غير مصنف --

عثمان ميرغني يكتب: انقلاب حمدوك !

في شهر مارس الماضي أعلنت المجالس الثلاثة (السيادي –الوزاري- الحرية والتغيير) عن “مصفوفة” لإنجاز ما سقط سهوا أو تأخر عمدا من مطلوبات هيكلية أو حتمية في سياق حكم الفترة الانتقالية. المصفوفة تبدأ مواقيتها من بداية أبريل.

وجاء أبريل، ولم يبدأ التنفيذ، فأطل من شاشة التلفزيون الرسمي من المركز الاعلامي بالقصر (أو سونا لا أذكر) الفريق ياسر العطا ممثلا للسيادي، والسفير عمر مانيس ممثلا للوزاري والمهندس يوسف صديق ممثلا للحرية والتغيير، وأعلنوا عن تصفيف “المصفوفة” بمواقيت جديدة..

وجاءت المواقيت الجديدة ولم تأت المصفوفة!! والحال كذلك قد يحتاج الوضع إلى مصفوفة كل شهر! وربما مصفوفة للمصافيف!

كلمة “مصفوفة” ظهرت في سماء السياسة السودانية بعد توقيع اتفاق السلام 2005، و بداية الشراكة بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وكان الشريكان المتشاكسان يضيعان الوقت في الانهاك المتبادل، وعندما يمر الزمن بلا انجاز يخرجان على الشعب باجتماع يُعلن “مصفوفة”!!.. ووجد المصطلح رنينا و رواجا سياسيا واعلاميا.. ومنذ ذياك التاريخ كلما شعر الساسة بحرج الـ”لا” انجاز خرجوا على الشعب بـ”مصفوفة”!

وكلمة “مصفوفة” وترجمتها Matrix هي مصطلح علمي “رياضيات أو هندسة” تعني جدولا بأعمدة فردية أو متعددة، واستعاروه في السياسة ليقصد به جدولا يوضح العمل مقابل التاريخ المحدد له.

الآن وقد “مرت الأيام كالخيال أحلام” و لم يعد لمواقيت “المصفوفة” معنى لأن الزمن تجاوزها، هل ستخرج الحكومة ممثلة في المجالس الثلاثة بمصفوفة جديدة؟ أم أن الحياء شعبة من شعب الإيمان!

بكل أسف كل ساعة أو يوم يمضي يزيد من فرص فشل الحكومة الانتقالية، و سيأتي يوم قريب جدا، وتكتشف الحكومة أنه “تبقى من الزمن “خمس دقائق” ولم ينجز شيء.. حينها لن ينفع أن يقال للشعب (سنعبر وننتصر)!

الوقت الآن للقرارات الصعبة والمصيرية، أما أن تتخذها الحكومة أو تدق آخر مسمار في نعشها.. لابد من مراجعة كلية للحكومة من رأسها إلى أخمص قدميها.. مراجعة مفاهيم أولا، ثم هياكل ثانيا، ومهام ثالثا، وفي آخر السلم – وهو الأقل أهمية – يأتي اعادة تسمية شاغلي المناصب الدستورية العليا..

فلنبدأ الآن تصحيح الأوضاع، يقود الدكتور حمدوك مراجعة شاملة حتمية، انقلابا بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، تبدأ بتوليه القيادة السياسية والتنفيذية معا، و اعادة هيكلة الحكومة التنفيذية وفق المفاهيم الحديثة متجاوزا كل التسميات القديمة.. ثم تشكيل البرلمان – حتى ولو من مائة نائب فقط فالعبرة بمستوى النواب لا عددهم – وتدشين خطة تنمية ونهضة شاملة تتجاوز الفترة الانتقالية. فإذا كانت الحكومة انتقالية فالوطن ليس انتقاليا ولا الشعب.. والتنمية للوطن وللشعب وليس للحكومة.

هذا أو الطوفان، فإذا استمرت الحكومة في التثاؤب الذي تمارسه الآن.. وظنت أن الشعب سيتلهى بالمعارك الدنكوشوتية فستكشف قريبا – جدا- أن المتغطي بالشعارات عريان!

يا دكتور حمدوك.. اما أن تنقلب، أو يُنقلب عليك.

والخيار لك!!

صحيفة التيار

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى