هاجمت حركة الشباب المجاهدين الصومالية بشكل مفاجئ الأراضي الإثيوبية وتمكنت من الدخول حتى (130) كيلومتراً داخل الأراضي الاثيوبية في إقليم أوغادين للمرة الأولى في محاولة لاستعادة السيطرة على إقليم الصومال الإثيوبي وإقامة فرع لها في إثيوبيا ،وتشير المعلومات أن الزعيم المتطرف لفرع حركة المجاهدين يدعى (جعفر دهابور) وينحدر أصلاً من إقليم أوغادين الإثيوبي من قبيلة (دلال جوليد) ،وتؤكد المعلومات أن هجوم شباب الصومال على إثيوبيا كان بواسطة (500) إلى (800) مسلح وأنهم هاجموا الدولة على أربعة محاور مختلفة:
لماذا جاء الهجوم..؟
يأتي هجوم حركة الشباب الصومالية بسبب إنشغال الحكومة الإثيوبية بالحرب الأهلية في أقاليم البلاد المختلفة في حرب بإقليم أوروميا حيث تقاتل الحكومة جبهة تحرير الأورومو التي تطالب بإنفصال الإقليم عن إثيوبيا ، وحرب أخرى في إقليم قامبيلا ضد جبهة مسلحي قامبيلا الذين يطالبون بحكم كونفدرالي ، وفي إقليم جبهة بني شنقول ضد القوات المشتركة لتحرير إقليم بني شنقول ، بجانب هذه الأوضاع هناك حرب القوات الحكومية لإقليم أوروميا ضد قوات إقليم الأمهرة وأخرى حرب إقليم الصومال الإثيوبي مع حكومة إقليم عفار ، وفوق تلك الأحداث تعيش إثيوبيا أوضاعاً كارثية تبنئ بإنفصال قريب لتلك الأقاليم في ظل هدنة جبهة تحرير التقراي التي جاءت استجابةً لدعوات المجتمع الدولي التي عقدت على إثرها مفاوضات مع حكومة آبي أحمد خلال الشهر المنصرم في كينيا تحت رعاية الرئيس أوهورو كينياتا ،وحال فشل تلك المفاوضات فأن التوقعات تشير لعودة القتال مرةً أخرى أو إنفصال إقليم التقراي عن إثيوبيا.
القتال في أوغادين
هاجمت حركة شباب المجاهدين الصومالية (3) بلدات في مقاطعة (باكول) بإقليم أوغادين الإثيوبي وتمكنت خلال الهجمات من قتل نحو(300) جندي حكومي إثيوبي وأن القتال لايزال مستمراً ، وأن ضعف القوات الإثيوبية كان بسبب إرسالهم إلى أقاليم القتال المشاركة في الحرب الأهلية،وقد دارت معارك بين المقاتلين الذين وصلوا إلى (130) كيلومتراً داخل الأراضي الإثيوبية وبين شرطة ليو التي أشارت إلى أنها إعتقلت (50) من المقاتلين وما زالت إشتباكات متقطعة جارية بين الطرفين،وقد إعترف ضابط إثيوبي بمقتل (17) جندياً في الحرب التي دارت في المناطق الحدودية في إقليم باكول لكنه ذكر أن (63) من المسلحين قتلوا، ولم تعرف الخسائر الرسمية الناجمة عن المواجهات العنيفة التي وقعت داخل الأراضي الإثيوبية،في المقابل قال المتحدث باسم العمليات العسكرية لحركة الشباب عبد العزيز أبو مصعب إن مقاتلي الحركة سيطروا على القريتين وقتلوا العشرات من الضباط الإثيوبيين وأن المجموعة استولت على أسلحة من القوات الإثيوبية،ورفض أبو مصعب التعليق على عدد القتلى في صفوف الحركة،إلى ذلك قال مكتب رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري إنه تحدث بشأن الهجوم مع رئيس المنطقة الجنوبية الغربية في الصومال ولم يُعلق رئيس المنطقة على الهجوم،وقال مكتب عبدي بري إنه أصدر أوامره لأجهزة الأمن والإغاثة للتعامل مع ما يجري في أوغادين، في نفس الإطار قالت معلومات أن قوات الحركة المتطرفة هاجمت إقليم أفدهير على الحدود الإثيوبية الصومالية المشتركة وأن عددهم نحو (250) مسلحاً، في نفس الإطار دخلت موجة أخرى من قوات حركة الشباب المجاهدين الصومالية من كيلافو وفتحت النار في محيط منطقة أدادل على بعد (20) كم من غودي بإقليم أوغادين لكن لم تتوفر معلومات بعد عن ذلك الدخول.
بيان جبهة أوغادين
أصدرت جبهة أوغادين الإثيوبية المعارضة بياناً بشأن دخول المقاتلين المتطرفين الصوماليين إلى الإقليم ، وقال البيان أن الحركة دخلت وتسببت في خسائر في الأرواح وأن الجبهة تدين هذه الأعمال البشعة ضد شعب أوغادين ودعت المواطنين للوقوف في حملة لحماية الإقليم من خطر الإرهاب.
قوة حركة الشباب
إعتبرت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية أن الهجوم الأخير الذي شنه إنتحاريون تابعون لحركة الشباب المسلحة ضد قاعدة عسكرية تستضيف قوات حفظ السلام في الصومال الأسبوع الماضي أنما يعكس قوة وصلابة الحركة وقدرتها على الاستمرار في شن الهجمات المميتة،وأوضحت الصحيفة – في معرض تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي في هذا الشأن – أن الإنتحاريين فجروا ثلاث سيارات مليئة بالمتفجرات وقاموا بقصف المنشأة بنيران كثيفة وقذائف صاروخية، ما أسفر عن مقتل العشرات من قوات حفظ السلام التابعة للإتحاد الإفريقي من بوروندي، مضيفةً أن لقطات إنتشرت على مواقع التواصل الإجتماعي أظهرت جثثاً بزي عسكري متناثرة في أنحاء القاعدة،وقال عضو البرلمان الصومالي الذي يمثل قرية الباراف، حيث كانت القاعدة صادق مختار عبد الله : لقد تم إختطاف البورونديين وهم يجهلون… ثم قُتلوا بدم بارد… وهرب الآخرون.
ولفتت إلى أن الهجوم، أسفر عن مقتل أكثر من (50) شخصاً- وفقاً لمسؤولين محليين وأفراد أمن غربيين في الصومال- ما يجعله الهجوم الأكثر دموية على مهمة حفظ السلام التي تدعمها الولايات المتحدة في مقديشو منذ ست سنوات، ويؤكد في الوقت نفسه نجاح الشباب في العودة وفرض تحديات أمنية جديدة ستواجهها القوات الإفريقية والأمريكية في إحتواء الجماعة خلال الفترة القادمة.
وأشارت أن الرئيس الأمريكي جو بايدن وافق -بعد أسبوعين- على إعادة نشر حوالي (450) جندياً أمريكياً في الصومال، في قرار يناقض قرار آخر أصدرته إدارة سلفه الرئيس دونالد ترامب في عام 2020م بإنهاء عمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية في الصومال بعد أكثر من عقد، متابعة أن مسلحي الشباب يُسيطرون الآن على ما يقرب من 70 % من جنوب ووسط الصومال، في حين أن الحكومة المركزية تحكم مقديشو وعواصم المحافظات، فإن حركة الشباب ومقاتليها البالغ عددهم (5000) إلى (7000) يشرفون على جزء كبير من الريف ويستخدمون في مناطق أخرى تكتيكات الخوف و(المافيا) لإبتزاز المواطنين وأخذ الضرائب منهم مقابل توفير الخدمات الصحية والتعليمية والقضائية الضعيفة، في محاولة لتقويض الحكومة وبناء الولاء لهم،وأشارت الصحيفة إلى أن هجمات الجماعة تضاعفت تقريباً من عام 2015م إلى عام 2021م -وفقاً للبيانات التي جمعها مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية في واشنطن-، مشيرةً إلى أن في العام الماضي، إشتمل الكثير من أعمال العنف على مواجهات مع قوات الأمن وإذا استمرت الوتيرة الحالية حتى شهر ديسمبر، فستزداد الهجمات بنسبة 71 % بشكل عام في عام واحد فقط.
وأوضحت أن هذه الزيادة تزامنت مع إجتياح مميت للعنف في جميع أنحاء إفريقيا من قبل الجماعات المتشددة المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين، فكلاهما يسعيان إلى إحياء ثرواتهما في القارة السمراء بعد سقوط الخلافة المعلنة من جانب الأخير في العراق وسوريا وإضعاف تنظيم القاعدة في اليمن وأفغانستان، فيما شكلت حركة الشباب، أكثر من ثلث جميع الهجمات الإسلامية في إفريقيا في عام 2021م.
ومن جانبها، قالت المديرة التنفيذية لمعهد حِرال- وهو مركز أبحاث يركز على الصومال والقرن الإفريقي- سميرة قايد ، في تصريحات : لقد رأينا توسعاً للشباب في الأراضي التي يحكموها، وأصبحنا نراهم أكثر جرأةً…وبدوره، قال رئيس القيادة الأمريكية في إفريقيا السابق الجنرال ستيفن جيه تاونسند ، في فبراير الماضي خلال زيارة إلى مقديشو تظل حركة الشباب أكبر وأغنى فرع للقاعدة وأكثرها دموية، وهي مسؤولة عن مقتل آلاف الأبرياء، بمن فيهم أمريكيون في مقديشو،فيما قالت مجموعة الأزمات الدولية- وهي مؤسسة بحثية مقرها بروكسل، في تقرير لها نشرته الشهر الماضي تمرد حركة الشباب الفتاك مستمر بلا نهاية تلوح في الأفق،مضيفةً : تبقى المجموعة على الدوام متقدمة بخطوة على العمليات العسكرية المحلية والإقليمية. وإلى جانب الخلل الوظيفي والإنقسام بين خصومهم، سمحت خفة الحركة للمسلحين بالإندماج في المجتمع الصومالي، ما يُصعب من مهمة إلحاق الهزيمة بهم.
محاربة حركة الشباب
أعلن القائد الجديد للقيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) الجنرال مايكل إي لانغلي الذي مثل أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي الخميس الماضي التركيز على محاربة حركة الشباب التي قال إنها زادت عملياتها،وطلب القائد الجديد زيادة الإمدادات الجوية لزيادة القتال ضد جماعة الشباب التي قال إنها تنفذ خططاً خارج الصومال. ووصفها بأنها من أخطر الجماعات الإرهابية في إفريقيا،وقال لانغلي الذي قاد القوات البحرية الأمريكية في أوروبا وإفريقيا إن مواجهة التهديد ستتطلب مشاركة دبلوماسية مع الدول الإفريقية وشراكات جديدة،وأشار إلى أن الفراغ الناجم عن إنسحاب القوات الأمريكية عن الصومال في يناير 2021م قد يدفع الجماعات الإرهابية وخصوم أمريكا إلى التحرك.
الانتباهة