إقتصاد

زيادة الوقود.. استمرار الصدمات

الخرطوم: الطيب علي

حالة من الإحباط وسط قطاعات واسعة من المواطنين أثارتها الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود وسط مخاوف من انعكاسات كارثية على حياة المواطن اليومية وارتفاع تكلفة الإنتاج وأسعار السلع بشكل أسوأ مما هي عليه حالياً، ما أدى إلى بروز جملة من التساؤلات من المختصين وكافة القطاعات حول إلى متى ستستمر الحكومة في الزيادة على أسعار الوقود مع تذبذب سعر الصرف يومياً، وهل ستفلح الإجراءات الأخيرة فى توفير الوقود؟

وزارة المالية أصدرت الثلاثاء منشوراً بزيادة الوقود بنسبة تقارب المائة بالمائة كما أعلنت عن عدم سماح الحكومة لشركات القطاع الخاص من استيراد الوقود بشكل مباشر إلا للشركات العاملة فى مجال الذهب والمصانع وبموجب الزيادة الجديدة رفعت لتر البنزين من 150 إلى 290 جنيهاً ليصبح سعر الجالون 1.305 جنيهاً من 675 جنيهاً كما ارتفع سعر لتر الجازولين من 125 إلى 285جنيهاً ليصبح سعر الجالون 1282جنيهاً من 562.2جنيها كما أصدرت قراراً ألغت به كافة الأسعار السارية للوقود سابقاً وقامت بتشكيل لجان لوضع معالجات في الوقود للقطاعات الاستراتيجية الزراعة والكهرباء والمواصلات

الضوابط الجديدة:
وركزت الضوابط الجديدة التي أصدرتها وزارة الطاقة لتنظيم الاستيراد الخاص للمواد البترولية التي حصلت عليها (السوداني) على عدة إجراءات أهمها السماح للشركات المعتمدة للمؤسسة السودانية للنفط في تجارة وتوزيع المواد البترولية محلياً بالاستيراد الخاص، شريطة امتلاكها المستودعات ببورتسودان أو إبراز عقد إيجار المستودعات ببورتسودان لتخزين المواد البترولية المراد استيرادها، كما سمحت ببيع وقود الاستيراد الخاص في محطات الخدمة الخاصة بالشركات المستوردة بناءً على الموافقة المَسبقة من المؤسسة السودانية للنفط بشرط عدم منح الشركة توزيع الوقود الخدمي.

وسمحت للجهات الصناعية والزراعية وشركات التعدين التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود بالاستيراد الخاص بغرض استهلاكها الخاص فقط إلى جانب إبراز خلو طرف من الضرائب والزكاة معنون إلى المؤسسة وشملت الإجراءات أيضاً الحصول على موافقة مسبقة من المؤسسة على مواعيد وصول الناقلة حتى تتمكن المؤسسة من برمجة وتنسيق الكميات، إضافة إلى توضيح بلد المنشأ للمنتجات البترولية وتقديم كافة المستندات المطلوبة فضلاً عن الالتزام بالمواصفات المعتمدة بواسطة المؤسسة وتقديم شهادة المواصفات للمؤسسة قبل الشحن، إضافة إلى إخطار المؤسسة بالمستودعات التي سيتم التخزين فيها علاوة على تسديد رسوم 2٪ من قيمة المنتج المستورد للمؤسسة في حال الا ستيراد الخاص بالعملة المحلية.

قفل البلف:
وصف مدير إحدى شركات استيراد الوقود – مفضلا عدم ذكر اسمه – في حديث لـ (السوداني) إصدار هذه الضوابط في هذا التوقيت بأنه يذكرهم بسياسة (قفل البلف)، وذلك بإلغاء التأهيل القائم والحاجة لعدة أشهر لتأهيل الشركات واحتكار الاستيراد حتى للشركات التي يتم تأهيلها ليتم عبر المحفظة ورفع أسعار الوقود للضعف وإخراج الشركات الوطنية التي كانت تساهم في الاستيراد من القدرة على الاستيراد بهذه الشروط التعجيزية ورفع أسعار الذهب التي أصبحت تنخفض مع انخفاض الدولار في السوق الموازي بدخول محفظة السلع كمشتر لتلبية احتياجات الشركات، متسائلاً: “هل هذا شرط ثورة لها عامان تريد العمل لشركات بشروط سبع سنوات”، مضيفاً: “القرار غير موفق ويضاعف أزمة الوقود ويضرب الشركات الوطنية ويحتكر القطاع لمحفظة السلع الاستراتيجية”.

وتابع مدير الشركة: “يعني السودان بكامله أصبح فى جيب المحفظة الخاصة بالسلع الاستراتيجية”. مشيراً إلى أن أكبر الشركات العالمية تشترط للتعامل مع أي جهات أقصى عدد لسنوات الخبرة خمس سنوات فقط، وليس بميزانية مالية لسبع سنوات كما هو في الشروط.

