قبل ثلاثة أشهر قام الرئيس التونسي قيس سعيد باجراءات استثنائية جمد فيها البرلمان (المنتخب) والذي يشكِّل فيه الإسلاميين من حزب النهضة الأغلبية، وأقال رئيس الحكومة هشام المشيشي وأعلن توليه بنفسه للسلطة التنفيذية في اجراءات مخالفة للدستور (المُعد عبر جمعية تأسيسية منتخبة ومجاز بأغلبية برلمانية منتخبة) وأعلن حالة الطوارئ وانتشرت القوات الأمنية التونسية حول البرلمان ومنعت اعضائه من دخوله.. لم نسمع ولم نقرأ إدانات دولية من دول المشروع الليبرالي الإجتماعي الثلاثة لما قام به قيس سعيد.. فلم نرَ السفير البريطاني في تونس يدعو للتظاهر ضد هذه الإجراءات ولم نرَ فرنسا أو ألمانيا ترغي وتزبد وتتوعد..
بالرغم من أن البرلمان والدستور الذي خالف قيس سعيد أحد مواده منتخبين وليسوا كوثيقة قحت الدستورية المهترئة الفاقدة للشرعية لأنها تسلطت على الشعب في حين غفلةٍ بغير انتخابات.
بل رأينا العكس.. رأينا الدعم الفرنسي لتونس لم ينقطع وأفادت الرئاسة الفرنسية في بيانٍ صادرٍ من القصر الرئاسي الفرنسي الإيليزيه جاء فيه ما نصه : “رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره التونسي قيس سعيد، وأعرب له عن رغبته في أن تتمكن تونس من الاستجابة بسرعة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية والصحية التي تواجهها”
وجاء فيه أيضاً : “الرئيس التونسي أبلغ نظيره الفرنسي أنه سيعرض قريبا خارطة الطريق الخاصة به للفترة المقبلة، وسيواصل إعطاء أهمية للشرعية الشعبية” وفي نفس البيان : “الرئيس التونسي أبدى التزامه بالاستجابة لحالات الطوارئ، وأكد رئيس الجمهورية الفرنسية ايمانويل ماكرون أن فرنسا تقف إلى جانب تونس والشعب التونسي في هذه اللحظة الحاسمة من أجل سيادتها وحريتها”.
هل يبدو لك موقف (بريطانيا/المانيا/فرنسا) مع تونس متعارض مع موقفها من السودان ؟
في الحقيقة ليس هناك أي تعارض.. فهذه الدول الثلاثة بالتأكيد لن تساوي عميل لها كامل الدسم (كالذي تبكي عليه الآن في السودان) بحركة النهضة وهشام المشيشي لأجل أوهام الديمقراطية التي تنخدع أنت بها.. عليك أن تفهم جيداً قبل أن تنساق خلف أي هتافات أو خطابات سياسية أن الدكتاتورية والديمقراطية ليست إلا أحجار شطرنج في لعبة أجندة ومصالح أنت لست جزءً منها إنما أنت أحد أحجارها أيضاً.
المقداد خالد