لأنّ المياه هي عصب الحياة وإنما هي المياه كلها، فإن قضية المياه أصبحت الشغل الشاغل للمجتمعات المدنية والريفية، ففي وفرتها تزدهر المدن والمجتمعات، وفي قلتها وندرتها تصبح عنصرا من عناصر تدهور المجتمع امنياً واقتصادياً ونفسياً. ولأن المياه أصبحت عنصراً أساسياً من عناصر الأمن القومي لأي دولة، بالتالي تشكل ازمة المياه حاجزاً كبيراً لأي حكومة كانت، ولكن في السودان البعض يستغرب بأنه رغم وفرة موارده إلا أنّ مدنه تُعاني من ازمات للمياه، مما يتسبّب كثيراً من المشاكل والأزمات الأمنية والسياسية، (الصيحة) فتحت ملف العطش في الولايات لنجد المساحات الواسعة من البلاد تعاني من مشكلة واحدة.
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\
ولاية الخرطوم: متلازمة الكهرباء والوقود أس الأزمة
استغرب أحد الأجانب الذين زاروا السودان في وقت سابق من ندرة المياه وقِلّتها أو انعدامها في بعض المناطق بولاية الخرطوم وهي تبعد عن الشريط النيلي عدة كيلو مترات، ربما دهشة الرجل ان العاصمة تقع بين نيلين، بالتالي من المُستغرب وقوع عطش في بعض مناطقه، وبالتالي هنالك مشكلة تحتاج إلى حل, ولكن هيئة مياه ولاية الخرطوم أوضحت في وقت سابق أن الأزمة الحالية في المياه بالولاية تعود إلى النقص في الوقود والكهرباء، مؤكدةً سعيها لإيجاد حلول للأزمة بإنشاء محطات إضافية.
وقال مدير الهيئة، مامون عوض حسن، إن الهيئة بصدد إنجاز عمليات حفر لـ(40) بئرا جديدة بمناطق مختلفة من الولاية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّ مشكلة الجازولين عطلت هذا المشروع. وأضاف المهندس مامون في حديثه لبرنامج (كالآتي) على شاشة قناة النيل الأزرق، أن السبب الرئيسي في ازمة المياه يعود للمتلازمة الدائمة، في إشارة إلى النقص في الكهرباء والوقود، علاوة على أعطال أخرى تتمثل في قفل الخطوط وشبكات المياه بشجر الدبس في بعض المناطق. وطالب مامون بتدخل الحكومة المركزية في هذا الأمر، لافتاً إلى أن ميزانية ولاية الخرطوم لن تسمح بإنشاء هذه المحطات بهذه التكلفة العالية. الجدير بالذكر أن هيئة مياه ولاية الخرطوم كانت قد أوضحت أن الحاجة الفعلية للاستهلاك تبلغ (2,700,000) متر مكعب يومياً، وما يتم إنتاجه يومياً (1,814,000) متر مكعب، بعجز يبلغ (886,000) متر مكعب.
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\
ولاية كسلا: أزمة المياه بين الكر والفر
كسلا: انتصار تقلاوي
مدينة كسلا تعاني منذ فترة، أزمة مياه خانقة إلا أنها أصبحت في وتيرة متصاعدة خلال شهر رمضان وشكّلت طوقاً مُحكماً بصورة ملحوظة على المواطن وصل فيها سعر تانكر المياه (كارو) الى 4 آلاف جنيه و200 جنيه لجوز المياه التي تعتبر زيادة في الأعباء المالية على المواطن المغلوب على امره، يبرز معه تساؤلات تبحث عن إزالة هواجسه (أي الجهات المسؤولة يمكن أن نيمم وجوهنا شطرها). في وقت تقف هيئة مياه الشرب عاجزة عن تقديم الحلول الناجعة للمواطن، منزوية تحت غطاء عدد من الأعذار ومتدثرة بأسبابٍ، يرى المواطنون بأنها واهية وغير مُقنعة حالة عجز الهيئة عن القيام بما يلزم خاصةً الاستعداد لفصل الصيف بصيانة الآبار وزيادة مصادر المياه أو توزيع المياه رغم قلّتها بالصورة التي لا تتسبّب في الشُّح.
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\
الدمازين: خُطط لزيادة المواعين ولكن!
الدمازين: فريد الأمين
والمُصيبة الكبرى في ولاية مثل النيل الأزرق حباها الله بمصادر متعددة ولكنها تعاني من نقص المياه، حيث وقف الفريق أحمد العمدة بادي حاكم إقليم النيل الأزرق على الترتيبات الجارية لتحسين خدمات المياه على مُستوى الإقليم بالمُدن والمناطق الريفية المُتأثِّرة بمشاكل المياه. وترأس الحاكم اجتماعاً ضم يوسف عبد الله أحمد الزين وزير البنية التحتية والتنمية العمرانية بالإضافة الى المهندس الطيب أحمد خليفة جاروط مدير عام هيئة مياه الشرب والمهندس آدم موسى عمر نائب مدير الهيئة، حيث تناول اللقاء مقترحات الحلول والخُطط المتعلقة بإيجاد المُعالجات اللازمة لدعم وترقية خدمات المياه بالإقليم بصورة عامة ومدينتي الدمازين والروصيرص على وجه الخصوص. وأعرب عن تقديره للجهات التي ظلّت تُساهم في إيجاد الحلول الجذرية لمشاكل المياه بالإقليم, وتناول الحلول الجارية لمعالجة مشاكل المياه على صعيد مصادر المياه وخطوط الإمداد, مشيراً للتحديات التي تُواجه إمداد خدمات المياه في مقدمتها الإمداد الكهربائي وتهالك شبكات المياه, ودعا كافة المواطنين إلى ضرورة المُساهمة في تسهيل مهام عُمّال المياه في مجال مراقبة الخطوط والتشغيل, وأكّد أنّ الجهد مُصوّبٌ لإيجاد المعالجات لمشاكل المياه في مجال المصادر ومواعين التخزين. مدير عام الهيئة أبان أن لقاء الحاكم استعرض الخُطة الإسعافية والخطة المُستقبلية لتحسين خدمات المياه بمدينتي الدمازين والروصيرص ومدن التعلية بالضفتين الشرقية والغربية, مبيناً أنّ الخُطة الإسعافية تتّجه لاعتماد تشغيل كافة المحطات العاملة بطاقتها التشغيلية القصوى، الى جانب معالجة مشاكل الخطوط, وأضاف أنّ الخُطة المستقبلية تهدف لتشييد المزيد من المحطات النيلية وزيادة مواعين التخزين.
\\\\\\\\\\\\\\\\\\
جنوب دارفور: “رضينا بهَمّ العطش والهَم ما راضي بينا”
نيالا: الصيحة
مدينة (نيالا) حاضرة ولاية جنوب دارفور يسكنها أكثر من (5) ملايين نسمة رغم أنها تسمى نيالا البحير، إلا أنها تعاني من أزمة مياه سنوية، حيث وصل سعر برميل المياه إلى ارقام كبيرة جداً، فيما لا يزال عدد من المحليات البعيدة يشرب الإنسان والحيوان في إناء واحد، فيما يعطل أحد أفراد الأسرة ليكون جالباً للمياه لمسافة يوم كامل ومبيت في الأحيان في مورد المياه ليجد حظه مع بقية الحيوانات العطشى.
واشتكى عددٌ من المواطنين بمدينة نيالا بولاية جنوب دارفور من صعوبة الحصول على المياه، فيما أشار البعض إلى أنّهم اعتادوا على العطش سنوياً مع وعود من حكومة الولاية بحل الضائقة كل سنة، ولكن كل سنة تكون أسوأ من السنة التي مضت, فيما لفت عددٌ من أصحاب التناكر إلى صعوبة الحصول على الجاز إلا بشق الأنفس.
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\
شمال كردفان: سوء التوزيع أم سوء التخطيط؟
الأبيض: معتصم حسن
يعتبر العطش في ولاية شمال كردفان أزمة قديمة متجددة كل عام وتعيش حاضرتها مدينة الأبيض مُعاناة كبيرة في الحصول على مياه الشرب في اجزاء واسعة من احياء المدينة, بجانب ذلك وجود سوء توزيع للموجود منه على احياء المدينة، ووصل سعر برميل المياه بمدينة الابيض الى مستويات كبيرة وتتفاوت أسعارها ما بين (900 – 1200) جنيه. ونقل عدد من المواطنين عبر (الصيحة) صوراً لمعاناتهم مع المياه التي تواجههم، وقال المواطن أحمد علي أحمد نحن نجد معاناة كبيرة في الحصول على مياه الشرب، فيما اشارت ربة المنزل تسمى فاطمة يوسف الى وجود عدم عدالة في توزيع المياه على الأحياء.
جهود الحل
من جهته، أكد والي شمال كردفان فضل الله محمد علي التوم أنّ الجهود متواصلة لحل أزمة مياه المدن والأرياف بالولاية، مبشراً بمشروعات متعددة تُصب في صالح توفير واستقرار الإمداد المائي بالولاية، مبيناً أن هنالك مُعاناة في المياه بينما المساعي تُجرى وبمتابعة على المُستوى الولائي والمركزي لإنزال الحلول على أرض الواقع لاستقرار خدمة المياه.
نصيب الولاية
وأوضح الوالي أن من ضمن مشروعات المياه لحل مشكلة العطش (45) محطة مياه تعمل بالطاقة الشمسية وهي نصيب الولاية من المنحة السعودية الخاصة بمحطات المياه، هذا بجانب (24) محطة عن طريق وحدة السدود قيد الاستلام، مشيراً إلى (30) محطة أخرى اكتملت إجراءاتها وسيتم تركيبها قريباً، وأضاف بخصوص الطلمبات الـ(30) التي التزمت بها وزارة المالية الاتحادية من المتوقع دخولها الخدمة قريباً، مؤكداً كل هذه الجهود الهدف منها توفير واستقرار الإمداد المائي بالمدن والريف، وأبان والي شمال كردفان أن هنالك فرقاً متخصصة تعمل لمُعالجة الأعطال والكسور وأي طارئ يحدث في عمليات الإمداد المائي وشبكات التوزيع للأحياء السكنية بمدينة الأبيض، وقال إن هنالك أربع ورش سيتم تسخيرها لصيانة محطات مياه المدن والريف، فضلاً عن (65) بئراً سيتم تحويلها لتعمل بالطاقة الشمسية.
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\
شمال دارفور: الحال أكثر بؤساً
ويبدو في ولاية شمال دارفور وهي شبه الصحراوية، الحال اكثر بؤساً ما هو عليه في بقية المناطق حيث ظل مواطنو الاحياء الطرفية لمدينة الفاشر وبعض محليات الولاية يجأرون بالشكوى منذ سنوات من عدم توافر المياه، الماء مصدر رئيسي للسكان ونقصها ينعكس سلباً اجتماعياً واقتصادياً وامنياً. مدينة الفاشر تقع على ارتفاع 700 متر فوق سطح البحر ومدينة تتسم بالتباين في الظواهر الطبوغرافية من أرض صحراوية الى شبه صحراوية تتخلّلها التلال وتلال ذات صخور رملية وكثبان رملية أو القيزان وأودية وخيران تمتلئ بمياه الأمطار في موسم الأمطار.
مصادر المياه
تتمثل مصادر المياه الرئيسية لمدينة الفاشر في خزان قولو الذي يقع غرب مدينة الفاشر على بُعد 16 كيلومتراً من مركز المدينة وتعتبر أحد مصادر المياه لمدينة الفاشر ويوفر 20% من مياه المدينة وتسع لـ4 ملايين متر مكعب، علماً بأن مدينة الفاشر تحتاج الى 56 ألف متر مكعب في اليوم وهنالك سد (ورا – ورا وكرقا) اللذين يعملان على تغذية آبار شقرة الجوفية وري الغطاء الزراعي لمنطقة شقرة، اما المصدر الرئيسي لمياه الفاشر منطقة آبار شقرة الوادي والقوز والتي تسع لحوالي 48 بئرا جوفية. ولكن فشلت كل الحكومات السابقة في حل موضوع كهرباء ومياه الفاشر، مع العلم ان الأسباب والمعوقات واضحة والحلول متاحة وكلها تتمثّل في مشاكل إدارية بالدرجة الأولى وفنية بالدرجة الثانية ومالية بالدرجة الثالثة.
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\
جنوب كردفان: نقطة المياه وفرص الازدهار
ولأن نقطة مياه تعطي المجتمع فرصة للازدهار. فإن بعض المناطق بسبب شح المياه لم تجد حظّها في الازدهار ربما مُعظم الولايات تُعاني كذلك وواحدة من المدن أبو جبيهة بولاية جنوب كردفان، حيث يُواجه سكان المدينة أزمة حادة في مياه الشرب خلال كل عام نتيجة لنضوب الحفائر من المياه. كذلك يُواجه سكان مدينة الدلنج في ولاية جنوب كردفان شُحّاً في مياه الشرب ووصول إمداد المياه إلى أحيائها السكنية البالغة 32 حيّاً، وسط عجز السلطات المحلية عن معالجة الأزمة منذ أشهر.
\\\////////////////////////////////////////////////////////////////
البحر الأحمر: رحلة البحث عن حلول
أزمة المياه بولاية البحر الأحمر ليست بالجديدة، ولا تذكر الولاية او مدينة بورتسودان وإلا وذكر أزمة المياه حيث تنفق الوالي المكلف علي عبد الله أدروب مصادر مياه مدينة بورتسودان بمنطقة اربعات (٣٥) كيلو متراً شمال غرب المدينة، واطلع على موقف المياه، ووقف على تداعيات الحريق الذي تعرّض له الخط الناقل للمياه مؤخراً. واستعرض الوالي خلال زيارته لمنطقة أربعات نتائج زيارته للخرطوم والمساعي التي تمّت لمُعالجة قضايا مياه الولاية، وأكد الوالي على ضرورة تضافر الجهود الرسمية والشعبية لحل مشكلة المياه، مشدداً على أهمية مساهمة كل المؤسسات والهيئات والشركات العاملة بالولاية والجهد الشعبي في معالجة قضايا المياه. وأشار الوالي الى جاهزية الولاية للتعاقد مع أي جهة لتوفير محطة عائمة لتحلية المياه في اطار معالجات قضايا المياه.