مرصد مشاد: استهداف المدنيين وزعماء الإدارة الأهلية في شمال كردفان جريمة ضد الإنسانية تكشف التوجّه الخطير لقوات الدعم السريع نحو تصفية القبائل الرافضة للحرب.
يدين مرصد مشاد بأشد العبارات الجريمة المروّعة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في ولاية شمال كردفان، والتي شكّلت انتهاكًا فادحًا وصارخًا لمبادئ القانون الدولي الإنساني ولأبسط القيم الأخلاقية والإنسانية، بعد أن استهدفت هذه القوات عمدًا تجمعات المدنيين وزعماء الإدارة الأهلية من أبناء القبائل التي رفضت المشاركة في الحرب أو الانحياز لها، في محاولةٍ مكشوفة لإخضاع المجتمع الأهلي بالترهيب والقتل والانتقام الجماعي.
وبحسب المعلومات الميدانية الموثوقة التي تلقاها المرصد من مصادر محلية وشهود عيان، فقد نفذت قوات الدعم السريع هجمات متكررة على مناطق متفرقة من شمال كردفان، أدت إلى مقتل ناظر عموم قبيلة المجانين وأكثر من خمسة عشر مدنيًّا بينهم قيادات أهلية بارزة وشيوخ من الإدارات المحلية، إلى جانب إصابات خطيرة وسط عشرات المواطنين الأبرياء، وترويع النساء والأطفال وإجبار العديد من الأسر على النزوح القسري.
ويعتبر مرصد مشاد أن هذا العمل المشين يمثل جريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان، من حيث النية والتنفيذ والنتائج، إذ تم على أساس التمييز القبلي والهوية الاجتماعية، بما يتنافى تمامًا مع نصوص اتفاقيات جنيف وميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ويؤكد اتساع دائرة الانتهاكات الممنهجة التي ترتكبها قوات الدعم السريع في مختلف أنحاء السودان بحق المدنيين العزّل.
إنّ هذه الجريمة لا تمثل فقط اعتداءً على حياة المدنيين، بل تعدّ استهدافًا مباشرًا للمنظومة التقليدية للإدارة الأهلية، ومحاولة لتفكيك النسيج الاجتماعي الذي ظلّ على مدى عقود أساسًا للتعايش والسلام الأهلي. ويؤكد المرصد أنّ استمرار هذه الانتهاكات دون رادع يعمّق الانقسام المجتمعي ويهدد وحدة البلاد واستقرارها ويقوّض فرص الوصول إلى سلامٍ عادلٍ وشاملٍ ومستدام.
ويحمّل مرصد مشاد قوات الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم البشعة، كما يدعو الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، والآليات الإقليمية والدولية المعنية بحقوق الإنسان، إلى التحرك العاجل من أجل فتح تحقيق دولي مستقل وشفاف حول هذه الانتهاكات، وضمان محاسبة جميع المسؤولين عنها أمام العدالة الدولية. كما يطالب المحكمة الجنائية الدولية بتوسيع نطاق تحقيقاتها الجارية في السودان لتشمل هذه الحادثة وسائر الجرائم المشابهة التي تستهدف المدنيين على أساس الانتماء القبلي أو الموقف السياسي.
ويجدد المرصد تأكيده أنّ الإفلات من العقاب يمثل جريمة ثانية بحق الضحايا، وأنّ تحقيق العدالة وإنصاف المتضررين هو الشرط الجوهري لأي عملية سلام حقيقية ومستقبل آمن ومستقر للسودان، ويشدد على ضرورة حماية المدنيين فورًا واتخاذ تدابير فعّالة لوقف التدهور الإنساني المتسارع الذي تشهده ولاية شمال كردفان وسائر مناطق البلاد.









