تقرير ـ بهاء الدين عيسى – الراي السوداني
في زمن الأزمات والحروب، تصبح التفاصيل الصغيرة ذات وقع أكبر من حجمها الحقيقي، وربما تُقرأ رسائل سياسية من مجرد لقطة عابرة. هذا ما حدث في دنقلا، حين ظهر الفريق ركن نصر الدين عبد الفتاح يوم الجمعة مرتدياً فانلة رياضية تحمل شعار شركة الطيران الإماراتية الشهيرة “Fly Emirates”، وهو المشهد الذي سرعان ما تحوّل إلى مادة جدلية واسعة على منصات التواصل الاجتماعي وبين دوائر الرأي العام.
تكريم وحشد جماهيري
احتفل الرياضيون بدنقلا بتكريم القوات المسلحة ممثلة في الفريق ركن نصر الدين عبد الفتاح، وسط حضور جماهيري حاشد.
كما جرى تكريم اللاعب الدولي محمد علي سفاري.
وفي خطابه، بشّر نصر الدين المواطنين بقرب تحرير مناطق دارفور وكردفان، مترحماً على أرواح الشهداء، ومتمنياً الشفاء للجرحى وفك أسر المأسورين.
خلفية عن القائد المثير للجدل
في 17 أغسطس الجاري أصدر رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان قرارات بترقية وإحالة عدد من الضباط للتقاعد، بينهم اللواء نصر الدين عبد الفتاح، قائد سلاح المدرعات، الذي رُقي إلى رتبة الفريق وأحيل للتقاعد.
الرمز والرسالة
الشخصيات الاعتبارية – وخاصة العسكرية والسياسية – لا تتحرك في فراغ.
كل إيماءة، كلمة، أو حتى ملبس، قد يُقرأ كإشارة لها أبعاد سياسية. فظهور قائد عسكري بارز بفانلة تجارية تحمل شعار دولة أو شركة ذات حضور إقليمي مثل الإمارات، في توقيت تتقاذفه الاتهامات والتجاذبات حول دور أبوظبي في حرب السودان، بدا للكثيرين أكثر من مجرد صدفة.
جدل بين البساطة والرمزية
بينما رأى البعض أن الأمر عفوي لا يستحق كل هذا الاهتمام، اعتبر آخرون أن ارتداء الشعار يوحي برسالة سياسية خفية.
وهناك من ذهب أبعد باستغلال المشهد سياسياً، للتشكيك في وعي القيادات العسكرية بضرورة ضبط تفاصيل ظهورها العلني، خاصة في بيئة إعلامية ملتهبة تبحث عن أي رمز أو إشارة لبناء التحليلات.
حساسية التوقيت ودروس الصورة العامة
ارتبط الجدل بالسياق الملتهب للحرب السودانية وتبادل الاتهامات بين الجيش والدعم السريع حول الدعم الخارجي.
القضية تفتح نقاشاً أكبر: كيف يدير القادة صورتهم العامة في ظل حساسية المشهد؟ وهل آن الأوان لوضع بروتوكولات للظهور الإعلامي تشمل حتى الملبس؟
حين تتحول الفانلة إلى خطاب
قد يبدو المشهد مجرد لقطة عابرة، لكن الضجة التي أثارها تكشف حساسية الرأي العام السوداني تجاه أي إشارة مرتبطة بالخارج. والدرس الأوضح أن “ما ترتديه قد يصبح رسالة سياسية”، وأن التفاصيل الصغيرة قادرة على إشعال جدل كبير في وطن مثقل بالأزمات.
