أنهت ورشة الإصلاح الأمني والعسكري، ضمن المرحلة النهائية للعملية السياسية في السودان، أعمالها مساء الأربعاء، دون إصدار توصيات، فيما تواصل اللجان المتخصصة النقاشات حول الصياغات النهائية للتوصيات لإدراجها في مسودة الاتفاق السياسي النهائي، وحسب البيان الختامي، تعتبر ورشة الإصلاح الأمني والعسكري آخر محطات ورش ومؤتمرات القضايا الخمس ضمن المرحلة النهائية للعملية السياسية، كما جاءت في الاتفاق الإطاري الموقع في 5 ديسمبر 2022، والتي تسبق التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي، وأن الهدف من عقدها، بحث عملية الإصلاح الأمني والعسكري بغرض تطوير الأسس والمبادئ لعمليات الإصلاح والدمج والتحديث في المؤسسات الأمنية والعسكرية، و”بما يعزز من عملية الانتقال الديموقراطي وسيادة حكم القانون، والالتزام بالقانون والمعايير الدولية، وتطوير قدرات الأجهزة النظامية في حماية الوطن والسيادة الوطنية، ووضع اللبنات الرئيسة لبناء استراتيجية أمنية وطنية شاملة تتسق وتدعم التطوُّر السياسي بالبلاد” بجانب إعادة تأسيس وبناء ثقة المواطنين في الأجهزة النظامية وتعزيز العلاقات المدنية العسكرية بما يحقق الاستقرار والسلام العادل والديموقراطية والتنمية المستدامة والأمن.
وإنطلقت الورشة -حسب البيان الختامى – من فلسفة أن عملية الإصلاح في القطاع الأمني والعسكري جزء لا يتجزأ من إصلاح النظام السياسي والاقتصادي والحزبي والإصلاح المؤسسي الشامل للدولة السودانية.
خطوات متقدِّمة
واعتبر مراقبون للشأن الانتقالي في السودان أن المكوِّن العسكري استطاع من خلال مشاركته الفاعله في ورشة الإصلاح الأمني والعسكري قد خطى خطوات متقدِّمة لحسم الجدل حول ما كان يروَّج له على نطاق واسع بأن المكون العسكري يعرقل للانتقال الديموقراطي في البلاد.
ويؤكد الخبراء أن بلوغ النجاح في إصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية، مرتبط بالأهداف السامية التي تكون محل إجماع وطني، وهي ترفيع وتعزيز الأمن القومي السوداني ومؤسساته، بعيداً عن أية أجندة أو منافسة سياسية، وقال الخبير الأمني اللواء معاش محمد حسن خالد إن ورشة الإصلاح الأمني تؤكد جدية المكوِّن العسكري في تأسيس فترة انتقالية مستقرة لمدة عامين، وأوضح أن قضية الإصلاح الأمني والعسكري تمثل أحد أهم مطلوبات الاتفاق السياسي للأزمة الراهنة، فيما اكد المحلل السياسي الدكتور حسين النعيم، أن الورشة المقصود بها وضع أسس حقيقية لبناء الدولة السودانية على العدالة والمساواة وهي عمل سوداني يجب أن يقوم به السوداني .
المهمة الصعبة
وكان نائب رئيس مجلس السيادة القائد العام لقوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان حميدي، قال: إن عملية الإصلاح الأمني والعسكري ليست بالمهمة السهلة لكنها ضرورية كجزء من إصلاح الدولة السودانية. وقال إنّ الوصول للجيش الواحد هو هدفنا جميعاً ونسير فيه بقناعة وفقاً للمسائل الفنية المتفق عليها.
وأوضح لدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية لورشة الإصلاح الأمني والعسكري ضمن المرحلة النهائية من العملية السياسية انّ الإصلاح الأمني والعسكري ليس نشاطاً سياسياً ولا يجب أن يخضع لأية أجندة سياسية فهو عمل وطني مرتبط بالأهداف العليا للبلاد قبلناه برضا ووعي كاملين مستفيدين من التجارب الإنسانية في محيطنا الأفريقي والعربي والعالم .
كثرة الجيوش
ويقول د. عيسى محمد أحمد، المحلِّل السياسي والخبير الاستراتيجي” إنّ عملية الإصلاح الأمني والعسكري مطلوبة ومهمة في بلد يعاني من كثرة الجيوش كالسودان “ويشير بقوله ” إنّ عملية الإصلاح الأمني والعسكري تمر بمراحل عديدة ولها معايير وجداول زمنية محددة لا بد من أن تكتمل كل الحيثيات والإجراءات القانونية والدستورية حتى يتم بعد ذلك عملية الدمج والتسريح وغيرها من العمليات المرتبطة بإجراء الإصلاح الأمني والعسكري في المؤسسة العسكرية”.
ضامن حقيقي
من جهته قال د.عاصم مختار الخبير في الشؤون السياسية إن المنظومة الأمنية والعسكرية هي الضامن الحقيقي لاستقرار الفترة الانتقالية لذلك فإن إصلاحها وتطويرها يأتي في سلم أولويات الدولة والتي تسعى بخطى حثيثة نحو تكوين جيش قومي مهني موحد يتم فيه مراعاة التنوع الثقافي والاجتماعي والإثني لأهل السودان، مبيِّناً أن عملية إصلاح وهيكلة الجيوش من أعقد العمليات ولكن بالحوار والتوافق يمكن الوصول فيها لمشتركات تقود بناء جيش وطني حديث يضطلع بمهام حماية الأمن القومي السوداني من أي مهدِّدات خارجية. وناشد مختار، الخبراء المشاركين في هذه الورشة لإعادة قراءة قانون القوات المسلحة وقانون قوات الدعم السريع وذلك لمساعدتهم في إنجاز المهمة الوطنية الموكلة لهم والتي تتمحور في كيفية التوافق حول قيام جيش قومي مهني واحد، وأضاف أنه على ثقة بأن القيادات العسكرية في القوات المسلحة والدعم السريع قادرة على الخروج بتوصيات مثمرة تدعم بناء الجيش الوطني الواحد الذي يحمي الدولة السودانية ويصون مسار التحوُّل المدني الديموقراطي.