حالة مُفزعة يعيشها الموظف العامل بقطاع الخدمة العامة بمدينة الفولة حاضرة ولاية غرب كردفان بعد تأخر صرف رواتب شهر يناير، الذي طال انتظاره بعد مرور السنة المالية المُنتهية، خاصةً ان سُكان هذه البلدة (٨٠٪) منهم من ذوي الدخل الشهري المحدود «الأجور» دون بدائل أخرى ورغم قِلتها ربما تفرج عن معاناتهم بعض الشيء مع المجازفة عندما تأتي في وقتها المحدد إلا أن تأخر صرف مرتبات يناير هذه المرة قد أدخلتهم في «ورطة» يصعب الخروج عنها.
تراكم الديون
وأضحى الموظف الحكومي هذه الأيام يعيش ظروف قاسية يفكر ويلهث وراء لقمة العيش البسيط فقط ويتنازل عن كامل متطلبات الحياة الأخرى دون إشباع رغباته التي يعجز الأجر عن سدادها إزاء غلاء المعيشة وتزايد أسعار السلع والمنتجات في الوقت الذي تفاقمت فيه الأزمات، بعد ما ارتفعت أسقف سجلات الديون التي تجاوزت أرقام الدخول الشهرية لهم عند دفاتر حوانيت الأحياء مقابل «جرورة» السلع الضرورية التي تُعرف بالشراء بـ(القل) إلى جانب الالتزامات الأخرى.
الموظفون أكثر فقراً
وتعد شريحة موظفي الدولة الأكثر فقراً في الوقت الحالي مقارنةً مع القطاعات الأخرى بعد أن أصبح الراتب الشهري عبارة عن «عطية مُزيِّن» مما دفع العديد من الموظفين إلى معدَّل دوران العمل و الخروج من نفق الوظيفة الباهتة إلى سوق الله أكبر لتحسين أوضاعهم المعيشية وأخرون لجأوا إلى الأعمال الحُرة في مِهن مختلفة بينما الغالب الأعم منهم يبحث عن بدائل بمؤسسات القطاع الخاص والمنظمات.
حالة مزرية للغاية
بالمقابل شهد سوق مدينة الفولة هذه الأيام ركوداً غير متوقع في حركة البيع والشراء وضُعف التردد للقوة الشرائية وحوُّل هذا الموضوع استنطقت (الصيحة) عدداً من الموظفين والتجار بسوق الفولة، حيث وصف محمد داوود آدم عامل بالخدمة المدنية العامة، الحالة التي يعيشها العامل، الموظف بعد تأخر المرتبات بالمزرية للغاية خاصةً أصحاب الدرجات الدنيا وشكا محمد داوود لـ(الصيحة) من ضُعف الأجور التي لم تف متطلبات الحياة وقال: السلع موجودة بالأسواق عيونا فيها ولم نستطع شِرائها، وأردف قائلاً: لدينا ما يُقارب الشهرين لم نستلم مليماً من الحكومة، وأضاف: الوضع يحتاج لتدخل من جهات الاختصاص لإنتشال الناس من الأزمة، مناشداً الحكومة بإرجاع نظام التعاونيات وتوفير مواد تموينية بالأقساط المريحة للعاملين.
تأخر المرتبات غير منطقي
ويرى الموظف (أ ، ع) مسألة تأخر المرتبات غير منطقية مما يؤكد عدم الشعور بالرضا الوظيفي. وقال لـ(الصيحة): إن الحكومة قادرة تعمل كل شيء والسودان به موارد هائلة، لكن محتاجة توظيف وجزم بأن الحكومة تصرف أموال طائلة على أزمات مفتعلة من صراعات قبلية وسياسية ولا تنظر لحال الموظف، وقال: صحيح كل نهاية سنة المرتبات بتتأخر لكن ما حصل تأخرت زي المرة دي، وأضاف: الناس دخلوا في ديون متراكمة يصعب سدادها والمرتبات ما بتحل مشكلة لكن لو جابوها في زمنها الناس بتعرف تصَّرف كيف، مشيراً إلى فشل برنامج سلعتي وعجز الحكومة عن توفير بدائل أخرى.
تضرر التجار
وقال علي أحمد علي، تاجر تجزئة سلع غذائية: تأخير صرف المرتبات انعكس سلباً على العاملين وغير العاملين بالدولة خاصةً في حركة التجارة، وزاد: أنا كصاحب بقالة من أكثر المتضررين من إيقاف الصرف وتأخير المرتبات نظراً لتعاملي مع مجموعة من الموظفين الذين يعتمدون بشكل أساسي على المرتب، وشكا من ضُعف القوة الشرائية والركود غير المسبوق والذي وصفه بالحاد، وأشار خلال حديثه لـ(الصيحة) إلى ارتفاع نسبة الديون بكثرة «الاستجرار» الشهري وعزا ذلك إلى طول الفترة ما بين صرف مرتب ديسمبر ويناير، وألمح إلى أنهم كتُجار تجزئة ينتظرهم نفس الثقل مع تجار الجملة البيع والشراء دون الكاش، مُبيِّناً أن بعض زبائنه الموظفين ديونهم تجاوزت الـ(١٣٠،٠٠٠) جنيهاً ربما يعجز أحدهم عن سدادها، مطالباً الدولة ان تهتم بمعاش الناس أولاً وتلتزم بصرف المرتبات في وقتها وتضع حلول جذرية للأزمة التي اثرت على كافة القطاعات.
أزمة في السيولة
فيما كشف حافظ علي آدم حولي، تاجر جُملة وتجزئة، سلع استهلاكية بسوق الفولة عن أزمة السيولة نسبةً للوضع العام بالمنطقة الذي وصفه بالجمود الكامل لضعف تردد الزبائن إلى المتاجر، وقال خلال حديثه لـ(الصيحة): إن البضائع تصل الفولة بأسعار متفاوتة لكنها ظلت مركونة بالمخازن منذ يوم ١٥ ديسمبر، وحتى الآن السوق لم يستعدل إلا قليل من الطلبات على بعض الأصناف وأرجع ذلك إلى تأخير صرف المرتبات. ويقول سليمان عبدالحميد أحمد، تاجر تجزئة: إن دخل أهل المنطقة يعتمد على المرتبات وإذا وتوقفت المرتبات توقف كل شيء في السوق، مشيراً إلى ضعف دخل المواطن خلاف أصحاب الرواتب خاصةً في فصل الصيف.