* كشفت مجلة فورين بوليسى (Foreign Policy) الامريكية في تقرير نشرته على موقعها في الإنترنت قبل ثلاثة ايام ( 11 سبتمبر 2020)، أن وزير الخارجية الأمريكي (مايك بومبيو) قام خلال زيارته الى السودان بابتزاز رئيس الوزراء الدكتور (عبدالله حمدوك) طالبا منه خلال وجودهما معا، أن يجرى اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) كبادرة على استعداد السودان لتطبيع علاقته مع إسرائيل، مبررا الطلب بأنه سيسهل عليه إقناع الكونجرس برفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للإرهاب، إلا أن الدكتور حمدوك اعتذر عن إجراء الاتصال قائلا ان التفويض الممنوح له لا يشمل التطبيع مع اسرائيل مذكرا الوزير بالتزام الادارة الامريكية برفع اسم السودان من القائمة!
* يقول التقرير الذي اعده (روبى قرامر، كولوم لينش وجاك ديتسك)، بأن الهدف الرئيسي لزيارة بومبيو للخرطوم لم يكن بحث العلاقات السودانية الأمريكية، أو العقوبات المفروضة على السودان أو التحول الديمقراطي الذي حدث بعد سقوط النظام البائد، وإنما الضغط على السودان لتطبيع علاقاته بإسرائيل.
* لا يندهش المرء بالطبع من هذا التصرف الأمريكي الوقح الذى لا يقل فداحة عن جرائم الابتزاز التي يرتكبها عتاة المجرمين للحصول على مكاسب غير مشروعة من الاخرين باستغلال نقاط ضعفهم وهى جريمة يعاقب عليها القانون بأغلظ العقوبات، ولقد ظلت الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ الانفتاح الأمريكي على العالم في بداية القرن العشرين تمارس مثل هذه القذارة السياسية للحصول على مكاسب، وصلت الى قمتها في عهد الرئيس الحالي رجل الاعمال العنصري الفاسد (دونالد ترامب) الذى صعد الى كرسي الرئاسة في البيت الابيض بأصوات العنصريين البيض الذى يرفعون شعار سيادة اللون الابيض، وعندما يكون الإنسان عنصريا لا يتورع عن ممارسة أي نوع من الجرائم والموبقات والسلوكيات بلا وازع ديني أو أخلاقي أو إنساني أو أي وازع آخر، لذلك لم يكن مستبعدا على الاطلاق أن يمارس (بومبيو) جريمة الابتزاز على حمدوك مستغلا الازمة الاقتصادية والمعيشية الحادة في السودان واستجابة السودان للطلبات الامريكية السابقة بدفع مئات الملايين من الدولارات كتعويض لأسر ضحايا المدمرة الامريكية (يو اس اس كول) التي تم تفجيرها بقارب مفخخ بواسطة انتحاريين ينتميان لمنظمة القاعدة، عندما كانت راسية في ميناء (عدن) بالبحر الاحمر في 12 اكتوبر، عام 2000 وأسفر الانفجار عن مقتل 17 بحارا وإصابة 37 آخرين!
* وبما أن النظام البائد فتح ابواب السودان لإقامة عدد كبير من الارهابيين خلال فترة التسعينيات ومنحهم جوازات سفر سودانية وكل التسهيلات المطلوبة لممارسة اعمالهم الارهابية، ومن بينهم رئيس منظمة القاعدة الإرهابي (أسامة بن لادن)، فلقد وقع عبء دفع التعويضات لأسر ضحايا المدمرة كول، بالإضافة الى تعويضات ضحايا تفجير سفارتي أمريكا بنيروبي ودار السلام في صيف عام 1998، على عاهل حكومة الفترة الانتقالية الذى وضعته ادارة الرئيس العنصري الفاسد (ترامب) كشرط لرفع اسم السودان من قائمة الارهاب، ولم يكن أمام الحكومة الانتقالية سوى الموافقة ليتمكن السودان من الانفتاح والتعاون مع المجتمع الدولي، رغم أن المسؤولية تقع على كاهل النظام البائد الذى اسقطه الشعب، وكان من المفترض أن تتعامل الإدارة الأمريكية مع السودان في عهده الجديد بشكل مختلف بدلا من استغلال ظروفه الصعبة وابتزازه بأسوأ ما يكون للحصول على مكاسب غير مشروعة، ومحاولة إبقاء العنصري المغرور في البيض الابيض لأربع سنوات اخرى بالضغط على السودان لإقامة علاقات مع اسرائيل !
* يجب علينا كشعب ممارسة ضغط مكثف على الادارة الامريكية بتنظيم وقفات احتجاجية امام سفارة امريكا في الخرطوم وكل سفاراتها في الخارج وامام البيت الابيض والكونجرس، خاصة مع الظروف الطبيعية الصعبة التي نمر بها وظروف الانتخابات الامريكية التي تريدها الادارة الامريكية ان تمر بدون متاعب، لتعرف أمريكا والعالم الجريمة البشعة التي يمارسها ترامب وادارته ضدنا ويفهموا أن الشعب السوداني لا يخضع للابتزاز والمساومات، وهو قادر على نيل حقوقه بكل عنوة واقتدار!
صحيفة الجريدة