غير مصنف --

أحمد يوسف التاي يكتب: أخطر عملية نهب في تأريخ السودان

أكثرُ المتشائمين لم يكن يتصور أن تصل حالة الفوضى في الأسواق ، والمحلات التجارية داخل الأحياء هذه الدرجة التي نعيشها الآن في ظل صمت مخجل من الحكومة إزاء هذه الأوضاع التي وصلت حداً لايطاق من الغلاء والضائقة المعيشية…
تعالوا نضع سؤالاً واحداً وبسيطاً ثم نُجيب عنه : من وراء فوضى الأسعار، ولماذا ؟..
وقبل أن نجيب عن السؤال المطروح لابد أن نشير إلى صعوبة تحديد نسبة ارتفاع الأسعار، وذلك لسببين لأنها أصبحت في حالة زيادة مُضطردة وسباق ماراثوني مع ساعات اليوم، وعلى نحو يتعذر معه إلتقاط الأنفاس فعلى رأس كل ساعة سعر جديد يختلف من محل إلى آخر، كما أن هذه الزيادة ليست موحدة، فحتى داخل “السوبرماركت” الواحد تجد البائعين يتعاملون باسعار مختلفة للصنف الواحد، (إنت وحظك، شختك بختك البجي على لسانو هو السعر وخلاص)، وبمعنى أدق هو ومايريد أن ينتزع من جيبك وببرود شديد، فلاحسيب ولارقيب، على نحو يرقى إلى تسميته نهب و”قلع”..
نعود إلى السؤال المطروح: من وراء هذه الفوضى ولماذا؟
في قروب واتساب خاص بالغرف التجارية، أفاد أحد الموردين أنه قام بتوريد (سلعة) محددة لمحل تجاري كبير ومشهور بالخرطوم، تفاجأ أن المحل التجاري يقوم ببيع تلك السلعة بمبلغ 650 جنيه، في حين أن المورد يبيعها للمحل بسعر 110 جنيه، وأضاف المورد في مداخلته: يمكن لصاحب المحل أن يضع هامش ربح 40 جنيهاً على السلعة ليصبح سعرها للمستهلك 150 جنيهاً على أعلى تقدير ، لكنه يبيعها في لحظتها بمبلغ 650 جنيهاً..ولما سأل المورد صاحب المحل عن السبب الذي يدفعه للبيع بهذا السعر الخرافي بدلاً عن بيعها بمبلغ 140 جنيهاً، أو 150 جنيهاً، (تخيلوا الرد كان كيف؟)… رد قائلا:(لأنو ناس المصنع في الفترة الجاية دي حيزيدو الاسعار)..!!!.
صاحب “البوست ” نسي أن يضيف أن مبلغ الـ “650” قابل للزيادة بعد ساعات من مغادرته المحل…
أوردنا هذه الواقعة كنموذج ومثال لحالة الفوضى التي تحدث في الأسواق والمحلات التجارية، والتي تختلف أسعارها من محل إلى آخر…
ربما أن بعض المصانع والموردين يزيدون الأسعار بشكل غير مبرر، لكن الغالبية لاتفعل (حسب المداخلات)، وتصبح المشكلة الأساسية في المحلات التجارية التي تتسابق في ميادين نهب المواطن الذي بات يجثو على ركبتيه لاحول له ولاقوة، بينما يمسك التجار بسياطهم ويلهبون ظهره بأسعار يحددونها وحدهم وبأمزجتهم الشخصية بينما الحكومة تتفرج عليهم وكأن الأمر لايعنيها، وكما لو أن هذا الشعب المنهوب الذي أناخ عليه الدهرُ بكلكله من دولة مجاورة ولايعنيها أمره ..
صحيح أن الحكومة زادت الرواتب للموظفين، لكن العاملين بالقطاع الحكومي لايتعدون الـ (7%) من الشعب السوداني، كما أن هذه الزيادة التي حظيت بها هذه الفئة القليلة هي التي اغرت (ناس النهب غير المسلح)، وحفزتهم على انتزاعها من جيوبهم بمضاعفة اسعار السلع عشرات المرات،حسداً من عند أنفسهم على هذه الزيادة وكأن الشعب كله يعمل بالقطاع العام …
اختم وأقول إنما يحدث الآن بالاسواق والمحلات التجارية، ليس فوضى وحسب، وليس جشعاً بل هو أمرٌ تخطى الجشع فمايجري الآن نهب غير مسلح تحت مرأى ومسمع الدولة…الجشع يمكن أن يكون بنسبة 10% الى 20 % من السعر الحقيقي للسلعة خلال اشهر، ولكن أن تصل إلى نسبة غير محددة قد تصل في ذروتها إلى 1000% وقابلة للزيادة على مدار الساعة فهذا ليس جشعاً وإنما نهب وجريمة كبرى وفساد في الارض يستوجب مواجهته بالحسم القانوني وبكل اسلحة الدولة،وإلا فإن الشارع سيفاجئكم بما لم تكونوا تحتسبون….اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة آخيرة:
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

صحيفة الانتباهة

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى