رسم المتحدثون في برنامج (حديث الناس) بقناة النيل الأزرق، صورة قاتمة وسوداوية ومخيفة للقطاع الزراعي في السودان، وحذّروا من مجاعة قادمة على البلاد وفشل للموسم الزراعي الحالي، وطالبوا بضروة تحرّك الدولة وإعلان حالة الطوارئ الاقتصادية.
وأوضح المستشار الزراعي مأمون ضو البيت خلال البرنامج، أن القطاع الزراعي بالسودان يمر بأزمة لم تحدث منذ (40) عاماً، وقال “لا يوجد ترتيب ولا سياسات واضحة للموسم الزراعي مع توقف التمويل”.
وأشار إلى أن القطاع الخاص جاهز إلى حد ما، وقال إن المزارعين متخوفين من تجربة الموسم السابق بعد أن زرعوا وانتجوا ولكن لم تكن هنالك أسعار مجزية لمحصولاتهم ودخلوا في ديون، وأكد أن المساحات المزروعة لهذا الموسم لا تتجاوز (30%) وفي بعض المناطق (15%) فقط، وأضاف أن القطاع المروي يواجه مخاطر عديدة أبرزها عدم جاهزية الري وعدم تطهير القنوات وصيانة الطلمبات.
وأوضح ضو البيت أن الوضع الزراعي في السودان خطر جداً ومخيف ولا يبشّر في تأمين غذاء السودان في ظل مجاعة مقبلة على البلاد حذّرت منها تقارير منظمة الأغذية والزراعة العالمية، وطالب الجميع بضرورة التحرّك لمواجهة خطر المجاعة القادم للبلاد وإعلان حالة الطوارئ والاستنفار وتوعية المواطنين وزارعة كل المساحات التي توجد فيها مياه ، وشدّد على أن الدور الأساسي لوزارة الزراعة هو تأمين الغذاء وهي فشلت في ذلك “وضهر السودان الآن مكشوف ويمكن حدوث مجاعة في أي وقت”.
من جانبه، قال المزارع محمد حسن بخيت جيلاني من منطقة القضارف، إن الموقف صعب جداً، والمزارعون يعيشون ظروفاً قاسية والتمويل لم يصل بعد ومواقيت الزراعة انتهت.
ونوه إلى أن سياسات الحكومة تحارب المزارع وعاجزة تماماً عن دعم المزارعين وتأهيلهم للزراعة وتفرض جبايات وضرائب بأثر رجعي، وذكر أن هنالك مساحات كبيرة لم تزرع هذا الموسم، وكشف عن إحجام مزارعي القضارف عن زراعة السمسم بسبب عدم وجود المبيدات والأسمدة والغياب التام لهيئة البحوث الزراعية، بالاضافة للخوف من الخسائر، وحذر من تغير النمط الزراعي في الولاية.
وأوضح جيلاني أن المساحات المزروعة لهذا الموسم أقل من (40%)، وقال إن الدولة اخطأت في عدم تشجيعها لزراعة محصول الذرة وهو محصول رئيسي، وطالب بوضع سياسات واضحة، وقال إن المزارع فقد الثقة في الجهات الحكومية التي لا تفي بالعهود ولا تهتم بتمويل الموسم، ونادى بتمويل عاجل للحاق بما تبقى من الموسم الصيفي والاستعداد الجيد للموسم الشتوي.
من جهته، أكد الصحفي المهتم بالشأن الاقتصادي سنهوري عيسى، أن الزراعة مواقيت، وأشار إلى عدم وجود عقل جمعي يفكِّر ويخطِّط للزراعة في السودان وليست هنالك إدارة اقتصادية تدير وتخطِّط للاقتصاد بالبلاد.
وقال إن الوقت المحدّد للزراعة انتهى الآن ومساحات كبيرة أصبحت خارج دائرة الإنتاج، وأضاف أن الوضع الزراعي قاتم، وتخوّف من فشل المزارعين الذي غامروا وبدأو الزراعة بمجهوداتهم الخاصة مع عدم وجود إدارات زراعية.
وأضاف سنهوري أن تقارير وزارة الزراعة عن المساحات المزروعة كلام على الورق ولا وجود له على أرض الواقع “والسودان الآن قاعد في السهلة اقتصادياً ونظرة الدولة للزراعة نظرة جبايات فقط”، وحمّل القوات المسلحة مسؤولية تدهور القطاع الزراعي، وقال إنه يجب أن تتحرك لأن هذا الأمر يهددها في المقام الأول ويجب استغلال العلاقات الجيدة مع الدول الإقليمية الشقيقة لاستيراد السلع الاستراتيجية لتأمين الغذاء للسودان.
من ناحيته، قلّل مسؤول إدارة الأمن الغذائي بوزارة الزراعة الاتحادية المهندس عمار حسن بشير، من التقارير التي تتحدّث عن مجاعة قادمة للسودان في شهر سبتمبر، وأكد أن الوضع ليس بهذا السوء.
وقال إن الأمن الغذائي ليس في الزراعة فقط، وأقر بوجود مشاكل كبيرة تواجه القطاع الزراعي في السودان متمثلة في التمويل والخدمات الزراعية والبحوث، وأكد أن الغذاء موجود في الأسواق الآن، وأوضح أن المخزون الاستراتيجي للسودان الآن “زيرو” وهذه مسألة خطرة تمس الأمن القومي.
وشدّد عمار على أن الزراعة هي قلب الأمن الغذائي، وقال إنه إذا حدثت مجاعة في السودان ستكون بفعل أيدينا بإهمال الدولة للمخزون الاستراتيجي للبلاد، وأضاف أن إدارة الأمن الغذائي بوزارة الزراعة مسؤولة عن التنسيق بين كل الجهات ذات الصلة بالقطاع الزراعي في السودان، والزراعة ليست هي المسؤول الوحيد عن الأمن الغذائي فهنالك التجارة والاستيراد والمخزون الاستراتيجي يمكن أن يوفر الامن الغذائي، وذكر أن تقارير العام 2021م تتحدث عن (6) ولايات فقط كان لها فائض إنتاج زراعي، وشدد على أن الحل في الاستيراد وفتح البلد للاستثمار الخارجي وزيادة المساحات المزروعة.