إقتصاد

استيراد السيارات.. من يضبط القيادة؟

الراى السودانى

الخمسة أشهر من العام الجاري، شهدت دخول حوالي ١٢٥ ألف سيارة للبلاد، في وقت غابت فيه أي تفاصيل واضحة ومثبتة لإحصائيات تقسم هذه العربات ما بين (بوكو حرام وسيارات المغتربين)، وذلك بحسب إفادات شعبة مستوردي السيارات.. وفي المقابل برزت دول ليبيا، الإمارات، السعودية، كوريا، تشاد، كجهات تم الاستيراد من معظمها.. إلى ذلك أثار قرار وزارة التجارة والتموين، الخاص بضوابط وسياسات جديدة لاستيراد السيارات، ومنع استيراد البكاسي والصوالين، “الغضب والاحتجاج” وسط المغتربين، بينما اعتبر بعض التجار أن القرار “يفتح باب الفساد”، ولكن خبراء ومختصون شددوا على إيجابية القرار، موجهين إلى ضرورة حفظ حقوق واستثناءات فئات كفلتها لهم الدولة.

تأييد وتوجيه.. غرفة المستورين في المشهد
وصف رئيس الغرفة القومية للمستوردين شهاب الطيب السيد، قرار التجارة بـ(الجيد) وقال لـ(السوداني) إن إضافة الشاحنات للسيارات المسموح استيرادها غير موفق، لأن 90% منها يأتي عن طريق الاستعمال الشخصي، ولارتفاع سعرها فهي تشكل ضغطاً كبيراً على العملة الأجنبية، موضحاً أن السوق مكتفي منها، بل الأعداد التي دخلت خلال العام ونصف السابق تكفي احتياج بعض الدول المجاورة، وليس السوق المحلي بالسودان فقط، مشيراً إلى أن حجم استيراد الشاحنات الخفيفة والثقيلة السنوي، يتراوح ما بين ٦٠٠ إلى ٧٠٠ مليون دولار.

أرقام وتشوهات.. إيجابية السياسات
شدد رئيس شعبة مستوردي السيارات، عمرو جعفر، على إيجابية السياسات والضوابط الجديدة لاستيراد السيارات، بالقرار الصادر من قبل وزارة التجارة والتموين، واصفاً القرار بـ”الجريء والشجاع”، كاشفاً عن إحصائية السيارات التي استوردت، بواقع (١٩٠) ألف سيارة في ٢٠٢٠م، أما العام الجاري شهد دخول نحو ١٢٥ ألف سيارة حتى الآن.
وقال لـ(السوداني) إن استيراد السيارات خلال الفترة الماضية، صاحبته الكثير من ” التشوهات” بما انعكس سلباً على معدلات التضخم والكثير من عمليات غسيل الأموال، موضحاً أن ٩٥٪ من استيراد الأفراد لا يدخل النظام الضريبي، ولا تستفيد الدولة من إيراداتها إلا عبر الجمارك، بينما الاستيراد من خلال الوكلاء يحقق إيرادات بتحصيل ضرائب ورسوم، ترفد الخزينة العامة بأموال مقدرة، وأضاف : لا يوجد تفصيل واضح ومثبت للإحصائيات، لتقسيمها ما بين ( بوكو حرام و سيارات المغتربين) ، ولكن أكثر الدول التي تم الاستيراد منها في السنتين السابقتين هي دول ليبيا، الإمارات، السعودية، كوريا، تشاد.
وذكر جعفر إن القاعدة العامة للاستثناءات يليها فتح باب الفساد، وعليه تم استغلال ثغرة بوكو حرام و ثغرة استثناءات المغتربين و الفئات الأربعة، مما أثر سلباً على الاقتصاد، وساعد كثيراً في نسبة التضخم، مبيناً أن استثناءات المغتربين تحتاج للمراجعة، وأن الفترة من بداية العام الجاري شهدت دخول مابين ٣٠ إلى ٣٥ ألف سيارة من موديلات البكاسي والصوالين المختلفة، بخلاف (بوكو حرام)، وتابع “لا نريد ضرر للمغتربين والاقتصاد”، بتسريب العملة الحرة عبر التجار والوسطاء لدول الجوار، لافتاً إلى أن أسواق “الكرين” لن تختفي ولكن التعامل سيكون بنظام مختلف، ربما يعمل كموزعين للوكلاء، مؤكداَ أن التعامل بالوكلاء المهتمين، يضمن توفير الصيانة وسلامة التشغيل وتوفير الاسبيرات وقطع الغيارات، مشيراً إلى أن تنفيذ القرار يحتاج لحسم من قبل وزارة التجارة والتموين.

تدافع واحتجاجات المغتربين
احتجاج وغضب يسيطران على المغتربين، بسبب القرار رقم ( 28) لسنة 2021م الذي أصدره وزير التجارة والتموين، علي جدو آدم بشير بإيقاف استيراد السيارات الصغيرة للأفراد، وعمت “موجة من الغضب” في أوساط المغتربين العائدين نهائياَ، مما دفعهم إلى الاحتجاج والوقوف أمام مقر الأمانة العامة لجهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج، أمس مطالبين الأمين العام للجهاز بإيجاد حل “عاجل وسريع بمخاطبة وزارة التجارة لاستثنائهم من القرار مهددين بالاعتصام إلى حين إيجاد مخرج لهم من القرار، سيما وأن غالبيتهم قد شرعوا في شحن سياراتهم قبل صدور القرار بفترة قصيرة.
وعبر العائدون نهائياً عن استيائهم من القرار الذي وصفوه بالمجحف والجائر في حقهم، سيما وأن الدولة قد منحتهم حق استيراد سيارة في حال العودة النهائية بموجب القرار رقم ( 57 ) لعام 2020 م الذي أصدره وزير التجارة السابق مدني عباس مدني بحسب اللوائح التي وضعها جهاز المغتربين بالتنسيق من وزارة التجارة وأنهم مستوفين لهذه الشروط واللوائح .
وطالب المغتربون العائدون نهائياً وزير التجارة بمنحهم مهلة إلى حين استكمال إجراءات دخول سياراتهم إلى البلاد، قبل إيجاد المعالجة النهائية لهم واستثنائهم من القرار أسوة بالجهات التي استثناها القرار من حظر استيراد السيارات الصغيرة.
في الوقت ذاته أثار صدور القرار ” دهشة المغتربين العائدين”، من عدم وجود تنسيق بين أجهزة ومؤسسات الدولة المعنية بخدمة السودانيين بالخارج والعائدين في حال صدور مثل هذه القرارات .

في انتظار الجهات العليا
إلى ذلك طالب الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج، مكين حامد تيراب، الدولة بالإسراع في تنفيذ الحوافز التي تم الإعلان عنها مؤخراً واصفاً القرار ( 28 ) لسنة 2021 م بـ(المجحف و الصادم) ، حيث ألغى القرار تلقائيا القرار رقم ( 57 ) الذي استثنى المغتربين من حظر استيراد السيارات في ذلك الوقت، وقال مكين، في تصريح صحفي أمس، إن الجهة التي أصدرته لم تتشاور مع جهاز المغتربين ولم ترجع إليه، وأضاف: القرار أيضاً لم يراع حقوق المغتربين كفئة لها دورها الكبير في رفد الاقتصاد الوطني ولها دورها أيضاً في مساندة البلاد في الكثير من المحافل والمناسبات.
وأعلن مكين، عن مساع حثيثة لجهاز المغتربين مع الجهات العليا بالدولة لمعالجة الآثار السالبة التي ترتبت على القرار، مشيراً إلى أن نتائج هذه المساعي ستظهر عاجلاً في خلال الساعات القادمة.

تشخيص اقتصادي
وشدد الخبير الاقتصادي بروفسور إبراهيم أونور، على أن إيجابية القرار من ناحية توفير عملات صعبة للبلاد، يفترض توجيهها للسلع الاستراتيجية، وقال لـ(السوداني) إن القرار يجب ان يحافظ على الاستثناءات الممنوحة لفئات محددة من قبل الدولة، موضحا أن القرار في جانب آخر ينعكس سلبا على سوق السيارات داخليا، برفع أسعارها، كذلك جعل الوكلاء (محتكرين) لسلعة مهمة، وربما يدخل الفساد اليها، عن طريق المحاباة السياسية أو الطائفية وغيرها من الممارسات السالبة.
ويرى الخبير الاقتصادي بروفسور كمال أحمد يوسف، أن القرارات جيدة، وقال لـ(السوداني) إن البلاد فعلا في حاجة إلى مركبات كبيرة تخفيضاً للواردات، والاستفادة من الحجم الكبير للنقل والترحيل، مشيراً إلى أن ذلك ينعكس ايجاباً على تقليل تكلفة الاسبيرات وصرف الوقود، وتكلفة إنشاء الطرق والجسور.
واعتبر الخبير في مجال الاستيراد هاشم فتح الله، القرار ” ليس له معنى وهدف “، ويحقق مصلحة وكلاء السيارات ، وقال لـ(السوداني) ان استيراد السيارات متوقف منذ عام ٢٠٠٩م، لم يسمح بالاستيراد الا وفق الاستثناءات الموجودة في القرار لفئات محددة، وذكر أن الأرقام والإحصائيات المتداولة في أسواق السيارات تحتاج لتدقيق أكثر، منوهاً إلى أن هنالك فئات يجب مراعاتها عند إصدار تلك القرارات.

(الحيل ماتزال موجودة)
التاجر في سوق الكرين بالخرطوم بحري التجاني النور، استهجن قرارات وزارة التجارة والتموين حول استيراد السيارات، متسائلاً ” هل الموية بتتمسك في اليد؟، التاجر بيعرف دروب كثيرة للدخول وطرق الخروج”،وقال لـ(السوداني) ان منع استيراد سيارات البكاسي والصوالين وزيادة الجمارك، تفتح باب التهريب، وانتشار ممارسات الفساد، لأن العمل لن يكون عديلا “، إلى جانب انخفاض إيرادات الجمارك.
وشدد النور، على أن عمل التجار لن يتوقف في العربات، وأنهم يعرفون طرق كثيرة يستوردون بها سيارات” لن يغلبوا حيلة “، لافتاً إلى أنهم حالياً استفادوا من القرارات الأخيرة، وطرأت زيادات في الأسعار، تفوق ملياري جنيه على العربة الواحدة، وأن هذه الزيادة يتحملها المواطن الذي يرغب في شراء سيارة، وأفاد أن العمل متواصل وتم شراء عربات بحسب، ما ورد في القرار من الشاحنات واللواري والدفارات البصات، والحافلات والروافع وغيرها ، مشيرا إلى أنه بمجرد صدور قرار وزارة التجارة طرأت زيادات غير حقيقية على أسعار السيارات، تراوحت مابين ٨٠٠ إلى ٢.٤ مليوني جنيه ، للموديلات للاعوام من ٢٠١٦ الى ٢٠٢١م، كذلك توقفت عمليات البيع الى حين اتضاح الرؤية.

قرارات وسياسات (صادمة)
أصدرت وزارة التجارة والتموين، سياسات وضوابط جديدة لاستيراد السيارات، مؤخرا ، ابرزها إلغاء قرار وزارة الصناعة والتجارة رقم ٥٧ عام ٢٠٢٠م الخاص بسياسات استيراد السيارات، كذلك غير مسموح باستيراد السيارات الصغيرة والبكاسي بجميع موديلاتها لكافة الافراد والجماعات ، يستثنى البند الثاني الوكلاء المعتمدين لدى الوزارة شريطة استيفاء بموديل العام ، ويسمح باستيراد وسائل النقل من الشاحنات واللواري والبصات والحافلات، ثم استيراد القلابات والروافع والآليات الزراعية، وغير مسموح بتخليص السيارات التي ادخلت بنظام الافراج المؤقت، الا بموافقة وزارة التجارة، وعلى الجمارك وشركة المهاجر التقيد التام بهذا البند.
وتقوم لجنة مكونة من جهات وزارة. التجارة ومجلس الوزراء، وزارة المالية، الزراعة، والطرق والجسور ، المواصفات، الجمارك، الاستثمار ، بنك السودان المركزي بوضع الضوابط المشار اليها في القرار، ويسري القرار من تاريخ التوقيع عليه، الى حين إشعار آخر، على أن تكمل إجراءات السيارات التي شحنت في أو قبل يوم ٧ يونيو ٢٠٢١م. وشدد القرار، على الجهات المختصة وضعه في التنفيذ الفوري.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى