافق عليه أو تبديله.
وقالت المجلة الأمريكية في تقرير لها، إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اقترح اسمين لقيادة البعثة السياسية في السودان هما نيكولاس هايسوم والذي رفضه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، والثاني الدبلوماسي الفرنسي جان كريستوف بليارد ورفضته كل من روسيا والصين على أساس إنه يفتقر لدعم الجيش السوداني.
ونقلت عن المصادر، أن بعض الدول تعرقل تسمية مرشح الحكومة السودانية لرئاسة البعثة الأممية في إطار التنافس بين تلك الدول ولا شأن للسودان به.
وتنتظر الحكومة الانتقالية رد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لحسم القضية واتخاذ قرار حاسم.
وأضافت أن «هناك مشاورات داخل أروقة الحكومة الانتقالية في السودان من أجل التوافق على تعيين مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للسودان وجنوب السودان السابق نيكولاس هيسوم، رئيسا للبعثة السياسية تحت البند السادس».
وكان مجلس السيادة الانتقالي في السودان رحب بموافقة الأمم المتحدة على تشكيل بعثة أممية لدعم السودان، رغم تحفظه على بعض النقاط المتعلقة بمهام البعثة، قبل أن يعود ويوافق عليها بشكل كامل عبر بيان أصدره رئيس الوزراء حمدوك وقتها.
وقال البيان الصادر عن مجلس السيادة يومها إن «حكومة السودان رحبت بالقرار رقم 2524 الخاص بإنشاء بعثة انتقالية، والقرار رقم 2525، الخاص بتمديد عمل بعثة اليوناميد، الصادرين من مجلس الأمن الدولي».
وأضاف أن «القرارات سوف تسهم في دعم استقرار الفترة الانتقالية وعودة السودان للأسرة الدولية مع التأكيد الوارد في القرارين على حفظ الحقوق الوطنية الكاملة.»
وكان مجلس الأمن والدفاع السوداني رحب بقرار مجلس الأمن الدولي بشأن إنشاء بعثة سياسية تحت البند السادس، لدعم مفاوضات السلام وإنفاذ الوثيقة الدستورية لمدة 12 شهرا، كما أعلن أيضاً ترحيبه بتمديد عمل بعثة حفظ السلام في دارفور «يوناميد» حتى نهاية كانو الأول/ ديسمبر المقبل.
وأصدر مجلس الأمن الدولي مؤخرا بالإجماع قرارين نصّ أحدهما على تشكيل بعثة سياسية في الخرطوم، تكون مهمتها دعم المرحلة الانتقالية بالسودان، بينما القرار الثاني يمدد عمل بعثة «يوناميد» في إقليم دارفور لنهاية العام على الأقل.
ويشير القرار لنشر البعثة إنها ذات طابع فني وسياسي وفق البند السادس إلى السودان، للمساعدة في إنجاح المرحلة الانتقالية والمساعدة في التحول السياسي والتقدم نحو الحكم الديمقراطي وتحقيق السلام المستدام وتعزيز حقوق الإنسان، وحشد الدعم المالي الدولي لضمان استقرار الفترة الانتقالية، وفق نص القرار، الذي حدد 1 يناير 2021 موعدا لبدء البعثة بـ«تنفيذ جميع أهدافها الاستراتيجية».
وسبق أن قدم السودان طلبا رسميا لمجلس الأمن الدولي لسحب رسالة واستبدالها بأخرى تتعلق بطلب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك إنشاء بعثة سياسية تحت البند السادس لدعم مفاوضات السلام وإنفاذ الوثيقة الدستورية.
يشار إلى أن مجلس الأمن والدفاع في السودان يختص بإعداد سياسات في مجال تخصصه واتخاذ وإصدار القرارات الملزمة، ويترأسه رئيس المجلس السيادي، ويضم في عضويته رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل والمالية والتخطيط الاقتصادي.
The post البعثة الممية بالسودان..خطوات تنظيم appeared first on السودان اليوم.