في عام 2011م كنا نتجول في شوارع بانكوك عاصمة مملكة تايلاند ونحن نحمل المظلات، حيث كانت السماء تمطر بغزارة ولكن الجميع يعيش جواً من البهجة والمتعة بالطقس الرائع والأشجار المزهرة تحيط بالشوارع.. تذكرت حينها جوالات الخيش التي يحاول المواطنون في الخرطوم عبثاً ان يدرأوا بها عن منازلهم السيول التي غزتها بعد اغلقت دونها المجاري، بالتأكيد المقارنة بين بانكوك والخرطوم لا تجوز، رغم انه قد قيل لنا ان تايلاند دولة عالم ثالث وتقع في جنوب شرق آسيا، ولكني لا أعتقد ان ذلك صحيح، فشوارعها مسفلتة ومياه الامطار لا تتكدس فيها، بل حكومتها وصلت لمرحلة معالجة وتحلية مياه الصرف الصحي، ونحن كنا ومازلنا نقوم بحرق النفايات أمام منازلنا ونمد لساننا لعبارات التلوث البيئي ونغض الطرف عن مرضى الازمات، ولكن مشكلة النفايات ربما تبدو اقل اهمية من شوارع الخرطوم المغلقة التي جعلت فصل الخريف بعبعاً مخيفاً رغم انه يفترض ان يكون موسم المتعة والبهجة بعد الاحتراق بشمس الصيف القائظ، ولكن الخرطوم تغرق في (شبر موية)، والحركة تتعطل والسيارات تسقط في الحفر العميقة مما جعل كثيرين يفضلون عدم الخروج الا للضرورة القصوى، والخرطوم ليست وحدها بل جل الولايات تتأثر بالسيول، وبعض الطرق القومية تصاب بالانشطار جراء السيول والفيضانات، فلا داخل في الولايات ولا خارج منها.
وتعيش البلاد هذا الوضع المأساوي والإعلام والسوشيال ميديا مشغول بـ (سفة سلك) بدلاً من كشف حال الحكومة التي يبدو أنها لا تتذكر اننا في موسم الخريف، وان هنالك مجاري يجب فتحها ومعالجات يجب أن تتم، وكأنها قد رفعت يدها عن كل شيء، ولا اظنها تتذكر ان هناك رعية هي مسؤولة عنهم وعن أحدهم اذا تعثر، ناهيك عن سقوطه بسيارته في حفرة عميقة، لأن الشوارع لم تتم صيانتها والمجاري مغلقة بالنفايات لأن سيارات النفايات لا تأتي الا لماماً، بل ان بعض المناطق لا تكاد ترى فيها عربة نفايات.
وفي هذا التحقيق نترك المساحة للصور لتتحدث وتعبر عن الواقع الذي تعيشه الخرطوم المسكينة بعد ثاني مطرة ليست بالغزيرة، ولا ندري كيف سيكون الحال عندما نصل لذروة الخريف؟