مقاومة الزيادة:
عضو اللجنة القيادية للتحالف الاقتصادي لقوى ثورة ديسمبر اساور آدم دعت في حديثها لـ (السوداني) الشعب إلى مقاومة الزيادات المطردة وغير المنطقية والمتواصلة في أسعار الوقود الذي ارتفع من ٢٨ جنيها للجالون إلى ١٢٨ جنيها ثم إلى ٥٤٠ جنيها حتى وصل إلى ١٣٠٥ جنيهات في عمل وصفته بـ”السادي المنظم” تمارسه مجموعة وكلاء صندوق النقد الدولي والاملاءات الخارجية ضد الشعب السوداني الأبي. مضيفه أن ذلك قد أدى إلى ارتفاع تكلفة المواصلات للفرد في اليوم الواحد من ٥٠ جنيها كحد أعلى إلى ما يفوق الالف جنيه وتصاعدت أسعار كل السلع بسبب ارتفاع تكلفة النقل مشيرة إلى أن الشعب موعود بارتفاع جديد في أسعار النقل والسلع لدرجة لا تطاق.
وقالت إن حكومة حمدوك الخاضعة للاملاءات الأجنبية تكذب على الشعب عندما تعمل على القيام بحملة تضليل كبرى حول نتائج مؤتمر باريس البائسة؛ فهل من نتيجة إيجابية سوى اكتواء الشعب بالمزيد من نيران الغلاء؟ مردفة أن موازنة ٢٠٢١ التي بلغت إيراداتها ٩٢٨ مليار جنيه كان ثلثها أي ٣٠٠ مليار جنيه من مصدر واحد فقط وهو رفع سعر الوقود من ١٢٨ إلى ٥٤٠ جنيها مما يعني أن الحكومة تجني أرباحا طائلة من بيع المحروقات في لجوء لجيوب المواطنين المسحوقين للصرف على جهازهم الحكومي المتضخم حيث أعطوا البنيات التحتية في الموازنة ٣ مليارات جنيه فقط والتعليم ١٦ مليارا والزراعة ١١ ملياراً بينما أعطوا الدعم السريع ٣٧ ملياراً وضاعفوا موازنة مجلس الوزراء بنسبة ٧٢٨٪ وكذلك موازنات الأجهزة الأمنية حتى صار الصرف على الأجهزة السيادية ٢٨٤ مليارا بينما لم تحظ التنمية والصحة والتعليم والزراعة والبنى التحية كلها مجتمعة بأكثر من ٧٢ مليار جنيه فقط وقالت انهم يمارسون إذلال الشعب حيث تركوا النساء والأطفال يقفون في صفوف الرغيف من الثانية وحتى العاشرة صباحاً متزامناً ذلك مع انعدام الجازولين والمياه في الأحياء ووصلت قطوعات الكهرباء إلى عشر ساعات في اليوم رغم مضاعفة أسعارها إلى أكثر من خمسة أضعاف متسائلة ماذا ينتظر الشعب من هؤلاء سوى المزيد من التجويع والاذلال وتابعت أن التحالف الاقتصادي لقوى ثورة ديسمبر المجيدة يدعو الشعب لممارسة حقه القانوني المشروع في الرفض العلني لسياسات الحكومة بكل وسائل المقاومة السلمية المشروعة من مواكب ووقفات احتجاجية واضرابات ومذكرات.

مسلسل لا ينتهي
ويذهب وزير النفط السابق عادل علي إبراهيم إلى أنه من حيث المبدأ ليس ضد سياسة تحرير الوقود ولكن كان على الحكومة أن تعمل على تثبيت سعر الصرف قبل اللجوء للزيادة الأخيرة وقال: “نحن أصبحنا في مسلسل لا ينتهي”، وتابع: “وهذه الزيادة ستفجر السوق وهى فلتة بدون أي ضوابط ورقابة لأحد مشدداً على ضرورة ضبط وإحكام السيطرة على الاستيراد الخاص للقضاء على مافيا السوق الأسود الذي أصبح الآن يجد قناة مفتوحة معها تصديق من الحكومة بالاستيراد الخاص والذي يتعامل مع السوق الأسود محذراً أن تلك الزيادة ستؤدي إلى انفلات فى سعر الوقود في السوق الأسود خاصة أن هناك عدم وفرة لاسيما في الجازولين. وتابع: كان على الحكومة توفير الوقود في المحطات قبل الإجراء الأخير موضحاً أن الحكومة عملت على إنشاء المحفظة لمنع القطاع الخاص من الضغط على الدولار لكن ذلك الإجراء ناقص بعدم وجود ضوابط لبيع وتوزيع الوقود الخاص.
ووصف عملية تكوين لجنة لمعالجة أمر الوقود للقطاعات الاستراتيجية خاصة الزراعة والكهرباء والمواصلات بالايجابي، ولكن لا بد من الاسراع في إكمال مهمتها وأن يكون الدعم خاصة للزراعة والمواصلات بحوافز أخرى بالاستفادة من خصوصية أي ولاية في المجالات الزراعية المختلفة سواء كانت آلية أو بستانية على أن تحدد كل ولاية كيفية سبل دعم قطاع الزراعة.

اضطراب:

ويقول المحلل الاقتصادي د. عبد العظيم المهل فى حديثه لـ (السوداني) إن هناك اضطراباً في اتخاذ القرارات والإجراءات والسياسات والخطط، مضيفاً هناك حالة انفصال تام بين المواطن من جانب والطبقة الحاكمة حالياً موضحاً بأن تلك الطبقة لا تمثل الثوار وأن معظمها يأخذ مرتبات بالدولار ولايشعرون بما يشعر به المواطن. وتابع: أن آثار الجازولين مركبة على العملية الإنتاجية سواء كان الإنتاج الزراعي بمراحله المختلفة وأيضاً على الترحيل مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج وكان يجب أن يتم تمهيد للقرار باستيراد ألواح الطاقة الشمسية للمصانع والمزارع وحتى المنازل وتوزيعها بأسعار رمزية وكان يجب السماح بسيارات الطاقة الكهربائية والطاقة الشمسية لتقليل استهلاك الوقود.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى