جنيف ـالراي السوداني ـ اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الاثنين، قرارًا جديدًا بشأن الوضع في السودان، يقضي بتمديد ولاية البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق لعام إضافي، ما يتيح لها متابعة التحقيق في الانتهاكات الجسيمة والجرائم المرتكبة وتحديد المسؤولين عنها.
القرار، الذي حمل الرمز A/HRC/60/L.18، قدمته المملكة المتحدة وألمانيا وأيرلندا وهولندا والنرويج، وأدان الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي خلال القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وحلفائهما.
ويُدين القرار أعمال القتل والتعذيب والاغتصاب والعنف الجنسي، بما في ذلك الاستعباد الجنسي والاختفاء القسري والتهجير القسري وقصف الأحياء المدنية، فضلًا عن استخدام التجويع كسلاح حرب وتدمير المستشفيات والمدارس. كما أشار إلى “أوجه تشابه واضحة” مع الانتهاكات السابقة في دارفور، محذرًا من “ظروف مجاعة” في مخيمات النازحين وجبال النوبة الغربية.
وأعرب المجلس عن قلقه من تصاعد العنف في كردفان والفاشر، لا سيما الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع على مخيمي زمزم وأبو شوك، داعيًا إلى وقف فوري لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية بأمان ودون عوائق.
وشدد القرار على أن الإفلات من العقاب يغذي استمرار الانتهاكات ويُعدّ عقبة أمام تحقيق سلام مستدام، مؤكدًا الحاجة إلى انتقال سياسي شامل بقيادة سودانية نحو حكومة وطنية منتخبة ديمقراطيًا بعد فترة انتقالية مدنية.
وقال حسن شاير، المدير التنفيذي لمنظمة ديفند ديفندرز: “مع انشغال العالم بأكبر أزمة نزوح وإنسانية، أصبح دور بعثة تقصي الحقائق أكثر أهمية من أي وقت مضى، إذ تساهم في جعل المساءلة محور أي حل طويل الأمد للصراع”.
وأشارت إستيلا كانسيمي، مديرة المناصرة في المنظمة ذاتها، إلى أن المجلس “لم يكن أمامه خيار سوى تمديد الولاية”، لكنها أعربت عن أسفها لأن القرار “لم يستغل لتعزيز تفويض البعثة لعامين كاملين رغم خطورة الأزمة”.
وحظي القرار بدعم واسع داخل المجلس، حيث صوّتت 24 دولة لصالحه، مقابل 11 ضدّه، و12 امتنعت عن التصويت.
وبموجب القرار، سيجري المجلس مناقشات عامة حول السودان في فبراير ويونيو وسبتمبر 2026، على أن تقدّم البعثة تقريرها في الدورة الثالثة والستين وترفع نتائجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر 2026.
بيان صمود
رحب التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” بقرار مجلس حقوق الإنسان القاضي بتمديد ولاية بعثة تقصي الحقائق الدولية المستقلة للسودان لعام إضافي، لمتابعة التحقيقات وتقديم تقارير دورية للمجلس والجمعية العامة، مع الإدانة الصريحة للانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها أطراف النزاع بحق المدنيين العزّل، والدعوة لإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة ومحايدة بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لضمان المحاسبة على الجرائم البشعة التي شهدها السودان منذ اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل.
وأشار البيان إلى تقدير التحالف لما ورد في القرار من ترحيب بجهود “صمود”، معتبرًا ذلك دفعة قوية لكل الجهود المدنية السودانية المبذولة لوقف الحرب واستكمال مسار ثورة ديسمبر المجيدة.
وأكد التحالف مواصلة مساعيه لإحلال السلام الشامل في البلاد وبناء دولة مدنية ديمقراطية تنأى عن العنف، ودعم عمل بعثة تقصي الحقائق، مطالبًا أطراف النزاع بتمكينها من أداء مهامها في كافة أنحاء السودان.
كما شدد البيان على شكر الدول التي قدمت مشروع القرار وصوتت لصالحه، مؤكدًا أن الشعب السوداني يستحق الحياة الكريمة، وأن الجناة ستلاحقهم العدالة.
وأشار التحالف إلى الدور الكبير لمدافعي حقوق الإنسان السودانيين في توثيق الانتهاكات، داعيًا الأسرة الدولية إلى تقديم الدعم اللازم لأعمال البعثة وتنفيذ توصياتها لتحقيق العدالة والسلام المستدام.









