صاغ عدد من محرري الأخبار على المواقع الإلكترونية خبر نائب رئيس مجلس السيادة كل على هواه وميوله السياسي، والخبر مقدس، لكن طريقة تقديمه للقارئ تكشف لك عن ميول كاتبه فالبعض يلتزم بكل القواعد الخبرية للصياغة ولكنه يتحايل بذكاء على عرض مايريد عرضه، فالذين يحملون التفاؤل والعشم ويتمنون ان تخرج هذه البلاد من محنتها احتفوا بفعاليات تصدير أولي شحنات الذهب السوداني، باعتبارها خطوة جيدة تستحق الترويج لتنعش في نفوس الناس شيء من أمل، ومنهم من صدَّر عبارة نحن (يومي على الله معنوياتنا داقه الواطة) وطاف بها الأسافير ليخفف مابداخله من غِل تجاه الفترة الانتقاليه وهؤلاء هم النائحون منذ سقوط النظام الذين لم تذق (عيونهم النوم ) ففسروا العبارة إنها دليل ضعف وهوان للحكومة الانتقالية متمثلة في دقلو واعترافاته.
والبعض الآخر وقف عند تصريح حميدتي الذي حذر فيه من مجموعات لم يسمها تسعي لتدمير البلاد، كاشفاً عن تهديدات وتصفيات، تشغل باله بالرغم من ( توكله على الله ) عندما قال ( لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) مُبدياً مخاوفه من ضياع الوطن وانزلاقه فيما لايحمد عقباه وأردف (البلد دي لو اتفرقت ما بتتلم تاني ) وان كل ما يحدث من عقبات ومساع من جهات ومجموعات لها مصالح في تعطيل النهوض بالاقتصاد الوطني لن يجعلنا نتراجع عن الحفاظ على الوطن و وضع مُوجهات وسياسات صارمة لمنع التلاعب وتهريب الذهب، كاشفاً عن رصد مجموعات تعمل على شراء الدولار بأي كمية وبأي ثمن، وتوعد حميدتي كل من يتربص بتخريب الاقتصاد بملاحقته وتقديمه الى المحاكمات، مُقراً بوجود مافيا وعصابة كبيرة لابد من أن تُحارب من كل المجتمع السوداني ونادى بأهمية تفعيل مبدأ المحاسبة للجميع ومراجعة القوانين والتشريعات خاصة المتعلقة بالاتفافات المتعلقة بانتاج الشركات للذهب وتصديره) .
والفعالية في مجملها والإحتفاء بتصدير الذهب عبر القنوات الرسمية هو خطوة مهمة، لاسيما ان حميدتي يعلم علم اليقين ان الذهب الذي صدر الى الخارج بعيد عن أعين الناس كان كافياً ليخرج السودان من ورطته الاقتصادية التي يحدثنا عنها حميدتي ونحن أدرى بها.
اما عن مافيا الدولار قلنا من قبل وخشينا أن ( يرمي الدولار حميدتي ) ويأتي ليبث همه وحزنه للناس من جديد لأن الدولار يريد عصا حقيقية تضرب ولاتهش، يريد فعلاً حقيقياً موجعاً، لا قولاً تتداوله الأسافير حد الاستهلاك دون جدوى، فهذه العصابة يجب أن يشن عليها حميدتي حرباً ضروسا حتى ينتصر فيها، لاتخضع للمجاملة والترضيات، ولايستشير فيها أحد من (المعرقلين) حوله عندها سيجد حميدتي أن جهوده تأتي أُكلها، فالمشكلة الحقيقية التي تقف أمام المسؤليين في الدولة هي أن القرارات الحاسمة القاضية مازالت تصطدم بجدار المحسوبية والتهاون خضوعاً لرغبة بعض الشخوص وهنا تكمن المعضلة .
ويمضي حميدتي ويحدثنا عن أن ( البلد دي لو اتفرتقت تاني مابتتلم) ويشكو الينا خوفه من الانزلاق.
وهنا يذكرنا بتصريحاته في بداية عهده في السلطة والذي قال (انه لو لا الدعم السريع البلد دي كان اتفرتقت وبقت زي الدول المجاورة التي شهدت ثورات مماثلة ) إذاً أين الدعم السريع الآن وقواته من هذه التحركات ومن أفعال المتربصين به وبالوطن والمواطن الذي يموت في عدد من مدن السودان، فقوات الدعم السريع ان كانت غير قادرة على حماية الوطن وحماية قائدها الذي يخشى التصفية، وغير قادرة على محاربة مافيا الذهب والذين يعملوا على تخريب الإقتصاد، فماهي مهمتها، ومهمة قائدها الذي أجلسته الثورة على مقعد الرجل الثاني في المجلس السيادي.
والغريب ان حميدتي في الفترة الأخيرة أصبح مصدرا جيداً لإحباط المواطن، الذي يعاني من ظروف معيشية طاحنة، وليس له (رأس ) يحمل هماً جديداً، فمن المؤسف أن تكون مصدراً للحل وفي ذات الوقت منبعا للمشكلة، فالمواطن من حقه أن يشكو لحميدتي ظرفه ومعاناته خاصة وان الرجل يدير الآلية الاقتصادية المسؤولة عن إصلاح الاقتصاد وتخفيف معاناة المواطن، لكن ماذنبه ان يأتيه حميدتي كل يوم شاكياً من المتربصين والمخربين والمافيا، فالرجل بيده المال والرجال هل يعجز ان يقضي على كل هذه الفوضى في يوم واحد …..( وكلو بالقانون ) …أم ان حميدتي له رأي آخر مفاده تثبيط وإحباط الناس اليوم ليقدم نفسه غداً … على شاكلة … ( ماعندكم طريقة غيري ) !!
صحيفة الجريدة