مرّت ثلاثة أعوام على الإطاحة بالنظام السابق بعد ثورة ديسمبر المجيدة، وتمت ملاحقة رموز النظام البائد عبر لجنة إزالة التمكين وتدوين بلاغات جنائية ضدهم والعديد من الإجراءات القانونية التي تمّت.
وعقب إجراءات الخامس والعشرين، هبّ التيار الإسلامي من غفوته وخرج المارد من قمقمه وبدأ ظهور التيار الإسلامي من جديد عبر تحركات وتصريحات لمنسوبيه، وظهروا علانية في المشهد السياسي بعد أن أطلقت المحكمة سراح الكثير منهم، أبرزهم رئيس حزب المؤمر الوطني المحلول إبراهيم غندور لتتسارع الأحداث لتعلن (8) تيارات إسلامية عن تأسيس (التيار الإسلامي العريض) خلال مؤتمر صحفي، ووقّعت تلك التيارات على التأسيس ويضم الكيان الجديد الحركة الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين وحركة الإصلاح الآن، وحزب دولة القانون والتنمية، ومنبر السلام العادل وجاء في الميثاق أنّ وحدة الصف الإسلامي فريضة شرعية وضرورة واقعية وواجب متحتم، لا سيّما وبلادنا تشهد تهديداً وجودياً جدياً يستهدف هويتها وقيمها الفاضلة بالطمس والتجريف، وحدد الميثاق بأن الأهداف التي يستشرفونها من هذا الاصطفاف الحرص على تنزيل قيم الدين على جميع أوجه الحياة في شؤون المعاش والمعاد في شمول وتكامل، وأن هذا الإعلان مفتوح أمام كل طرف أو جهة تجد في نفسها توافقاً معه أو استئناساً بما ورد فيه من معان، بل إنه شأن كل عمل يجتهد فيه الناس سيظل متاحاً لتقويمه ولتعديله بالحذف والإضافة.
خروج غندور
قَبل أيّامٍ، تمت تبرئة رئيس حزب المؤتمر الوطني المكلف بروفيسور إبراهيم غندور وآخرين بعد اعتقال دام عامين، ودعا غندور بعد خروجه من السجن كل السودانيين للوحدة من أجل البلاد، وقال إن بلادنا تحتاج لكل فرد من أبنائها ويجب المُحافظة عليها ونبذ الخلافات، وقال إنه لا يرى في الإجراءات التي اتّخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان انقلاباً سياسياً، بل خطوة تصحيحية، وأوضح أنه جرى إيقاف نشاط حزب المؤتمر الوطني بوساطة فئة سياسية وفقًا لوثيقة دستورية تحتاج إلى تعديلات كثيرة.. وإن أعضاء الحزب سيلجأون إلى القضاء للحصول على حقهم في ممارسة نشاطهم السياسي ولا يستطيع أحدٌ أن يمنعنا، فالمؤتمر الوطني هو حزب مسجل.
بيئة جاهزة
ويرى مراقبون أن بيئة خصبة قد تشكّلت لظهور الإسلاميين بالمشهد السياسي المُعقّد، وأوضحوا أن الإسلاميين يريدون العودة الى الحكم بالضرب على وتر معاش الناس.
العودة للسلطة
يرى المحلل السياسي خالد قنديل بأن التوقيع على تيار عريض من قبل الإسلاميين مجرد عودة لواجهات النظام السابق والتفاف أيديولوجي ليس الغرض منه حل أزمة البلاد، بل تكرار لتجربة كانت نتيجتها السابقة الفشل والسقوط، ولفت في حديثه لـ(الصيحة) بأن التيار الإسلامي الموقع عليه مجرد خطة للإسلاميين للعودة الى السلطة ولا يستطيع ذلك الالتفاف بأن يغير من إرادة الجماهير التي خرجت ضد النظام، فليس من السهل أن يخدع او يغش، ونوه بأن خروج قيادات من الحزب من السجن مؤخراً أعطت الكثيرين منهم دفعة قوية للاندماج في الحياة السياسية والبحث عن إمكانية العودة إلى السلطة بدعم غير مباشر من قِبل سلطة تبحث عن ظهير سياسي يُقابل حراك الشارع المُستمر منذ إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، ويضيف بأن الشارع السوداني لن يقبل بعودة الحزب المحلول الذي سيُركِّز على الإجراءات القضائية وما يحصل عليه من دعم ضمني رسمي في مُحاولة لفرض نفسه كأمر واقع وقد تكون له فرصة في تحقيق نتائج جَيِّدة.
صُعُوباتٌ جمّةٌ
عودة الإسلاميين تواجه صعوبات جمّة، أولها الشعب الذي خرج ضدهم عبر ثورة أطاحت برئيسه، هكذا ابتدر أستاذ العلوم السياسية د. أحمد عبد الحفيظ حديثه لـ(الصيحة)، لافتاً بأن الشعب أصبح في حالة وعي ودراية بما يجري بواسطة الأحزاب السياسية، فأصبح رافضاً بدرجة عالية لفكرة الإسلام السياسي بعد بروز جيل جديد، وأضاف بأن التيار الإسلامي ما زال قوياً وأكثر حضوراً في أغلب مؤسسات الدولة نتيجة فشل التنظيميات السياسية المتصارعة في إدارة المرحلة الانتقالية، ولاسيما الآن قد تهيأ الأمر بتوقيع تيار جديد، ونوه بأن المكون المدني ضعيف بالإضافة الى الأزمة السياسية التي تطفو على المشهد السياسي جميعها محفزات تعيد إنتاج عناصر النظام السابق، خصوصاً بأن هناك حديثاً عن تسوية سياسية، ما يمكن أن تؤدي الى مزيد من الانقسام السياسي تمكن النظام السابق من العودة بالإضافة إلى أن الشارع لن يتوقّف عن التصعيد وسيواصل رفض الشراكة والتمسك باللاءات الثلاثة بالإضافة الى رفض عودة النظام السابق نهائياً.