غير مصنف --

محمد وداعة يكتب: المهددات .. ومساهمات الحكومة فيها !

في مقالات سابقة اشرت الى أكبر مهددات استقرار الفترة الانتقالية بناءاً على دراسة انماط السلوك السوداني تجاه الحكومة استناداً علي الشعارات التي رفعها الشعب السوداني على مدى أشهر ، وجاء ذلك ايضاً استناداً على تحليل الاسباب التي ادت الى سقوط النظام المباد ومنها زخم تراكمي وغبن من بطش النظام وانعدام الحريات واستمرار الحرب واسباب اقتصادية واجتماعية تضافرت في النهاية مع عوامل اخرى للاطاحة بنظام الثلاثين من يونيو..
حددت أهم الأسباب التي تؤدي الى التذمر الشعبي من الحكومة ( لاي حكومة) وفي مقدمتها الظلامات والمطالب والحركات الاحتجاجية السلمية و ازدهار حالة المحاكاة الشعبية حتي الوصول الى مرحلة (أحجار الدمينو) .. وليس اقل من ذلك كمحفز على الاحتجاج والتذمر من موضوع قطوعات الكهرباء في كل انحاء البلاد لساعات طويلة ويترافق مع ذلك انقطاع المياه ، وكان العامل الاخير هو المواصلات وعدم توفرها بالجودة والسعر المناسب .
استبعد هذا التحديد مخاطر استمرار الحرب على امل التوصل لاتفاق سلام سريع وسيستمر استبعاد استئناف القتال علي الاقل حتي نهاية العام ان لم تتوصل الاطراف كافة الي اتفاق سلام عادل ودائم .
هل من المعقول ان تساهم الحكومة فى زيادة الاحتقان ؟ مثلآ لماذا لم تصدر الحكومة قرارآ بالغاء القرار 206 لسنة 2005م و القاضى بمصادرة كل اراضى الولاية الشمالية لصالح وحدة السدود، بالرغم من تكوين لجنة لاصدار هذا القرار منذ اكتوبر 2019م ؟ هذه اللجنة التي كلف بها السيد وزير مجلس الوزراء السفير عمر مانيس و لم تعقد اي اجتماع خلال (8) اشهر ، اليس هذا امرا مستفزا ؟ علما بان قرار تكوين اللجنة جاء ضمن حزمة بناء الثقة فى مفاوضات جوبا بين الحكومة و الجبهة الثورية ؟ هل تنتظر الحكومة اعتصاما في الولاية الشمالية حتى تتحرك لاصدار قرار لا يحتاج لجنة ، المنتظر ان تصدر الحكومة الان و فورا قرارا يقضي بالغاء القرار 206 لسنة 2005م ، و اعادة اراضى الولاية لاهلها، خاصة بعد حل وحدة السدود .
وكان المأمول ان تتحسن الاوضاع الاقتصادية بسيطرة الحكومة على الموارد الموالية و المعدنية وايقاف تهريب الذهب .. كل المعلومات تشير الى عجز الحكومة عن السيطرة على الموارد المالية واستمرار الصرف دون ميزانية معلومة مما فاقم من الاوضاع الاقتصادية لجهة الفشل في ايجاد بدائل لرفع الدعم وانتهى الامر بالاستسلام الكامل لوصفه صندوق النقد الدولي.
وعليه زادت المهددات بتوقع اضافي ناتج من تدهور سريع للاوضاع المعيشية للمواطنين وعدم القدرة على مواكبة ارتفاع الاسعار حتى بعد زيادة المرتبات في القطاع الحكومي .
تأتي خطورة كثافة التحركات المطلبية من انها تحركات مشروعة وحقوق ثابتة .. على امتداد الوطن شرقاً وغرباً .. شمالاً وجنوباً ، ومن كون التعبير عنها يستمد مشروعيته من شعبيتها او مناطقيتها، و سلميتها، و ربما تتصاعد الانفعالات لمرحلة العنف و العنف المضاد مما يشكل خطرا يزيد من حالة الاحتقان المفضى الى الانفلات كما يحدث الان ، و دون مصادرة حق الناس فى الاحتجاج او الاعتصام ، على الحكومة ان تتبنى مؤتمرا للاجسام المطلبية القومية و المحلية لمناقشة هذه المطالب و النظر فى كيفية حلها بطريقة منظمة و مسؤلة ، ان طريقة عمل الاطفائي لن تثمر مع تعدد و تكاثر الاحتجاجات، ، على الحكومة ان تعي ان الاسلوب الحالى لن يقود الى الاستقرار ، ومن الواضح ان الحكومة غير قادرة على حل هذه المطالب دفعة واحدة، مع توقع اتساع دائرة الاعتصامات و المطالبة بالحلول الفورية ، عليه فان عقد مثل هذا المؤتمر يخفف من اتساع درجة الاحتجاجات المطلبية خاصة اذا تبنت الحكومة برنامجا واضحا يستند على تصنيف المطالب على المستويات الولائية و الاتحادية و اعتماد مبادرة للاستجابة للمطالب المشروعة بالاتفاق مع المنصات الاحتجاجية و قطع الطريق على استغلالها من اي جهة .

صحيفة الجريدة

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى