غير مصنف --

إبراهيم جابر.. الديبلوماسية الهادئة.. عن ماذا يبحث الجنرال في أفريقيا؟

في مقولة لمفكر: (في وقت الأزمات، يؤمن الجنرالات بالدبلوماسية كقوة، أشد فعالية من منطق  القوة “الخشنة”، في معالجة القضايا المتعلقة بالعلاقات الدولية، أو كما قال الزعيم الصيني الراحل ماوتسي تونغ  (أن القوة السياسية تتدفق من فوهة المدفع)

ولكن ماهي الفرضيات وراء النشاط المتزايد والتحركات الصامتة لعضو مجلس السيادة الانتقالي الجنرال الفريق بحري مهندس مستشار إبراهيم جابر  إبراهيم،  وما هو  سر الدبلوماسية الناعمة التي ينتهجها الجنرال تجاه الدول الأفريقية؟ ولماذا ظلت نتائج هذه الجولات طي الكتمان؟  ومثيرة  للتساؤلات؟

لماذا أفريقيا؟

مؤخراً غادر الفريق  إبراهيم جابر، إلى كلٍ من جمهوريتي الغابون وغانا، في زيارة رسمية، يرافقه عدد من المسؤولين بالدولة ونهاية مارس من العام الجاري زار عضو مجلس السيادة الانتقالي الفريق إبراهيم جابر،  جمهورية رواندا في زيارة رسمية استغرقت ثلاثة أيام، سلم خلالها  الرئيس الرواندي بول كاجامي، رسالة خطية من رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها، بجانب القضايا ذات الاهتمام المشترك واستبقت زيارة رواندا جولة شملت كل من جمهورية السنغال، الجمهورية الإسلامية الموريتانية، المملكة المغربية وجمهورية النيجر من أجل تعزيز العلاقات بين هذه الدول وتطوير التعاون المشترك بينها والسودان فيما يخدم مصالح الطرفين والتقى خلالها بقادة هذه الدول كما تفقد أوضاع الجاليات السودانية المقيمة فيها.

من أممية لثلاثية.

يرى مراقبون أن رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان اعتمد  على إبراهيم جابر في الاتصالات الخارجية بحكم تأهيله الأكاديمي وتجاربه الكبيرة لذلك ظل البرهان يبعثه باستمرار في مهام سرية خصوصاً إلى الدول الأفريقية وفي فبراير الماضي نفذ إبراهيم جابر جولة أفريقية  كان هدفها الأساسي محاولة إيجاد دور أفريقي أكبر في الوساطة لتهدئة الأزمة السودانية وهو ما حصل لاحقاً عندما انضم الاتحاد الأفريقي ومنظمة إيقاد للعملية السياسية لبعثة (يونيتامس)

وعد عدد من المراقبين أن الجولات الأفريقية أتت أكلها، وأرجعوا نجاح الحكومة في ربط “العملية السياسية” التي طرحتها من بعثة الامم المتحدة بمنظمة الإيقاد والاتحاد الأفريقي، وتحويلها من مبادرة أممية تنفرد بعه الأمم المتحدة إلى ثلاثية، تعود في الأساس إلى الديبلوماسية الهادئة التي يقودها الفريق إبراهيم جابر، وتحسب له، ويؤكد مختصين  في الشؤون الإفريقية أن جولات إبراهيم جابر تشكل عودة فاعلة للدبلوماسية السيادية في السودان وأفادوا بأنه ربما حمل داخل حقيبتة رسائل لهذه الدول التي تعيش في بيئة سياسية مشابهة لازمة  السودان لذلك من المتوقع أن تكون تلك الدول متفهمة لقضايا السودان أكثر من بعض الدول التي لا تعاني ولا تواجه ذات المشاكل، كما أن  معظم الدول التي زارها عضو مجلس السيادة، تعتبر جزء من إقليم الساحل الأفريقي ولديها  الارتباط مع السودان.

حشد ومناهضة

إلا أن  المحلِّل السياسي والأكاديمي د. عصام بطران يرى في حديثه لـ(الصيحة) تحركات الفريق إبراهيم جابر، الخارجية تاتي من منطلق السياسات العامة لمجلس السيادة، وقال إن هذه التحركات تجاه الدول الأفريقية لاسيما زيارة دولة غانا والغابون، ترتبط بترتيبات مجلس الأمن الدولي التي يترأسها هذه الدورة بريطانية، وزاد المجلس يتكون من (15) دولة، خمس دائمين وعشر بالتناوب كل شهر، وأوضح أن بريطانية قدَّمت مذكرة خطيرة للمجلس تطالب فيها بالتجديد وزيادة صلاحيات (اليونيتامس) في السودان، إضافة إلى تسخير كل إمكانيات المنظمات الأممية لدعم (اليونيتامس)، وزاد: هذا يعني الانتقال بكل بساطة للفصل السابع.

