الراى السودانى
تشهد العاصمة الخرطوم إنفلاتا كبيرا في أسعار الدولار بالسوق الموازي وكشفت جولة أجرتها(السوداني)بأسواق ومنافذ السوق الموازي بالخرطوم عودة نشاط المضاربات في العملة ما قفز بالأسعارلمعدلات غيرمسبوقة ما بين (500 ـ 470 ) جنيها للدولار الواحد ورصدت(السوداني) بدء الحملات الأمنية على الأسواق وإلقاء القبض على عدد من سماسرة العملة.
وقلل عدد من السماسرة الذين تحدثوا لـ(السوداني)من جدوى الحملات الأمنية على السوق للانتشار الكثيف لتجارة العملة والتي قالوا انها لم تعد قاصرة على التجار بالسوق العربي فقط بل تعدتهم لأصحاب البقالات وتجار الخُضر بالأسواق الرئيسية والطرفية ما يصعب معه السيطرة على هذه التجارة وحسم تمددها والقاء القبض على المتاجرين فيها .
وتسبب النشاط المحموم في أسعارالدولار بالموازي في هزيمة كبرى لتوجه الحكومة الانتقالية الأخير بإعلان توحيد سعر الصرف والذي طبقته خلال الأشهرالـ(3)الماضية، وتحول غالب العملاء الذين نجحت في استقطابهم للتعامل مع البنوك إلى العودة مرة أخرى للسوق الموازي وبصورة أكثر قوة للاستفادة من فارق السعر بين الرسمي والموازي سعياً لجني الأرباح.
وقالت المواطنة هدية حسنين والتي تقطن بالسلمة الخرطوم لـ(السوداني) إن المواطنين يتضررون كثيراً من ربط التجار للسلع الاستهلاكية بزيادة الدولار لتسبب زيادته المستمرة في عدم قدرتهم على الشراء ، والمزيد من الغلاء في المعيشة .
وانتقد الموظف عبدالهادي التوم المعالجات الحكومية لانفلات سعر الصرف ووصفها بالواهية والضعيفة وتؤدي للمزيد من التمدد في السوق الموازي وإضعاف قدرة الشعب على مجابهة الغلاء الطاحن في كافة مقومات الحياة.
وأعلن وزيرالتجارة والتموين علي جدو في حديث لـ(السوداني)عن حملة ضخمة ونوعية تنظمها وزارته قريباً لضبط انفلات الأسواق وتوعية المواطنين بحقوقهم المكفولة لهم بموجب قانون تنظيم التجارة والمنافسة ومنع الاحتكار، لافتا لتكوين لجنة لهذا الغرض بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة (اتحاد الغرف التجارية والصناعية، جمعية حماية المستهلك، وزارة العدل، الشرطة، الجيش، الدعم السريع، وزارة التعليم العالي والجامعات)،متوقعاً أن يكون لها أثر إيجابي كبير في الفترة المقبلة في إنهاء الفوضى باسم سياسة التحرير الاقتصادي.
وتشهد أسعارالسلع الاستهلاكية الضرورية بأسواق الخرطوم زيادات مطردة خاصة المستوردة والمصنعة محلياً تزامناً مع ارتفاع الدولار وسيادة مخاوف كبرى وسط التجار من البيع تجنباً للخسائر لاحتمالات تضاعف قيمة السلع لأكثر من مرة خلال اليوم الواحد تبعاً لتقلبات سعر الصرف.
وأشار بعض التجار لـ(السوداني)إلى الأثر الكبير السالب لارتفاع الدولارعلى حركة السلع والنشاط التجاري عامة وتسببه في الركود العام في الشراء من قبل المواطنين والتجار على السواء،لافتين لتخوفهم من البيع هذه الفترة رغم وفرة البضائع بالمحال.
وشكا تاجر السلع الاستهلاكية بالخرطوم نورالدائم محمد لـ(السوداني) من تضرر التجار من ارتفاع سعر الصرف، لتحكمه في حركة أسعار السلع الاستهلاكية واضطرارهم لتسعيرها بشكل يومي لمواكبة الزيادة، ما أدى لركود حاد في القوى الشرائية وسط المواطنين وحدوث وفرة كبيرة في البضائع ، وأبان محمد أن سعر جركانة زيت الفول والزيت الأبيض قفزت إلى (3٫200) جنيه، زيت شمس عبوة (4) وربع (3٫600) جنيه وكيلو دقيق زادنا وسيقا (300) جنيه.
وقال تاجر بالخرطوم علي حسب الرسول لـ(السوداني) إن الدولار تسبب في زيادات في الأسعار حيث قفز سعر كيلو العدس من (400) إلى (550) جنيهاً والجوال عبوة (25) كيلو لـ(4) آلاف جنيه،وكيلو الأرز لـ (350) جنيه، كما قفز سعر لبن كابو عبوة (2) كيلو وربع إلى (4,800) جنيه، ودقيق سيقا من (2,5) إلى (3) آلاف جنيه للباكت (10) كيلو، كما قفز رطل شاي الغزالتين من (800) إلى (1000) جنيه، والصلصة لـ(450) جنيه للعبوة.
وقال الخبيرالاقتصادي د.هيثم فتحي لـ(السوداني) إن ارتفاع الدولار لهذا المستوى بالسوق الموازي رغم توحيد سعرالصرف يضر بجميع المستوردين والاسواق الداخلية والمواطنين لانسحاب الارتفاع على أسعار السلع داخليا،وعلى الاقتصاد بالبلاد،ويؤدي لارتفاع أكبر بكثير في معدلات التضخم،داعيا الحكومة لدعم القطاعين الزراعي والصناعي بخفض الضرائب المفروضة عليهما،وتقديم التسهيلات لتشجيع المنتجين وتامين حرية انسياب السلع داخل حدود الدولة دون قيود وتشجيع القطاع الخاص المنتج في الزراعة والصناعة ، وتوفير كافة الشروط التي تزيد من قدرته التنافسية وزيادة إنتاج السلع التي تلبي الاحتياجات الأساسية للمواطن من غذاء وكساء، وتمكينه من إنتاج هذه السلع بتكلفة أقل. وأن تشمل الإجراءات الهادفة لتشجيعه بدون تقييد على استيراد السلع والخدمات المماثلة والبديلة للإنتاج المحلي، وتوفيرالمحروقات والطاقة الكهربائية بأسعار تمكن المنتجين من خفض تكاليف الإنتاج وتحقيق وفورات. وكذلك خفض الضرائب ومنع الازدواج الضريبي في المركز والولايات والمحليات المفروضة على المنتجين وخلق البيئة الاستثمارية الملائمة للمستثمرين.
ورفض هيثم تبرير تنامي الطلب على الدولار لغرض الاستيراد وإنما للطلب الداخلي للحفاظ على قيمة المدخرات، مؤكداً تسبب المضاربات في الدولار في تشويش العرض والطلب، وتدفع بالمواطنين للجوء للدولار باعتباره ملاذاً آمناً لمدخراتهم لسهولة الحصول عليه وبيعه.
ودعا مصدر مصرفي تحدث لـ(السوداني) لإنهاء ظاهرة الدولرة في الاقتصاد، بإعلان وزارة العدل السودانية وبشكل واضح عدم قبول أي عقود لشراء وبيع للسلع وتقديم الخدمات لا تتم بالعملة الوطنية واعتبارها غير قانونية ومخالفة للائحة التعامل بالنقد الأجنبي كعقود إيجار الشقق وتأجير السيارات وبيع تذاكر السفر بالدولار وأي مبيعات للعقارات وخلافها لأن عددا كبيرا من المتعاملين في سوق النقد الأجنبي يقومون باستخدام العملة للتخزين ما يخلق طلبا مضاعفا يؤثر سلبا على حركة سعرالصرف ويؤدي للقفز به لهذا النحو (485) جنيهاً ، ما يتطلب مراجعة القوانين والتشريعات وتشديد العقوبة على المخالفين.
وأشار إلى ضرورة قيام الوحدات الحكومية المختلفة بالجهود اللازمة خاصة وزارة المالية بتحقيق الانضباط المالي وزيادة الإيرادات وتقليل المصروفات وتحجيم عجز الموازنة العامة، ووزارة التجارة باصدار سياسات خارجية جديدة تتناسب والمرحلة لتحجيم العجز التجاري وهذا يتطلب فرض رسوم جمركية على بعض السلع غير الضرورية كـ(النبق الفارسي ولعب الأطفال) وزيادة رسوم جمركية عالية كـ(السيارات) وإعفاء عدد من السلع بشكل كامل من الرسوم الجمركية كـ(الأغذية والعدس وزيوت الطعام)، فضلا عن ضرورة تشجيع الصادرات وفتح أسواق خارجية.