كرري .. عملية استثنائية تكشف أوكار الجريمة وتعيد الطمأنينة للسكان
كرري – الراي السوداني
في الساعات الأولى من صباح يومٍ مختلف، استيقظت دار السلام – الحارة 102 بمحلية كرري – على مشهد غير مألوف. طوق أمني مشدد، ارتال من المركبات العسكرية، ووجوه حازمة لقوات من الشرطة والجيش وجهاز المخابرات، في عملية بدت وكأنها “ضبط ساعة العاصمة الأمنية من جديد”.
الحي الذي عانى لفترة طويلة من التفلتات الأمنية وانتشار الجريمة، كان على موعد مع حملة نوعية غير مسبوقة، نفذتها شرطة ولاية الخرطوم بإشراف لجنة أمن الولاية، وبمساندة واسعة من الأجهزة النظامية.
هذه المرة، لم تكن مجرد حملة تفتيش عابرة، بل عملية محكمة خُطط لها بإتقان، واستهدفت تفكيك شبكات إجرامية نشطة حولت المنطقة إلى مركز لتخزين المسروقات وتداول الأسلحة والمخدرات.
من داخل أوكار الجريمة إلى قبضة القانون
النتائج كانت بحجم التحدي:
29 متهماً تم توقيفهم، وضبط كميات مذهلة من المسروقات والأدوات المشبوهة، شملت 15 دراجة نارية بدون أوراق، أسلحة نارية، ذخائر، رشاشات، طبنجات، خزنة كلاشنكوف، مواد مخدرة من بينها 41 رأس حشيش، ومعدات إلكترونية ومنزلية متنوعة تصل قيمتها إلى ملايين الجنيهات، إضافة إلى عملات أجنبية وأدوات طاقة شمسية ومولدات كهرباء، بل حتى تلسكوب قنّاص ومجهر ومعدات تصوير احترافية.
لم يكن المشهد عادياً حتى لرجال الشرطة أنفسهم، الذين أقرّ بعضهم بأنهم لم يشهدوا منذ فترة طويلة مثل هذا الحجم من المضبوطات في منطقة سكنية واحدة.
السكان: عدنا لنشعر بالأمان
“نحن لأول مرة نشوف الأمن كده بعينينا”، هكذا عبّر أحد سكان الحارة 102 عن ارتياحه، مضيفاً: “الناس كانت تعيش في قلق دائم من سرقات وتهديدات، الليلة بس حسينا إنو الحكومة جادة”.
أصوات مماثلة جاءت من الأمهات والتجار، الذين تحدثوا عن عودة الثقة بين المواطن والأجهزة النظامية، بعد فترة من فقدان الإحساس بالسيطرة.
شرطة الخرطوم: مستمرون في ملاحقة الجريمة
المكتب الصحفي للشرطة أكد أن الحملة تأتي ضمن خطة أمنية شاملة لمحاصرة الجريمة في مناطق الهشاشة بولاية الخرطوم، مشيراً إلى أن الحملات ستستمر بصورة راتبة ومتصاعدة لضمان إزالة كافة البؤر الإجرامية.
في مشهد يبدو وكأنه بداية “تحرير أمني” حقيقي، تكتب كرري فصلًا جديدًا من المواجهة مع الفوضى، وتعيد رسم معادلة الأمن والاستقرار في قلب العاصمة.