وقال: إن السودان يقود تحركات لإحباط هذه المسودة أو مشروع القرار، موضحاً  أن دولتي غانا والغابون التي زارها جابر الأسبوع الماضي من ضمن الدول الأعضاء هذا الشهر في مجلس الأمن الدولي وبالتالي فإن تحركات السودان  لحشد الدعم والمناصرة من قبل الدول الأفريقية والعربية الأعضاء لمناهضة مسودة مشروع القرار الذي تم استعراضه في المجلس، وأشار إلى أن زيارة الفريق جابر من الضرورة بمكان لسخونة الملف وطبيعتة التي تستدعي أن يحمله ممثل رفيع لسيادة الدولة.

الجنرال الصامت

بالعودة إلى خلفية  الفريق إبراهيم جابر، السياسية، نجد إنه نال درجة البكالوريوس من كلية الهندسة جامعة الخرطوم في ثمانيات القرن الماضي، ودخل الجيش ملتحقا بالدفعة 34 “فنيين” وهو أمر أثار التساؤلات، عكس ما كان يفعل خريجو كليات الهندسة الخرطوم في تلك الحقبة والذين كانوا يفضِّلون العمل في الشركات الكبرى أو الهجرة التي تفتح لهم أبوابها على مصراعيها بحكم تكوينهم الأكاديمي القوي، لم يعرف عن الفريق إبراهيم أي نشاط سياسي علني، وهناك من يرى أنه فترة ما، كان  قريباً من حركة الأخوان الإسلاميين، وهو ما لم يلاحظه رفقاءه في جامعة الخرطوم أو حتى زملائه في الجيش، لكن كل من تحدث عنه قال بأنه “عسكري مهني” بعد ثورة ديسمبر المجيدة، كان الرجل ضمن الطاقم العسكري الذي أدار المفاوضات مع المدنيين حتى توقيع الوثيقة الدستورية وكان ضمن كشف عضوية مجلس السيادة من الجانب العسكري، ثم أظهر جابر دوراً بارزاً في مهامه السيادية بحكم خبراته الكبيرة في العمل التجاري والاقتصادي فتولى الملف الاقتصادي وعمد إلى التعامل المباشر مع وزارات النفط والمالية والزراعة والثروة الحيوانية وغيرها، الآن هو ضمن الفريق العسكري الثلاثي الذى يضم نائب رئيس المجلس السيادي، الفريق أول محمد حمدان دقو والفريق كباشي، وهو الفريق المعني بالحوار مع الفرقاء تحت طاولة “ثلاثية” الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والإيقاد.

وصفت تقارير إعلامية الجنرال بالرجل الذي يعمل وينجز مهامه في صمت وبأنه لا يتكلم مطلقاً في اجتماعات مجلس السيادة ولا يتغيَّب عنها مهما كانت الأسباب، وعرف بأنه شديد الانضباط ويمتلك طاقة هائلة للعمل وكثيراً ما ينام في مكتبه لإنجاز الأعمال المتراكمة.

محاور دولية 

وأوضح المحلِّل السياسي والخبير الدبلوماسي الرشيد أبوشامة في حديثه     لـ(الصيحة) أنه وفقاً  للبعد الاستراتيجي  تجي دولتي الغابون وغانا التي زارهما الفريق جابر مؤخراً حسب تقسيم الاتحاد الأفريقي في أن غانا تتبوأ منصب رئيس الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا    (الايكواس) كذلك تترأس لجنة العقوبات الخاصة بالسودان في الأمم المتحدة وفي ذات الوقت عضو مع الغابون وكينيا في مقاعد أفريقيا الثلاثة بمجلس الأمن الدولي ومنسق هذه المجموعة وعضو بمجلس السلم والأمن الأفريقي وذهب في اتجاه أن الحكومة ضمن سياساتها الخارجية بناء علاقات وطيدة مع  جميع دول القارة الأفريقية من أجل تحقيق التعاون وتبادل المنافع والمصالح  .

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى