“الجندي الذي يقاتل من أجل وطنه يجعل من الأرض مستحيلةً على الغزو أما المأجور فمكانه السوقُ حين تهدأ الرغبة”
– تؤكد منصة القدرات العسكرية السودانية أن ما جرى في مدينة الفاشر مؤخرًا لا يمكن توصيفه وفق المعايير العسكرية المهنية المعروفة على أنه “نصر ميداني” لمليشيا الدعم السريع بل هو نصر بالوكالة” Proxy Victory” بالمعنى الدقيق للمصطلح العسكري.
فقد ظلت تظهر المعلومات الميدانية المؤكدة مشاركة عناصر مرتزقة من دول مثل “كولومبيا وعناصر مرتزقة من أوكرانيا قاتلت خارج إطار الدولة” بالإضافة لمرتزقة من إفريقيا أبرزهم مرتزقة من جنوب السودان وإفريقيا الوسطى وتشاد ومالي والنيجر في العمليات القتالية التي جرت داخل المدينة، حيث تولت هذه العناصر تنفيذ الضربات الموجهة، وتشغيل المنظومات الجوية المسيرة ومنظومات الدفاع الجوي، وتنسيق عمليات الاستهداف الدقيقة وإجراءآت النيران بالمدفعية والطائرات بدون طيار بالإضافة للمدرعات وتهيئة خطوط الإمداد التي تكاد لاتقف للحظة وحفر الخندق الكبير الذي احاط بالفاشر حيطة السوار بالمعصم، هذه الأدوار الحيوية والتي تمت خارج قدرة المليشيا المحلية من حيث التدريب والخبرة التقنية، وهو ما يوضح أن الفعل الحاسم في المعركة لم يكن صادرًا من القوة الأصلية للمليشيا بل من أطراف أجنبية قاتلت وخططت بالنيابة عنها وهو مايوضح أن المليشيا لوحدها لو قاتلت لمئة عام ماكانت لتنجح ولو بصورة ضئيلة في “الفاشر” .
– إن مثل هذا “النصر بالوكالة” لا يحمل قيمة إستراتيجية حقيقية بل يوضح بشكل غير قابل للتشكيك “ضعف وهوان” المليشيا وإفتقارها إلى القدرة الذاتية على إدارة المعركة لسنوات كما أنه يفضح هشاشة المنظومة القتالية للمليشيا والتي باتت تعتمد اعتمادًا شبه كامل على” المرتزقة” ذوي الخبرة الأجنبية لتغطية ضعفها في التنظيم والانضباط والتكتيك وحتي في الإستمرار في القتال .
– ورغم الزج الأجنبي بالعناصر الأجنبية والحصار البري والجوي، والقصف المستمر الذي تعرضت له مواقع المدافعين عن المدينة، فإن القوات ظلت صامدة محافظة على تماسكها ومواقعها القتالية الأساسية وأظهرت تماسكًا قتاليًا يفوق التوقعات من حيث التنظيم والإنضباط النيراني والقدرة على المناورة تحت الضغط وتحقيق أعلى معدلات الصمود التي لم يسبق لها مثيل في العالم .
– لقد كان المدافع أقوى من المهاجم الذي جلب المرتزقة من الخارج عندما عجز، إذ استطاع أن يُبقي خطوطه متماسكة، وأن يمنع تحقيق أي إختراق إستراتيجي أو انهيار ميداني شامل رغم التفوق العددي والناري للطرف المعتدي لفترات طويلة.
– وعليه فإن ما تدّعيه المليشيا من نصر لا يمكن أن يُعد مصدر فخر أو إنجاز عسكري، لأنه نصر فاقد القيمة، تحقق عبر عناصر أجنبية مأجورة لا تعبّر عن عقيدة قتال أو إرادة وطنية أو قضية كقضتيهم “المهترئة” ولا يمكن دراسته إلا كنموذج يُبرز كيف غيّر المرتزقة نتائج فشل يفوق المئتي معركة سابقة عجزت فيها المليشيا عن تحقيق أي تقدم ذاتي دون دعم خارجي مباشر.
– من الناحية المهنية لا يُسجّل مثل هذا النوع من الإنتصارات في خانة الإنجازات العسكرية لأن النصر لا يُقاس بما يُحقق من خلال الأيدي المستأجرة بل بما تنتجه القوة الأصلية من فعل ذاتي مستدام قائم على عقيدة وتنظيم وقيادة محلية أما النصر الذي تحققه قوة مرتزقة بالنيابة عن مليشيا، فهو في الأعراف العسكرية ليس سوى إنتصار صوري فاقد للشرعية العملياتية يُخفي خلفه هزيمة وعجز عميق داخل المليشيا.
– إن منصة القدرات العسكرية السودانية تعتبر أن ما جرى في الفاشر ليس إلا مظهرًا من مظاهر الحرب بالوكالة التي تُدار ضد السودان عبر أدوات مأجورة وعناصر أجنبية تعمل تحت غطاء مليشياوي، في تجاوز صريح لكل قواعد القانون الدولي، ومؤشر إضافي على إنتقال مليشيا الدعم السريع من كونها فاعلًا محليًا متمردًا إلى واجهة لمشروع “خارجي” منظم يستخدم المرتزقة لتحقيق مكاسب مؤقتة لا تصمد أمام ميزان الحرب الوطنية الشاملة.
–







