سد النهضة بين اتهامات القاهرة ومخاوف الخرطوم.. فيضانات السودان تكشف خطورة “الإدارة الأحادية”
الراي السوداني – تحليل خاص
تصاعد الجدل مجددًا حول الآثار المباشرة لـ سد النهضة الإثيوبي على السودان، بعد أن حمّل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، أديس أبابا مسؤولية الفيضانات المدمّرة التي ضربت عدة مناطق سودانية، مؤكدًا أن غياب التنسيق في إدارة السد تسبب في ارتفاع منسوب مياه النيل بشكل غير مسبوق.
الاتهامات المصرية: فيضانات بسبب غياب التنسيق
عبد العاطي أوضح أن ما حدث في السودان يمثل انتهاكًا للقانون الدولي، مشيرًا إلى أن المفاوضات وصلت إلى “طريق مسدود” بسبب ما وصفه بـ”تعنت إثيوبيا”.
وأضاف أن الخطر الأكبر لم يظهر بعد، محذرًا من أن فترة جفاف ممتدة لخمس سنوات قد تكون أكثر كارثية من الفيضانات، إذا لم يكن هناك اتفاق ملزم يحدد آليات ملء وتشغيل السد.
الرؤية السودانية: الفيضانات “صنيعة إثيوبيا”
تصريحات عبد العاطي تتقاطع مع ما كشفه د. أحمد المفتي، الخبير في القانون الدولي وعضو وفد السودان السابق لمفاوضات حوض النيل، الذي قال إن الفيضانات التي يشهدها السودان “ليست طبيعية كما كان يحدث سابقًا”، وإنما مرتبطة مباشرة بتخزين المياه الضخم في السد، ثم إطلاقها بشكل غير مدروس مع مواسم الأمطار. ووصف ما يجري بأنه “حجز عشوائي للمياه” يتجاهل مصالح دولتي المصب.
الخرطوم بين مطرقة الفيضان وسندان الجفاف
يرى خبراء أن السودان أصبح في وضع هش للغاية؛ فمن جهة يعاني من فيضانات غير مسبوقة هددت العاصمة والولايات النيلية، ومن جهة أخرى يواجه احتمالية فقدان حصته المائية إذا قررت إثيوبيا حجب التدفقات في سنوات الجفاف.
القانون الدولي والتعويضات
وفقًا للمفتي، فإن القانون الدولي يحمّل إثيوبيا المسؤولية عن تعويض السودان نتيجة الأضرار التي لحقت به. لكن غياب آلية ملزمة ورفض أديس أبابا لأي إشراف مشترك، يجعل من الصعب إلزامها بأي التزامات دون ضغط مباشر من مجلس الأمن أو الاتحاد الأفريقي.
أزمة وجودية لا تقبل التأجيل
تصريحات القاهرة ونداءات الخبراء السودانيين تكشف أن قضية سد النهضة لم تعد مجرد ملف سياسي، بل تحولت إلى أزمة وجودية تمس الأمن المائي والغذائي للسودان ومصر معًا.
ويؤكد مراقبون أن استمرار الإدارة الأحادية للسد، سيجعل السودان عرضة لكوارث متكررة من الفيضانات في مواسم الأمطار، والجفاف في سنوات الشح المائي، وهو ما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته للتدخل قبل فوات الأوان.









