الخرطوم- رشا التوم
اتجهت عدد من الدول العربية الآسيوية إلى وقف صادرها من السلع حماية لاقتصادها وتوفير المنتجات لمواطنيها في ظل أزمة الغداء العالمية والحرب الروسية الأوكرانية وتعقد سلاسل الإمداد، وطبقاً لذلك يواجه السودان مشكلة حقيقية في استيراد سلعة السكر لتغطية العجز بنسبة 85%.
وبحسب متابعات (الصيحة) أصدرت الحكومة المصرية قرار بتاريخ 21 مارس 2023م، بحظر تصدير السكر بكافة أنواعه إلا الكميات الفائضة عن احتياجات السوق المحلي والتي تقدرها وزارة التموين والتجارة الداخلية وبعد موافقة وزير التجارة والصناعة وذلك لمدة ثلاثة أشهر.
وقال مصدر ذو علاقة وثيقة بملف السكر إن قرار السلطات المصرية له آثار السكر كبيرة تنعكس على السوق السوداني المحلي لجهة أن مصر لا تصدر سكر إلى ليبيا أو تشاد، وإنما السودان فقط.
وتابع: هذا القرار للأسف تزامن مع امتناع وزراة التجارة و التموين (السودان) عن التصديق بعمليات الاستيراد حتى للشركات الكبيرة و المعروفة.
وأطلق المصدر تحذيراً بأن تشهد السلعة ارتفاعاً جنونياً في الأسواق المحلية تزامناً مع شهر رمضان وخلال فترة تمتد مابين 3 أشهر.
أو قال إن تعويض أي نقص لن يستثنى قبل ثلاثة أشهر، وهي فترة الشحن و الإبحار والتفريغ
وتوقع حدوث فجوة في سلعة السكر خلال فترة لا تتجاوز إلى 4 أشهر،
خلافاً لما صرحت به وزيرة الصناعة عن استقرار السلعة وسير عملية الاستيراد بصورة طبيعية، ولفت في حديثه إلى أن
المصانع المحلية مجتمعة لا يتجاوز إنتاجها هذا الموسم 210 ألف طن، أي لا تتعدى نسبة 17% من طاقتها التصميمية. أو 12% من حجم الاستهلاك السنوي. وأكد أن الاستيراد في أدنى مستوياته بسبب الضرائب والرسوم الجمركية
متزامنة مع ارتفاع حاد في بورصة لندن إضافة إلى المخاوف من إغراق سوق غرب السودان بالتهريب من دولة ليبيا.
وأكد الخبير الاقتصادي د. محمد الناير حدوث تدهور كبير جداً في قطاع إنتاج السكر في السودان في الوقت الذي بلغ فيه إنتاج البلاد حوالي 750_800 ألف طن، في العام.
وكان يعوِّل على مصنع سكر النيل الأبيض لإنتاج 450 ألف طن، في العام بطاقته القصوى ليبلغ الإنتاج الكلي مليون و250 ألف طن، في العام، وهو يغطي حاجة البلاد من الاستهلاك ويفيض.
وقال الناير للأسف لم يحقق مصنع سكر النيل الأبيض الهدف المرجو منه ولاتزال معدلات إنتاجه تتراوح مابين 60_70 ألف طن، في العام وهي نسبة قليلة جداً من المستهدف.
فضلاً عن أن إنتاج السودان الكلي تراجع إلى أقل من 500 ألف طن، في العام وحالياً مابين 400_500 ألف طن.
مما جعل استيراد السكر للسودان يصل إلى مبالغ مليارية حوالي 500 مليون دولار، سنوياً وهو مبلغ كبير جداً لدولة من أكثر الدول تهيئة لإنتاج السكر بكميات كبيرة، وأعرب عن أسفه لعدم تطوير المصانع العاملة وفتح مصانع جديدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير للخارج.
وأضاف قائلاً: أصبح السودان يستورد السكر بمبالغ مليارية،وفي ظل أزمة الغذاء العالمية والحرب الروسية الأوكرانية وتعقيدات سلاسل الإمداد يتوقع امتناع كثير من الدول عن تصدير الغذاء بصورة أساسية في المرحلة القادمة وبالتالي سوف تتعاظم معاناة السودان مالم تكن هناك خطة للدولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر وتطوير المصانع العاملة حالياً علماً بأن سياسات الدولة لم تكن مستقرة أو واضحة حتى في عملية الاستيراد للسلع والتصدير ونادى بضرورة وضع سياسات محفزة تشجيعية وفقاً لرؤية واضحة لمعالجة القضايا الاقتصادية.
وفي ذات السياق قال الخبير الاقتصادي د. هيثم فتحي: إن آخر الأرقام أفادت أن الإنتاج المحلي (700) ألف طن، في العام وتبلغ الفجوة (50%)، إذ يوجد في السودان أكثر من سبعة مصانع مُنتجة للسكر.
وكشف إن سعر السكر المستورد حتى وصوله إلى بورتسودان يكلِّف سعر الطن منه حوالي (450) دولاراً، تقريباً.
وأرجع عدم إنتاج مصانع السكر السودانية بطاقتها التصميمية لعدم القدرة على منافسة السكر المستورد لارتفاع تكلفة الإنتاج من ضرائب ورسوم وعدم توفر قطع الغيار والصيانة.
مشيراً إلى أن قيود صادر السكر في مصر، تؤدي إلى زيادة أسعار السكر في السودان
فإنتاج مصر المحلى 3 ملايين طن، تقريباً والاستهلاك المحلى 3.350 ملايين طن.
وتبلغ الفجوة حوالي 350 ألف طن، بعد أن كانت لوقت قريب مليون طن.
مضيفاً أن قرار السلطات المصرية بوقف تصدير السكر لمدة 3 أشهر، في تقديري هو قرار استباقي لضمان توافره في السوق المصري، فالسكر المصري أسعاره تعتبر من أقل الأسعار في الأسواق العالمية، ولذا تعمل الكثير من الشركات المصرية لتفضيل التصدير للخارج للاستفادة من الفارق الكبير في السعر مما يؤدي إلى نقص المعروض من السكر في مصر .
خاصة أنه في الأونة الأخيرة تضاعفت أسعار السكر في مصر جراء تدهور الوضع الاقتصادي، فقد تكون السلطات المصرية رأت أن ذلك قد يسبّب أزمة في السوق المحلي.
فالقرار المصري سيسهم في ضبط أسعار السكر في السوق التي ارتفعت بشكل ملحوظ خلال الأيام الأخيرة، بالتزامن مع زيادة الطلب على المنتج في شهر رمضان المبارك، ولذلك
يرى فتحي بحسب تقديره أن الكميات الواردة أصلاً من مصر غير مؤثرة في السوق المحلي، لأن السودان يعتمد على السكر من البرازيل والهند بكميات كبيرة، فمصر كمياتها المصدرة أصلاً ضعيفة للسودان فالسكر المصري يدخل السودان كمستهلك شخصي للقادمين من مصر.